بروفيسور مغربي ينقذ البشرية من جراثيم تهددها بالفناء في لغز عجز عن حله العلماء

بينما يواصل عدنان رمال العمل بشغف على أبحاثه داخل جامعة سيدي محمد بن عبد الله في مدينة فاس المغربية، يستعد للتوجه، في يونيو/حزيران المقبل، إلى مدينة البندقية بإيطاليا، حيث رُشح لجائزة “المبتكر الأوروبي” عام 2017، لتطويره طريقة جديدة لتحسين مفعول المضادات الحيوية.

فالبروفيسور رمّال أستاذ علم الأحياء المغربي، نجح في تطوير عقار، يكافح التهديد المتزايد للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، التي تعتبر من أخطر التهديدات المحدقة بالصحة في العالم بالعصر الحديث.

لم تُغر العروض الكثيرة التي حصل عليها البروفيسور المغربي في فرنسا بالبقاء هناك، فأنهى الدراسات العليا في الإلكترو- فيزيولوجيا وعلم أدوية القلب والأوعية ونال دكتوراه في علم الأدوية الجزيئي من جامعة باريس، وعاد محمّلاً بأفكار وأبحاث إلى المغرب عام 1988، حيث بدأت مسيرته اللامعة في هذا المجال.

بداياته كانت في العمل مع باحثة أخرى، كانت تحاول الإجابة عن سؤال لطالما أثار فضوله “كيف يمكن إنشاء عائلة جديدة من الجزيئات، مثل المضادات الحيوية، غير قابلة لمقاومة الأدوية”.

وركز البروفيسور المغربي (55 عاماً) في هذه الأبحاث على المكونات النشطة المتواجدة في النباتات، وكيف يمكنها محاربة البكتيريا التي تتنامى في البشر. وقرر أن يخلط بين هذه الجزيئات الطبيعية والمضادات الحيوية، ليكتشف في النهاية بفضل هذا المزيج، أن البكتيريا ذات المقاومة المتعددة للأدوية، يمكنها أن تكون حساسة مجدداً.

بقي هذا الاكتشاف سراً حتى عام 2005، حينما وجد من يستطيع تمويل إبداعه الخاص بالبراءات بما يقرب من 5 ملايين درهم.

كثَّف بعدها من أبحاثه وتجاربه كما يقول “المختصون داخل المختبرات لطالما أخبروني بأني أعمل على شيء غير عادي”.

أكثر من 10 أعوام، ورمّال يطوّر من اكتشافه، حتى استطاع في نهاية 2015 إجراء أول اختباراته السريرية على مرضى التهابات المسالك البولية بمساعدة مختبرات “سوطيما” المغربية، التي وافقت على استثمار تحويل العنصر النشط الذي اكتشفه رمّال إلى دواء.

المكتب الأوروبي للبراءات، الذي يشرف على جائزة “المبتكر الأوروبي” التي قد تكون هذا العام من نصيب البروفيسور المغربي، يصف ابتكار رمّال بأنه يقدم أداة جديدة في مكافحة التهديد المتزايد للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.

عدنان رمّال طوّر عقاراً معززاً للمضادات الحيوية يستفيد من الخصائص الطبية الطبيعية للنباتات، إلى جانب قدرات المضادات الحيوية التقليدية على قتل الميكروبات. وقد تبيَّن أن هذا المزيج من المضادات الحيوية والزيوت الأساسية يكون أكثر فاعلية من أي من الاثنين إذا استعمل بمفرده.

واستخدم رمال خليطاً من الزيوت الأساسية والمضادات الحيوية لتطوير دواء جديد دخل في المراحل النهائية من التجارب السريرية، حيث من المتوقع أن يلج السوق في أواخر عام 2017.

مع العلم أن هذا المزيج محمي بموجب براءة اختراع منحها المكتب الأوروبي للبراءات في عام 2014.

وعلى هذا الأساس، تم ترشيح رمّال للجائزة في فئة “البلدان غير الأعضاء في المكتب الأوروبي للبراءات”. وسيتم الإعلان عن الفائزين في النسخة الـ12 من جائزة الابتكار السنوية للمكتب الأوروبي للبراءات، في حفل سيقام في مدينة البندقية بإيطاليا يوم 15 يونيو المقبل.

يذكر أن منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن عدد من الحكومات والجهات الفاعلة في الميدان الصحي، جعلت من إشكال المقاومة البكتيرية للأدوية أولوية قصوى، حيث يجعل بعده العالمي معالجته أمراً صعباً، وتسبب عدوى التهابات البكتيريا المقاومة للأدوية على الصعيد العالمي حوالي 700.000 حالة وفاة سنوياً، ويمكن أن يصل هذا الرقم إلى 10 ملايين حالة سنوياً، وذلك بحلول عام 2050، إذا لم يتم تطوير جيل جديد من المضادات الحيوية.

يصف اليوم رمّال ترشحه لهذه الجائزة بالمعجزة، باعتبار “أن من يصل إليها عادة ما يكون من جامعات أميركية كبرى أو شركات متعددة الجنسيات”.

لكنّ مساعيه لزرع بذور أبحاثه العلمية في المغرب، الذي كان يعتبر ضعيفاً في هذا المجال، قد نمت اليوم وأصبحت كما يحبّ أن يصفها رمّال “شجرة مثمرة ويانعة”.

وحصل البروفيسور المغربي أيضاً على اثنتين من براءات الاختراع الأوروبية الأخرى، التي تتضمن الزيوت الأساسية (إعداد مضاد للفطريات) وهي محور بحثه العلمي، وتركيبة لعلاج الطفيليات (وخاصة الملاريا المنجلية) لدى المرضى.

كما نال رمّال الدكتوراه الثانية في علم الأحياء المجهرية، وأسس شركة انطلاقة (ستارت آب) قدمت خلال عملها أربع براءات اختراع تتمحور حول خلط الزيوت الأساسية الطبيعية، حيث جذبت انتباه أحد المختبرات الصيدلية الرائدة في المغرب وغرب إفريقيا. وقد قام هذا المختبر باستثمارات مالية وتكنولوجية للمساعدة في ذلك.

كما حصد جائزة الابتكار الإفريقية لعام 2015 عن اختراعه لمكملة طبيعية للثروة الحيوانية، التي يتم إنتاجها أيضاً من الزيوت الأساسية (تحل أيضاً محل المضادات الحيوية).

وقد يحصد رمّال أكثر من ذلك، إذا ما تذكرنا مجدداً ما صرّح به جيم أونيل، الخبير الاقتصادي السابق ببنك جولدمان ساكس، بدفع مكافأة تتراوح بين مليار إلى 1.5مليار دولار مقابل أي مضاد حيوي جديد ناجع يتم طرحه في السوق.

وكانت تصريحات أونيل التي قالها، في مايو/أيار 2016، على خلفية مراجعة أجريت بطلب من الحكومة البريطانية، وخلُصت إلى أنه يتوجب على شركات الدواء أن توافق على “الدفع أو المشاركة في السباق الملحّ لإيجاد عقاقير جديدة مضادة للميكروبات، لمكافحة التهديد العالمي الذي تمثله البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

اترك رد