الحريات الفردية بين إفراط المجيزين وتفريط المكفرين

بقلم: رحمة معتز (*)

عمدت الدولة المغربية إلى التصريح بدور المؤسسات الدينية، منذ اعتلاء الملك محمد السادس سدة الحكم، بحيث أصبحت تقوم بجملة من الإصلاحات في الشأن الديني، قصد إبراز استناد الدولة على مبدأ الاعتدال والوسطية ممثلا في ثلاثية ” عقد الأشعري و فقه مالك وطريقة الجنيد السالك ” كما هي مقررة في متن ابن عاشر ( ت: 1040هـ) رحمه الله. ومن المعلوم أن الإسلام دين الدولة الرسمي وأن المجتمع المغربي مجتمع مسلم في مجموعه، ومتدين بطبعه، ومتعايش مع غيره، كما جاء في تصدير دستور المملكة:” المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع، مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية، الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، و اليهودية و المسيحية، الغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعربية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوءِ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. وجاء في الفصل الأول من الدستور: أن نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية؛ يقوم على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة؛ تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي. وهي الأسس التي ينبني عليها المجتمع بأفراده ومؤسساته التشريعية والتنفيذية والدينية تحت إمارة المؤمنين من جهة والملكية الدستورية من جهة أخرى، وبمعية المنتظم الدولي في معاهداته وبروتوكولاته وقوانينه، التي صادقت عليها المملكة في حينها وصياغة قانونها الداخلي بما يلائمها على مستوى التنفيذ، وذلك بإحداث جملة من التعديلات والمقترحات لتساير هذه القوانين. وللإشارة، فإن الأمم المتحدة تعمل وفق المشترك الإنساني في عمومها ولا تعمل وفق خصوصية العقائد والأديان، وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى غياب التمثيلية الحقيقية للمناشدين باحترام الخصوصية الدينية للدول، وهي ثغرة لصالح غير المتدينين في العمل على تطبيق القانون الدولي وتفعيل مقتضياته في دولهم، الشيء الذي يجعل المتدين في غفلة من الأمر، وبدل المناشدة والعمل على اقتراح التعديلات داخل الأمم بقوة الاقتراح، يقوم بالتصدي لأي قانون أو اقتراح أو تعديل لما يخالف دينه وعقيدته، والحديث هنا يطول و يحتاج لتكاثف الجهود للخروج بحل متوافق عليه بين الجميع. إن الحديث عن الحريات الفردية قبولا و رفضا، ينضوي تحت مسمى حقوق الإنسان في عمومها وهي من الخاص في مضمونه و العام في شكله من خلال متعلقاته المجتمعية والكونية عموما. لا احد ينكر أن دين المملكة الذي هو الإسلام؛ كوني في تعاليمه محترم للإنسان في مسمى المشترك الإنساني، ومتضمن لكل متعلقات مسمى حقوق الإنسان في جملتها؛ كما هو واضح من مجموع الآيات والأحاديث التي تغني عن أي دفاع أو دليل في هذا الصدد. منها؛ قوله عز و جل:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ ( الأنبياء:107 )، وقوله أيضا:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ( سبأ: 28) وقوله سبحانه:﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ (الإسراء:70 ) إلى غير ذلك من النصوص الشرعية المفعمة بالدلالة على حقوق الإنسان. ويكفي للتأكد من صحة هذا الملحظ الحقوقي؛ قوله تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}الإسراء:70،.مراجعة ما نصت عليه وثيقة المدينة من معالم التعايش بين المسلمين وغيرهم، ومما جاء فها:” أن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم”، وهذا مجرد أنموذج بسيط للدلالة على اهتمام التشريع الإسلامي بموضوع الحقوق والمشترك الانساني. إن دعوى احترام الحريات الفردية وإثارة زوبعة حقوقية وعرفية ودينية بشأنها هو مما يدل على فهم مغلوط للنص التشريعي سواء الديني أو القانوني، فالقوانين المسيرة للمجتمع المغربي تخضع للمؤسسات التشريعية و تبقى بعض جزئياتها من اختصاص المؤسسة الدينية متمثلة في المجلس العلمي الأعلى، وهذه الدعوى على شاكلة غيرها من الدعاوى التي يُتهم فيها الإسلام بالتحجير وأهله بالرجعية والظلامية. و هي دعوى تستند على الكونية القوانين و تعتمد المشترك الإنساني بغية تحرير الفرد من قيود المجتمع و تدعم حريته الفردية، فدعاتها يُغفلون خصوصية المجتمع و طبيعة الحلول المناسبة له وسبل تنزيلها، مما يجعلنا نطرح جملة من التساؤلات: * هل يحق لأي فرد الدعوة لتعميم حق أو حرية ما على أي مجتمع دون استشارته ومعرفة موقفه منها قبولا أو ردا ؟ * هل يحق لأي فرد باسم مؤسسة ما إلغاء باقي مكونات المجتمع بأي قرار أو اقتراح ما ؟ * هل يحق لأي فرد أن يصدر أحكاما جزافية بالفسق والكفر في حق المخالف له أو المعارض لمعتقده ؟ *هل تحل مشاكل المجتمع بنسف أحكامه الدينية وقيمه وأعرافه بدعوى إيجاد حلول لما عمت به البلوى من مشاكل ؟ *لماذا تغيب المؤسسة الدينية عن تناول الأمر منذ الدعوى له ؟ هل التشبث بالقوانين أو إلغاؤها هو سبيل الحلول الجذرية لمعاناة المجتمع ؟ تساؤلات تثار بعد كل المعارك اللفظية التي أسهمت فيها وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال جس نبض المجتمع فيما يتعلق بقبول أو رد تلك الدعوة. لقد كانت تصريحات النائب البرلماني” عمر بلافريج ” الداعي لإلغاء تجريم الحريات الفردية من موقعه السياسي، حيث تقدم بمقترح للتصويت عليه في البرلمان، مفاده الغاء القوانين المجرمة لكل ما يتعلق بالعلاقات الجنسية الرضائية والمثلية الجنسية والإجهاض والخيانة الزوجية، وما طرحه يحتاج إلى المراجعة والتوضيح ليس من قبله فقط؛ بل ومن قبل المخالفين له أيضا بعيدا عن الاكتفاء ببطاقة إخراجه من الملة بالتكفير و التفسيق ونعته بنعوت أقل ما يقال عنها أنها بعيدة كل البعد عن الهدي النبوي في التعامل مع المخالفين، وعن مقتضيات دولة التعايش مع غير المسلمين ما بالنا المخالفين من اهل الدين. إن الحديث في موضوع الحريات ليس بالسهل و لا مما ينبغي السكوت عنه من الأفراد ولا من المؤسسات، بل يجب على الجميع أن يدلوا بدلوه، فهي دعوى إلى الانفلات الأخلاقي وتفسيخ المجتمع وغير ذلك من المفاسد المتوقعة. لا أحد ينكر أن لكل فرد الحرية في قول وفعل ما يشاء كما هو مقرر دستوريا في الفصل 28 ” للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون”. و لا احد يغفل أن نواة المجتمع الأسرة وهي عماده وقوامه، فبدل الحديث عن إلغاء أو تجريم أو إقرار هذه الممارسات أو تلك كان الأولى أن تجلس كل الأطياف الفكرية إلى طاولة النقاش دون إغفال منطلقات المملكة، المستندة إلى الشريعة الإسلامية وإمارة المؤمنين، بحيث لا تتنكر لما أقره الدستور وهو أن الإسلام دين المملكة كما اشير لذلك في الدستور: الديانة الرسمية الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، و ليس القانون وحده، و جاء في الفصل 175، أن أحكام لا تعدل، لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة، وبالاختيار الديمقراطي للأمة، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، و في الفصل 41:”سلطات رئيس الدولة الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، يرأس الملك، أمير المؤمنين، المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه، و يعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا، في شأن المسائل المحالة إليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة، تحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير، يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل. فان كان المجتمع فيه كل المخالفات برمتها لا يبيح لنا أن نسن قوانين او نلغي حسب أهوائها و قناعاتنا، فالأولى علاج مكامن المشكل في اطارها الشرعي و القانوني، أيا كانت هذه الدعاوى خصوصا دعوة الحريات الفردية و التي منها: العلاقات الجنسية الرضائية- خارج إطارها قانوني<الزنا>: يعد الحديث عن العلاقات الجنسية و الممارسة الجنسية بين راشدين على حد تعبير الداعي لعدم التجريم، شان لا علاقة للدولة به و لا تتدخل فيه، عكس ما يقع للأطفال والقاصرين من ضرورة التشديد في العقوبات، لنقل ان المجتمع لا يعيش المثالية في الامر وتوجد ممارسات جنسية خارج الاطار القانوني والشرعي أيضا، و معالجتها لا تكون بعدم التجريم، فلنقل ان الفعل بسبب الحاجة البشرية للأخر في اشباع رغبته، التي نهى النص الشرعي عنها، و هي ما يسمى بالزنا بدون تلاعب بالمصطلحات يقول عز و جل:{ وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلاً}، الاسراء 32، اشارة الى الابتعاد عن الاقتراب ومخالطة الاسباب والدواعي و الابتعاد عن طرقها و مسالكها، فهي معلومة العواقب والمجتمع الحالي يئن من مشاكل العلاقات الرضائية المجرمة و منها: *ابناء الشوارع، والاجهاض و وفاة النساء و الامراض بأشكالها والنفسية والعنف وانفلات العلاقات الزوجية و غياب الكرامة الانسانية تشيئ المرأة خصوصا، وهي ظاهرة لا تخفى على أحد و لا يمكن لاحد انكارها . *الاجهاض: وهو المشروع المسكوت عنه كما يسمى في أوساط المطالبين بإيجازه من الحكومة، و تقدر الإحصائيات بحوالي 800 حالة يوميا، لا أحد ينكر أن المجتمع فيه ممارسات لا يخلو منها مجتمع ينتج عنها حمل، و يكون الاجهاض هو الوجهة للحل عند كثيرين من أهله، هنا يلزم البحث في اسباب النتيجة لا أن يبحث في إزالة بفعل يجرمه القانون، ويرفضه الدين ويتستر عنه الفاعلون، ويخفق بنفسية وحياة المرأة في أحوال عدة. كوفاة المجهضة في ظروف غامضة غالبا، اما بسبب مواد بدائية او بأمراض ناتجة عن عملية الاجهاض المقامة في ظروف غير صحية، أو القتل من العائلات لعدم تقبل الأمر وهو امر وارد في مجتمعات بعقلية ذكورية لا تقبل ممارسات من هذا النوع. و نجد ايضا الامهات عازبات: إحصائيات خاصة بـ 2016م، أنجزتها جمعية “إنصاف”،بلغ عدد الأمهات العازبات، اللواتي توافدن على مقر الجمعية 4282 أما عازبة، من بينهن 594 أما عازبة جديدة، كما وقفت الجمعية أن222 أما عازبة حلت بالجمعية رفقة أطفالهن، في حين 168 قدمن وهن حوامل. وهي نتائج الى جانب الزام العائلات بتحمل سبة اجتماعية لا يد لها فيها سوى ممارسة رضائية على حد قولهم، وتلزمهم تحمل تبعاتها السلبية كإلحاق فرد لها بدون ضوابط عرفية أو اجتماعية، حالات عدة كانت وفاة الوالدين او أحدهما او اصابتهم بأمراض بسب الصدمة او دخول أحد الافراد للسجن بدعوى مسح العار. هذا وغيره من نتائج العلاقات الرضائية المجرمة حاليا فكيف بالمجتمع حين يلغى التجريم، و كيف بحال المجتمع في المجاهرة و عدم التجريم، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: “ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها”. أحكام الزنا معلومة العواقب و النتائج الذاتية والموضوعية للطرفين معا، فكان الجدير بالذكر من المطالب ان يراجع المشكل في اسبابه وتجلياتها و لا ينطلق من كون الممارسة الرضائية لها اسبابه و هل يبيح للممارسين الالتزام العرفي بينها مادام حدد الامر في الارادة و الرضى فما العمل حين تصير الامراض منتشرة اكثر مما هي عليه الان بالتجريم و ما العمل بما ينتج من حمل فتصير العلاقة الرضائية كارثة على المرأة اكثر من الرجل فتحطم احلامها و مستقبلها بدل ان تعيش حياتها الجنسية وتشبع رغبتها حسب الطرح تصبح ام عازبة تطرق ابواب السعي و سبل العيش في اسوء حالاتها و لكم في احصائيات الوزارة الكفاية من أي اطناب.

المثلية الجنسية: من معلوم أنها من المشاكل المسكوت عنها والتي يغض عنها أهل القانون والسياسة والدين الطرف إما تجاهلا أو عمدا، في حين كان الأولى أن تكون محاولات جادة في تقديم كل المساعدات الطبية والنفسية والمالية و غيرها لهذه الفئة، فهي تعيش في مجتمع يقبلها في السر وينكرها في العلن* تناقض*،و هي مما لا ينازع احد في حرمتها ، و يبقى الخلاف في العقوبة المترتبة عنها، حالات عدة تحتاج التقويم النفسي والمجتمعي، بدل أن يفتح الباب على مصراعيه فيكون بذلك خراب التركيبة الاجتماعية و فساد للنوع البشر، فلم يخل زمن من المثليين و لم تخل التوجيهات الربانية و المجتمعية في الامر، و لصعوبة الامر فقد ذكرت تصريحا في اكثر من عشرة مواضع في القران الكريم،{وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}، الاعراف 80/81، قال تعالى ايضا:{إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ، وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}، العنكبوت:35، و جاء في سورة هود:{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} ،هود:82-83. وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:” مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ، وَمَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ، رواه احمد، و عن بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ:”ضَرَبَ وَغَرَّبَ، و أن أبا بكر رضي الله عنه، ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وأن عمر:” الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ”، رواه البخاري. إن الحديث عن المثلية يستوجب تكاثف الجهود في تناول الامر ، فالطرفين معا، لهم توجه نفسي و طبيعة نفسية مخالفة للمعتاد لدى الطبيعة البشرية السليمة، و هي كالتالي: التوجه الجنسي “Orientation Sexual :”. – اضطراب الهوية الجنسية “GID – Disorder Identity Gender : – المثلية الجنسية Homosexuality :. – الميل الجنسي: الثنائي Bisexuality ، وهي تستدعي التدخل الطبي والنفسي والقانوني وبعدها البعد الفقهي الشمولي، فالأصل إيجاد أطراف متكاملة برؤية اجتهادية مستندة على ما يوفره الواقع من تطورات طبية سانحة للاستيفاء كل الممكن الطبي و النفسي و الحلول المعمول بها في سير الصحابة رضي الله عنهم، دون أن يسكت عن الأمر وكان الدين عاجز عن تناول فرد أو افراد من المجتمع لأمر ما مخالف للطبيعة. فان تبث اختلاف الفقهاء و الصحابة في العقوبة الملزمة لهم كن الاولى ان يناقش وضعهم وفق المستجدات الطبية و استيفاء المعلوم التعزيرات المباحة ل ان يبدا بالحد قيسا على قوم لوط و فعل احد الصحابة. الخيانة الزوجية: الحياة الزوجية ميثاق غليظ بين شخصين من أجل تكوين أسرة تكون نواة للمجتمع وفق مقاصد حباها الله و اهداف متوخاة من ذلك، إحصان للفرج و بغية تربية أجيال ومحافظة على النسل و النوع البشري، قال تعالى:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}،سورة النحل:80، و قال ﷺ:”يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج”، و:”وفي بضع أحدكم صدقة، فقال أحدهم: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر على ذلك، فقال: نعم، أرأيت إن كان في حرام هل عليه معصية”رواه مسلم. كما حث الشارع الحكيم على حسن المعاشرة لقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}،سورة الرّوم:21، وجاء في دستور المملكة، الفصل:3،الحق في الزواج: الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع. و هذه الادلة تدل كمثيلاتها على انها علاقة قائمة على ضوابط دينية وعرفية وقانونية مدعمة لها ومحصنة لاستمرارها وفق متطلبات طرفين العلاقة، فهي تكون على أسس الثقة و الوفاء و السكينة ، إذ نجد أن أي خلل يصيب هذه العلاقة من شأنه أن يزال بالمنصوص عليها في الشرع ومدونة الاسرة، فكانت قوانين تقنن كل حركة من الطرفين، وحين يشوبها خلل يوصف الطلاق بأنواعه للحد فيها و ما تقتضيه المرحلة التالية، و ان الاخلال بالعلاقة الزوجية يعالج، الا ان ما سمية بالخيانة وهي عملية ضامنة لعلاقة الرضائية داخل إطار أصلي هو علاقة الزواج القائمة. فإن أزيل التجريم كما وصف المطالب بإلغاء التجريم، وكان النضال على هذا الأساس، ألم يكن الأولى البحث في أسباب الموجبة لهذه الخيانة وما الدواعي الذاتية و الموضوعية للخائن لعهد و المخل بميثاق الزوجية. ان الخيانة من الطرفين تكون اما للفقر وبحثا عن حب او اشباع رغبة غالبا ونادرا ما تكون عن هوى. ان غياب الكفاية من العلم و العمل و التكافؤ الباءة التي أشير إليها في الحديث النبوي، حري باجتثاث فكر التزويج للفتيات القاصرات خصوصا واجتثاث ان مصير النبات بيت الزوجية و اجتثاث عقيلة اتحمل عبء البنت في اسر تبحث عن أي فرصة للتخلص من هذا العار. أن توفير تعليم للفتيات في ظروف مساعدة و الحد من الهدر المدرسي و ترشيد حياة الفتاة في العوائل أيا كانت مكانتهن، والحد من العضل في التزويج، و تكوين المقبلين على الزواج، و متابعة الدولة لهذين الزوجين، و منح القيمة النفسية للفتاة خصوصا. ومن الناحية القانونية فنجد ما يروج من حقوق للمرأة أو الرجل وواجبات بعد الطلاق، تبقي الاسرة قائمة شكلا و الخيانة من الطرفين مضمونا، ناهيك عن العرف والنظرة ال مسطرة التطليق سبيل إلى الأسري النظرة احتقار للمطلقة خصوصا صورة من صلها اسبابها في الاسر اما المادية و المعنوية و المتحكم فيها العرف الذكوري للتزويج والمنكر للتطليق، أيا كانت فهي تلزم الزوجين على إبقاء اسرة متماسكة في شكلها الاجتماعي متفككة في عمقها، تحتاج مكونات المجتمع الى تصحيح الاعراف و العيش على اصول و قوانين تناسب المجتمع المتدين في شكله العام و لا تخضع لمبادرات الفردية أيا كانت القناعات. تعمل الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها. هذه الممارسات و غيرها مما دافع عنه البرلماني، و لعله أراد بذلك منح حل سحري لمشاكل ينبض بها المجتمع، و كان الأولى أن يبحث في قوانين تحفظ كرامة المواطن في عيشه وعمله و صحته و مسكنه و تعليمه. فلا نظن أن تزويج القاصرات وبالعضل سيكون خيرا لفتاة يكبرها زوج بعقود سبيل لبحثها عن الحب و الجنس بعد سنوات قليلة من الزواج، و لا نظن ان البحث عن توفير فرص عمل تليق بالمرء سيكون معرض لامتهان الدعارة او الحمل بدون ميثاق الزواج و في كرامة نفسية و جسدية يرضى عنها في السر و العلن. فهذه الدعوة ان استند فيها على قناعاته الشخصية و رؤيته النابعة في ايجاد حلول و اقتراحها من موقعه السياسي: هذا ما يمكن ان يراجع في تصريح المفرط في الغاء التجريم وان صد و كانت دعاوى للرد عليه خلت من المنهج النبوي في تناول الطرح و جواره أو جداله، كان لاخراج بطاقات التكفير اليسر و الحل الاوحد و السريع، و تتوالى دعاوى التكفير في كل راي بدا يقينا او شكلا انه مخالف للشريعة الاسلامية ، و تاتي الايام الحياة بلقاء بين هؤلاء و كان شيئا لم يقu و لخطورة التكفير في ظل دولة المؤسسات و دولة التعايش مع غير المسلمين، اشارة منا الا هذه الخطورة بتعريج عن التكفير لمن يجوز و ما هي ضوابطه ولاحد ان يكفر في ظل بيعة لا مير المؤمنين. فإن صرح في ظل الحق و القانون، فكل المرء يؤخذ من قوله و يرد كما قال مالك رضي الله عنه صاحب المذهب الفقهي التي تتبناه الدولة، و هو نفسه لا يبيح لأهل “بطاقات التكفير” و اخراج الناس من الملة لأي قول أو فعل بدون ضوابط يعلم العلماء و مارسها الفقهاء بحرص شديد، فالأولى النقاش و الحوار و لا نحسب الامر هينا و سهلا، لأي دعوة تقال في مجتمع تقوده الدولة بمؤسساتها الدينية بدءا من المسجد إلى المجلس العلمي الأعلى، سيكون لها رد و توضيح يبقي للمجتمع حياءه و أخلاقه و إسلامه أيا كانت المخالفات والممارسات التي يدافع عنها بإلغاء أو إبقاء التجريم، بدل البحث عن حلول لأسبابها ومسبباتها. التفريط في التكفير: من المعلوم ان التكفير من مباحث العقيدة التي توخى العلماء الحرص الشديد فيها ومذهب أهل السنة وسط بين من يقول: لا نكفر من أهل القبلة أحداً، وبين من يكفر المسلم بكل ذنب دون النظر إلى توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه، يطلقون التكفير على العموم مثل قولهم: من استحل ما هو معلوم من الدين بالضرورة كفر، فنجد احاديث محذرة من تكفير المسلم قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما”، وهذا الحديث من أبرز الاحاديث المحذرة من التكفير و جاء في القول مفصل من لدن العلماء منذ الرعيل الاول، قال الامام مالك رضي الله عنه قال: ولا يكفر كفرا مخرجا من الملة من قال لأخيه يا كافر، فالتكفير مما يطلق على العموم فيكون له أحكام و ضوابط ومما يقال للمعين أيضا يلزم التدقيق، يطلقون التكفير بالعموم، وكذلك الوعيد ولكن الحكم على المعين بالكفر والوعيد لابد فيه من الدقة والاحتياط للتأكد من توفر الشروط وانتفاء الموانع قال :الامام مالك رضي الله: ولا يكفر كفرا مخرجا من الملة من قال لأخيه يا كافر. إذ نجد آيات في التنبيه مما هو اقل درجة مثل التفسيق قوله الله عز وجل:{وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ}،(الحجرات: 11). فالتكفير له أحكام و ضوابط يلزم التدقيق، و غالبا يطلقون التكفير بالعموم، وكذلك الوعيد يلزمه الدقة والاحتياط للتأكد من توفر الشروط وانتفاء الموانع، و ذلك تجلى في منهجهم الحرص والحذر من التصريح، كقولهم: قوله قول كفر أو فعله فعل كفر و هي من عبارات كتب النوازل خصوصا. فهذا إن دل يدل على خطورة الأمر وعدم التساهل فيه من القائل والمقيل له، فيقال: ملعون أو مستحق للنار لإمكان التوبة، أو الحسنات الماحية أو المصائب المكفرة وغيرها من مكفرات الذنوب، وهذا منهج نبوي في الحوار والتدقيق في أي مسألة عرضت عليه صلى اله عليه و سلم، بغية فهم المراد وتليه مرحلة التوبة و حتى الردة و احكامها مما عالجها المجلس العلمي بضوابط و اليه لتفعيل حكمها، اذا قيل عند مرتد. هذا ولا ننهج منهج الفكر المتطرف الإقصائي القائم على إطلاق عنان التكفير للحكام والمحكومين بغية تضليل الامم عن الدين الحق، ولا يخفى على أحد أن المجتمع المغربي لا يزال يعاني من إفراط المكفرين في تصريحاتهم وتكفريهم لكل مخالف، وكأنهم يوزعون صكوك الغفران للمؤيدين و الموالين و صكوك الاخراج من الملة للمخالفين بالتكفير والتفسيق، الشيء الذي يستدعي التدخل الحاسم من المؤسسات الدينية في الأمر و لا تفسح المجال لكل مكفر أن يكفر من يشاء و كيف يشاء ومتى شاء. نقاش مجتمعي يمس الدولة في مؤسساتها القانونية والدينية والمجتمع في تدينه تدور رحاها عن التكفير و التشهير ببطاقات التكفير كاسهل طريقة لسد باب الحوار و النقاش من اجل ايجاد حلول علمية و عملية لمشاكل المجتمع، برؤية شمولية للواقع المعيش لتنزيل النص القانوني او الشرعي وفق ما يلزمه ذلك من أهل التخصص خاصة ، بغية ترشيد الحياة المجتمعية للخروج من مشاكل بحلول عملية جادة لا تثقل كاهله بنوعية جديدة من المشاكل في النوع و الماهية، و تضارب الاوقال من الطرفين ما هو الا تضليل لما تحمله الشريعة الإسلامية من قيم شاملة للإنسان في حقوقه و واجباته.

(*) باحثة في الاجتهاد المعاصر وفقه الواقع ومهتمة بقضايا التطرف والتكفير

اترك رد