وما نستحضره في ذكرى حركة 20 فبراير؟

بقلم: الحسن لهمك

وما نستحضره في دكرى حركة 20 فبراير؟، وما مآل المسار الذي رسمته السياسة والفاعل السياسي لتوجهاتها؟يبقى التساؤل هنا حصريا ضمن مجموعة من التساؤلات محورها هذه الحركة التي شكلت منعطفا في التاريخ السياسي للمغرب.
بدءا نشير إلى أن هذه الحركة التي إستهوتني وأنخرط فيها طوعا ووعيا مني بصدقية أهدافها لأنها كانت صرخة تأوه شعبية معبرة عن الجرح العميق في جسد المجتمع المغربي الذي عانى ولا زال من سياسة التمويه وصراع الاديولجيات من أجل تبوء المراكز تحت غطاء تتبيت الركائز بعيدا عن تحقيق عدالة إجتماعية وسياسية .وما كان لي إلا أن أناصر وجه الحق الصادق والناطق بكرامة المواطن المغربي المحب لوطنه من أجل الوطن وعلى هدا العهد ساظل وأبقى.
وإن كانت هذه الحركة لم ترق إلى حركة بالمعنى الكامل والتام للكلمة بقدر ما كانت حراك مجموعة من شباب المغرب عبر وسائط التواصل الاجتماعي ، سيرا على نهج ما عرفته بعض الدول العربية ،جُوبه بنوع من الريبة والقلق من الفاعلين السياسين، بل بعض الهيئات سياسية أنكرته أو بالأحرى تنكرت له. لكن ما فتئ هذا الحراك أن ثبّت موقع قدمه كقوة شبابية، متجاوزا طوق الصمت والخوف الذي بسط مخالبه على ذهنية ونفسية المغربي.

   لقد كانت جرأة الشباب المغربي الفبرايري رغم غياب قاعدة تأطيرية محنكة، قوة جماهيرية موحدة النهج والمطالب شكلت ملحمة جماهيرية بصوت القوة الموحد جمع بين تيارات يسارية إسلامية ووسطية رغم قلتهم لكنها تمكنت من جمعهم في زمن ومكان واحد عجزت السياسة عنه دهرا طويلا ما دل على موضوعية مبادئها التي تنبع وتصب في هدف واحد وموحد

لكن النظام السياسي المغربي عرف كيف يدير المرحلة بنجاح وفطنة في إحتواء هذا الحراك وجاءت الاستجابة من أعلى سلطة في البلاد في غياب تام للهيئات السياسية التي فقدت حينها آخر رصيدها النضالي والتمثيلي للمواطن. فالخطاب تضمن حمولة فكرية نقدية جريئة لطريقة الإشتغال السياسي. فبقدر ما كان إستجابة لمطالب قديمة متجددة ظلت تطرح نفسها بإلحاح على قسم من الفاعل السياسي المغربي ومعه قسم أخر من المجتمع المدني التواق إلى التغيير وهيكلة بنية ديمقراطية صريحة .

كان دعوة للتجديد والترميم في نفس الآن. وكانت أول ثمرات الحراك الذي ساهم بقوة في تشكيل خريطة منهجية ديموقراطية جديدة إنطلاقا من صياغة دستور جديد رقى مؤسسة الحكومة ومنهج عملها .
فخطاب التاسع من مارس ، وعلى إختلاف الرؤى ،رأى فيه البعض وسيلة إحتواء ،والبعض الآخر مكسبا ثمينا، جعل كرة الثلج تتداعى و تذوب وبالخصوص بعد انسحاب أهم مسانديها، فتلاشت مكونات الحراك وانفصلت عرى روابطه، وهذا هو الحال الطبيعي لكل حراك خارج كل تنظيم أو وعاء يحتويه ويضمن إستمراريته. ولتلميع صورتها الباهتة لجأت بعض الهيئات السياسية- وبطبع خبث مكرها السياسي -الى إستقطاب أبرز رموز هذا الحراك خصوصا الإنتهازيين منهم، وإستثمار أرصدتها النضالية، ما ساهم في بعثرة أعضائها والقضاء على وجودها ودق آخر مسمار في نعشها.
إذا كان الإجماع قائما على موت الحركة، فإن روحها لازالت حاضرة في الشأن السياسي المغربي بمحاسن لا ينكرها حتى من جحدوا بمبادئها. وما مسلسل الإصلاحات رغم إخفاقها إلا محاولات لتفعيل مطالبها ولو في حد أدنى، وما الانفراج السياسي الحالي إلا جزء من ثمراتها التي مهدت لبناء جسور جديدة لاشراك الفاعل الجمعوي في صياغة السياسة العامة للبلاد واستحضار المجتمع المدني.
فالحراك شكل مرحلة فارقة في المسار السياسي المغربي واستطاع ترسيخ إستمرارية وجوده كحراك، وخلخلت الهيكل التقليدي لنظام ظل راقدا في سبات ونسي ركوب سفينة التغيير، أو كان في إنتظار الشروط الموضوعية وإشارات من اللاعب السياسي الشريك بعيدا عن كل طوباوية وأحلام لاواقعية.
بفضل الحراك رُسخ مفهوم ربط المسؤولية بالمحاسبة والديمقراطية التشاركية، ولعل المتتبع للشان السياسي لاحظ ان بعض الحصى بدأ يتساقط في برك الفساد الراكدة ،التي لم تكن تخشى رقيبا ولا حسيبا،لقد أطبقت أنياب المحاسبة تنشل الفاسد وتكنس الساحة الساسية من وحوشها.

اترك رد