الملك محمد السادس يهيئ شعبه لمرحلة جديدة لا تقبل الأخطاء لنقل البلاد من مغرب الريع إلى مغرب التنمية والعدالة المجالية

بالواضح – سعد ناصر

من بين النقاط التي تستأثر بالاهتمام أن الخطاب الملكي بمناسبة ثورة الملك والشعب “خطاب أبوي”، لاسيما عند الحديث عن التكوين المهني والتأهيل لسوق الشغل واعتبار أن شهادة الباكالورويا والدراسة الجامعية غير كافية ما لم يكن هناك تكوين مهني. الخطاب يكرس بجلاء لمفهوم الملكية المواطنة، تقرب التواصل أكثر بين الملك والشعب، كما أن الملك محمد السادس، من جهة اخرى أراد أن يهمس في أذن شعبه و”يهيئ له على مضض” لمرحلة دقيقة “لا تقبل التردد أو الاخطاء”، معتبرا في الوقت نفسه بأن المسؤولية مشتركة، وينبغي الوصول إلى حلول حقيقية للمشاكل التي تُعيق التنمية بالبلاد، بل زاد على ذلك بأن كاشف شعبه بالإقرار بوجود أخطاء شابت مسار حكمه، وينبغي استلهام الدروس منها، إضافة إلى ضرورة التحلي بالشجاعة اللازمة وعدم الخجل من نقاط الضعف.

سعد ناصر مدير نشر موقع “بالواضح”

الحاصل من كل هذا أن المغرب مقبل على مرحلة مفصلية بين مغرب الريع ومغرب تنموي بمناخ يحتاج إلى تظافر الجهود لتنظيفه من اجواء الفساد، من خلال النموذج التنموي الجديد الشامل. كما أنه لا يمكن القطع مع مغرب الريع الا بثورة جديدة وحقيقية بين الملك والشعب عبر التواصل الجديد الذي أسس له الملك محمد السادس من خلال الملكية المواطنة.

بعد خطاب العرش بثلاثة أسابيع يأتي الملك محمد السادس من خلال خطاب الثورة، للحديث مجددا وبإصرار، بلهجة تحدّ وجدية، عن مواصفات النموذج التنموي الجديد الذي قرر تشكيلها في غضون الدخول السياسي الجديد، توازيا مع تكليفه رئيسَ الحكومة سعد الدين العثماني لإيجاد أسماء جديدة لكفاءات حقيقية قادرة على تحمل ركوب هذا التحدي، وقيادة هذا الواقع الجديد بمنطق العدالة المجالية والانكباب على تصحيح الاختلالات الإدارية وإيجاد الكفاءات المؤهلة على المستوى الجهوي والمحلي لرفع تحديات المرحلة الجديدة.

يبدو إذن واضحا أنه من خلال لهجة الخطاب الملكي الصريحة والجادة والطموحة، فإن البلد بصدد “إصلاح بنيوي” يتطلب تظافر الجهود بين العرش والشعب، حيث إن المرور من مغرب الريع إلى مغرب التنمية والعدالة المجالية، بمثابة حرب على الفساد والثقافة التي تعششت فيه على مدى عقود خلت.

ليس المهم التفكير بطبيعة أجرأة محاربة الفساد وتهيئة المناخ السليم للمغرب التنموي التي لا تضيع ثروته بين أياد خفية وأخرى غير خفية، سواء أكان ذلك عبر تعديل دستوري أو إجراء محاكمات أو إسقاط الحكومة وحل البرلمان، لكن الأهم استيعاب المرحلة بقدر لازم من الجدية والطموح، وعدم التهوين منها خاصة وأن الملك محمد السادس دعا شعبه إلى عدم التردد أو الأخطاء، للوصول إلى الهدف وإيجاد حلول للمشاكل التي تُعيق التنمية بالبلاد.

اترك رد