الدولةالاجتماعية ومعانات المواطن البسيط مع النقل بين الرباط والنواحي؟

بقلم: عابيدي بوعزة

استقرت الدول الحديثة على أهمية الخدمة الاجتماعية من الصحة والتعليم والنقل وما إلى غير ذلك، بحيث تعتبر من ضمن أولويات الوظائف التي تشتغل عليها أجهزتها، ملزمة في ذلك بميثاق شرف مع مواطنيها، وتشرك هذا الأخير في اتخاذ القرارات التي تهمه من خلال اعتماد اليات الديمقراطية التشاركية، وقد نجد بعض الدول وخصوصا الدول الإسكندنافية منها نجد أن الفرد يسموا فوق الدولة ويعلوا عليها، تحقيق هذا الشرط يبقى مجرد حلم صعب تحقيقه خصوصا في دول العالم الثالث التي لم تستطيع التوفير لمواطنيها حتى أبسط الأليات المساعدة على العيش الكريم ومن بينها توفيرالنقل هذا الأخير أصبح من الأولويات الواجبة على الدولة توفيرها للمواطن البسيط، نجد أغلب المواطنين الذين يمتطون وسائل النقل العمومي يشتغلون 12 وما يزيد عنها هذا الأمر نجده يتنافى مع قوانين الشغل سواء الدولية أو الوطنية، عوض الحديث عن قانون الشغل ـ القانون الاجتماعي ـ ومدى احترامه من طرف الخواص، أصبحت مطالب ذلك المواطن البسيط أبسط مما نتصور متمثلة في توفير وسيلة نقل تحفظ كرامته، حتى يتسنى له أن يصل إلى مقر عمله في الوقت المناسب ولا يتعرض من طرف مشغله إلى العقوبة وإن تعدد التأخير سوف يجد نفسه ذلك المواطن البسيط معرض إلى الطرد التعسفي وعرضة إلى الشارع والضياع، فأمام هذا الوضع الذي يعيشه المواطن يوميا فهل ننتظر من هذا المواطن أن يغير على وطنه ويحس بوطنتيه ويشارك في الانتخابات وان ينخرط في الأحزاب السياسية لا أظن ذلك، فهو ينظر جميع الأحزاب السياسية على أنها مجرد دكاكين سياسية تقسم الغنيمة بين أفرادها والمقربين، خصوصا ما أشيع مؤخرا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الجرائد من استفادت بعض زعماء الأحزاب السياسية من معاشات استثنائية تصل 9 ملايين شهريا وأكثر من المال العام ومن جيوب دافعي الضرائب ومن بينهم طبعا ذلك المواطن البسيط الذي يستيقظ في الخامسةونصف صباحا كي يصل إلى مقر عمله مع السابعة وكما يقول المثل المغربي “لا لالة زينة وزادها نور الحمام” أمام هذه المعانات أضافت له الحكومة مساعدة تتمثل في الساعة الإضافية بحيث أصبح يخرج في نصف الليل ويدخل في نصف الليل، حسابيا يشتغل 12 من الخدمة الرسمية ويضيع ساعتين قبل الوصول الى مقر العمل وساعتين عند الانتهاء من العمل ورجوعه إلى منزله، ففي هذه الحالة وبعملية حسابية يصبح يشتغل 16 ساعة تبقى له 8 ساعات هذه الأخيرة هل يرتاح فيها أم يراقب فيها أبنائه ويسأل عن أحوالهم، غالبية المواطنين من هذا النوع لا يعرف في أي ساعة دخل أبنائه وفي أي ساعة خرجوا وأمام هذا الإهمال المتواصل، يخرج الابن ويزيغ عن السكة وخصوصا في فترة المراهقة ويصبح منحرفا في غياب المراقبة والعناية من طرف الأب فهل هذه هي الدولة الاجتماعية التي نحلم بها كمواطنين؟

وأمام هذا الوضع الذي تعانيه أغلب دول العالم الثالث، نجد أن الأستاذ والمفكر الكبير المصري المستشار طارق البشري كان دقيقا وصريحا حينما قال: “نحن نعلم أن الدولة وجهازها هي من يعبر عن الصالح الوطني العام للجماعة السياسية ويتخذ القرارات وينفذ ما يتراءى من سياسات محققة لهذا الصالح الوطني على المدى الاستراتيجي المتاح، ونعلم أيضا أنه إذا عجزت الدولة عن القيام بهذه الوظائف فهي تفقد وظيفتها التاريخية وتفقد شرعية قيامها بالسلطة إزاء شعبها، ويكون حقيقا بها أن تغير من تكويناتها بما ينصلح به حالها إن استطاعت أو أن تتيح للمبادرات الشعبية أن تقوم بما عجزت هي عن القيام به”.

أحد الطلبة بكلية الحقوق بالرباط يقطن بمدينة الصخيرات يحكي رحلته اليومية مع حافلات النقل العمومي “رحلتي في حافلات النقل العمومي كطالب في كلية الحقوق بالرباط اخرج لكي امتطي الحافلة التي تؤدي الى الكلية بثمن 4دراهم مقابل تقابلني العديد من الصعوبات منها طول انتظار الحافلة الذي يصل في بعد المرات الى ما فوق ساعة بعد ذالك تأتي الحافلة مكتظة بالناس حيث لا تجد حتى مكانك للوقوف فكيف بالجلوس و هذا في الاصل إن تم وقوف الحافلة لأنه في بعد المرات لا يقف في المحطات، الحافلة من الداخل مليئة بالسرقة فتيات يتعرضن يوميا للسرقة و بعد ذالك في نصف الطريق يصعد المراقب لكي يراقب الحافلة و يقوم بهذه العملية و الحافلة متوقفة لمدة 10 دقائق او اكثر و لا تتم مناقشتهم في هذا الأمر لانهم اناس جهلة معضمهم قضى ربع عمره في السجن و بعض المرات يمارسون العنف الشديد مع الضرب لبعض الاشخاص الذين لا تتوفر لديهم تذكرة بعد كل هذا العناء و الشقاء تصل الحافلة الى الكلية.اي علم سوف نتلقاه و كيف سنستفيد و نحن شاهدنا اهوال من المشاهد كل يوم. و الله مدة 5سنوات و انا اذهب في هذه الحافلة كل يوم يقع مثل هذه الاشياء و لا من يتحرك و لا من يتكلم فلا اجد في نفسي الى الحسرة و الدعاء على مثل هؤلاء الاشقياء بالعذاب الاليم في الدنيا والآخرة”.

وأمام هذا الوضع الكارثي الذي لم يسلم منه العجوز والشاب والطالب المتمثل في غياب مرفق النقل بمدينة الرباط ونواحيها وأغلب المدن الكبرى الدار البيضاء كذلك على سبيل المثال لا الحصر، ننتظر من الشركتين الفائزتين بصفقة النقل الحضري بمدينة الرباط النواحي الالتزام بتعهداتهاوبما جاءت به في دفتر التحملات المتمثلة في استثمارات تصل إلى 70 مليار سنتيم لإخراج القطاع من الوضع الكارثي الذي وصل إليه. والابتعاد عن الحلول الترقيعية، واستعمال حافلات تحفظ ماء وجه المواطن البسيط، واحترام مواعيد الانطلاق المحددة والوقوف في المحطات، وان لم تستطع التخفيض من ثمن التذكرة فما عليكم سوى الحفاظ على ثمنها العادي المحدد في 4 دراهم للرحلة، وما علينا كمواطنين هو الحفاظ على الحافلات من التخريب والضياع لأن من يمتطي تلك الحافلات بغض النظر عن أنا وأنت، فنجد أمي وأمك وقربي وقريبك.

فحسب ما هو مدرج في دفتر التحملات كان من المنتظر أن تشرع الشركة الجديدة في عملها مع بداية سنة 2019 من خلال حوالي 350 حافلة جديدة تتوافق مع المعايير الأروبية، إلى حد كتابة هذه السطور ونحن في منصف الشهر الثاني من سنة 2019 فلم تشرع الشركة في بداية عملها بالرغم من التزام عمدة الرباط والسلطات المحلية بكل التعهدات التي إتفقوا عليها من خلال توفير طريق خاصة لهم ومنع أصحاب طاكسيات الأجرة من اقتيادها إذن فما هو سبب هذا التأخير؟

اترك رد