امرأة بألف رجل

بقلم: بوعزة عابيدي

تعتبر المرأة عماد المجتمع و نصفه الاخر ان لم أجزم وأقول هي المجتمع كله، فهي الأم الحنون التي يقع على عاتقها مسؤولية تربية الأجيال، و هي الزوجة التي تدير البيت و تدبر اقتصادياته و تحفظ عرضه و تصون كرامته، وهي البنت البارة وهي الاخت الحنون، وهي الزميلة في الدراسة التي تنافست معنا منافسة شريفة على احتلال المراتب الأولى في حجرة القسم وفي مدرجات الجامعة، وهي المناضلة الشهمة التي دخلت معانا في الحلقيات بباب الكلية وأدلت برأيها واحترمناه إن كان صائبا واختلفنا معاها إن كانت مخطئة، وهي الزميلة في العمل،فمنها المعلمة و الطبيبة والمهندسة و المربية و المرشدة، كل هذا ينم عن الدور الذي تقوم به المرأة في بناء المجتمع.

لقد أصبح تقدم أي مجتمع مرتبط ارتباطا وثيقا بمدى تقدم النساء و قدرتهن على المشاركة في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، هذه التنمية التي تبقى مسؤولية كل مكونات المجتمع رجالا و نساءا، بحيث لا يمكن للمجتمع أن ينمو و يزدهر في غياب أو تهميش أحد مكوناته و هي المرأة.

المرأة المغربية ظلت دائما حاضرة في قلب دينامية الإصلاحات الدستورية و السياسية منذ حصول المغرب على الاستقلال، إلا أن هذه الدينامية شهدت حركة شبه بطيئة ظلت متأرجحة بين مؤيد و معارض لدخول المرأة المغربية حلبة الصراعات السياسية والتنموية جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، لكن بعد محاولة الاقصاء و التهميش بين الفينة والأخرى التي كانت تواجه المرأة المغربية لم تزدها إلا اصرارا و عزيمة على النضال حتى النصر تحت وطأة اكراهات الواقع التي حتمت على المرأة الخروج وتحقيق هدفها المنشود.

وقد عرف تاريخ 15 فبراير 2019، حدثا تاريخا يؤكد ما سبق الحديث عنه من قبل وتمثل هذا في توقيع اتفاقيتي شراكة بين عمالة إقليم سطات والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بسطات، ونجية نظير، سيدة أعمال مغربية تطوعت من مالها الخاص لبناء ثانوية تأهيلية وتأهيل وحدة مدرسية بدائرة ابن احمد الجنوبية.

وتهدف هاتين الاتفاقيتين، اللتين أشرف على توقيعهما عامل صاحب الجلالةبإقليم سطات، وقد وضع إطار للشراكة والتعاون بين الأطراف المتعاقدة بغية انجاز المشاريع الرامية الى الارتقاء بالتعليم في العالم القروي وتحسين من جودته وتوسيع قاعدته، وتروم الاتفاقية الأولى إلى انجاز ثانوية تأهيلية بها قسم داخلي بدائرة ابن أحمد ولن يحس بدور هذه الداخلية في الحد من نسبة الهدر المدرسي في كلا الجنسين وبنبسة أكثر في صفوف الفتاة إلى من قطع الكيلومترات على قدميه وفي أعز فترات الصيف والشتاء من أبناء البادية، اما الاتفاقية الثانية فتهم تأهيل وحدة مدرسية بنفس الجماعة من خلال بناء وإعادة بناء بعض الحجرات وترميم أخرى.

التاريخ يذكرنا كذلك أن سنة 859 ميلادية امرأة مغربية هي فاطمة الفهرية تقوم ببناء أول جامعة في العالم، جامعة القرويين بفاس، وفي وقت قريب عرفت مدينة وجدة تبرع سيدة تدعى فاطنة المدرسي من مالها الخاص من أجل بناء المدرسة الوطنية لتجارة والتسيير، وفي 15 فبراير 2019 تساهم نجية نظير بمالها الخاص من أجل تكوين الأجيال، الهدف الذي يجمع كل من فاطمة الفهرية وفاطنة المدرسي ونجية نظير هو المساهمة في تمويلمنشأت البحث العلمي والمساهمة في تكوين الأجيال، لكنما يختلف بينهما بالإضافة إلى الحقبة الزمنية والفارق الزمني الكبير بين كل من فاطمة الفهرية وفاطمة المدرسي ونجية نظير، هو ان هاتين الأخيرتين فاطمة المدرسي ونجية نظير ساهمتا في الجماعة الترابية التي ينتميان إليها، الأولى ساهمت في مدينة وجدة، والثانية بمدينة سطات، مع العلم أن هذا العمل من اختصاص الفاعل السياسي وبالخصوص الترابي، هذا الأخير عجز بالرغم من توفر الترسانة القانونية والسيولة المالية، وفي غالب الأحيان يرجع السبب في عدم خروج بعض المشاريع إلى حيز الوجود الى بعض الحسابات السياسية الضيقة بين أعضاء أغلب الجماعات الترابية بأصنافها الثلاث سواء كانت جهة؛ عمالة أو إقليم؛ جماعة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأغلب الجماعات الترابية تعاني من غياب السيولة المالية.

فاطنة المدرسي ونجية نظير اسمان حفرا في الذاكرة المغربية وسجلهما التاريخ، نظرا لمبادرتهما الطبية والتي جعلت هذفها الأساسي تكوين أجيال المستقبل والمساهمة في البحث العلمي، من أجل بناء هذا الوطن والنهوض به ولعل الجانب العلمي والتربوي هو أسمى وأفضل طريقة يختاره الانسان الذي يحب الخير لوطنه لاستهداف الناشئة، فالأولى تبرعت بمالها الخاص واختارت الجماعة الترابية التي تنمي إليها “وجدة” لبناء المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، والثانية اختارت الجماعة الترابية “سطات” وتحديدا أولاد فارس التي تنمي إليها كذلك وتبرعت بمالها الخاص من أجل بناء ثانوية تأهيلية بجميع مرافقها بما فيها قسم داخلي، وكما سبقت الإشارة إلى ذلك من فكليتهما استهدفتا المنطقة الترابية التي ينتميان إليها، أخذتا بعين الاعتبار النقص وحاجة المنطقة التي ينتميان إليها ترابيا، وكذا الصعوبات التي تواجه أبناء منطقتهما، من هنا نطرح سؤال عريض ألا يوجد بباقي المناطق المغرب الأخرى وخصوصا بالمنطقة الترابية التي أنتمي إليها نساء أو رجال من أمثال هؤلاء، فطالما تباهى البعض ممن لهم القدرة على فعل مثل هاته الأعمال بأشياء تافهة وحسابات سياسية ضيقة لا تخدم في شيء، فمنطقتنا زعير في حاجة ماسة الى أبنائها الذين لهم الغيرة الفعلية، ولهم القدرة على فعل شيء يساهم في تنميتها والنهوض بها خصوصا وأن أغلب الجماعات الترابية بمنطقتنا تعاني بسبب محدودية مواردها المالية، يا أصحاب المال ننتظر منكم التفاتة تترجم حبكم لمنطقتكم بعيدا عن الحسابات السياساوية الضيقة التي تساهم في تأخر المنطقة أكثر.

اترك رد