شكرا يا الله

بقلم: نجية الشياظمي

لن اقول شكرا كورونا، سأقول شكرا يا الله،
سنستفيد الكثير من هذه الازمة، سنتعلم ان بيوتنا هي مكاننا الطبيعي بدل المقاهي والمطاعم سنكتشف ان حضن الأسرة هو ادفأ حضن في العالم، حضن الأب و الأم، حيث ينام الأبناء ويحسون بالأمن والأمان، والحب والحنان، ستكتشف الأم أن ذلك الطعام البسيط الذي تحضره بيديها و بحبها أغنى واطيب واحلى أكل وغذاء لكل الاسرة. سيكتشف الأب ان الجلوس واللعب مع أبنائه اروع وامتع من الجلوس في المقهى ،و سيكتشف الأبناء ان الوقت الذي يمضونه بين حنان الأم و حرص الأب اجمل و أثمن من المكوث في اي مكان آخر، سيكتشف الجيران روعة اللقاء ولو عن بعد من شرفات المنازل ،سينسون كل ما كانوا يعتقدونه عن بعضهم البعض ،سيتناسون كل خلافاتهم ، وعن اي خلافات سنتكلم ونحن في هذه الظروف التي أصبحت فيها الحياة والصحة أهم شيء ، و أصبحت الدقيقة من العمر تساوي الكثير وهي التي كانت تمضي دون ان نحس بها وهي تمضي و تتفلت من اعمارنا، سيكتشف المدرسون كم من الأخطاء ارتكبوها مع أبنائهم التلاميذ ، سينتبهون الى ان هذه الطريقة في التعامل مع ذلك التلميذ كانت ستكون الافضل، وأن اللين واللطف أحيانا يعطي نتائج أفضل من القسوة والجفاء ، سيكتشف رب الاسرة كم التعب الذي تلاقيه زوجته كل يوم مع الأبناء ، سنكتشف الكثير من التفاصيل التي كنا غافلين عنها ،سنستيقظ من سبات طويل وعميق عشناه لسنين وربما طوال اعمارنا ،سبات تعودنا عليه حتى نسينا نعمة الصحة وراحة البال ، نعمة ان تحضن أعز الناس عليك دون أن تتوجس وتخاف من الإصابة بالمرض ،نعمة ان تزور أهلك و أحبابك متى شئت دون الشك ولو للحظة ان خروجك في هذا اليوم لزيارتهم قد يكون أسوء قرار تأخذه ،فلعلك تأخذ العدوى ، نعمة الاحساس بالأمن و الأمان لا الترقب و الخوف من الزمن، زمن أصبحنا نعد فيه عدد الإصابات بدل الدقائق والثواني ،نعمة المساجد و تسابق المصلين على الصفوف الأولى ، نعمة الجمعة و خطبتها و طقوسها، نعم كثيرة نسيانها لمجرد تعودنا عليها، شكرا يا الله لأنك اخرجتنا من غفلتنا من توهاننا لعلنا نستفيق ونستفيد وبعدها لا نعود ابدا لما كنا عليه ،لعل الضمائر تصحو ولعل الجميع يعلم ان الامن والامان والسلام والحياة أجمل و أثمن وأغلى من كل الأموال.

اترك رد