تجارب وبرامج عملية لمحاصرة خطاب التطرف في المجتمع

بقلم: عبد الله الجباري

بسم الله الرحمن الرحيم

تنتشر بين صفوف الشباب في العالم الإسلامي فيروسات فكرية متعددة، منها، بل أخطرها، الغلو في الدين، والقابلية لممارسة العنف بغلاف ديني ولبوس شرعي، وهو ما يؤدي إلى نتائج كارثية، تعاني منها المجتمعات الإنسانية على المستويين المادي والمعنوي، مثل قتل الأبرياء، ووقوع ضحايا على المستويين البدني والنفسي، دون أن ننسى ما يعقب ذلك من ترميل للنساء، وتيتيم للأطفال، وغير ذلك من المآسي التي ليست سوى نتيجة لعنف مؤسس على فهمٍ ديني غير سديد، ونظر فقهي غير رشيد.

هذه الأحداث وما ينتج عنها من كوارث متعددة، سوغت لكثير من أهل الفكر والنظر ربط العنف بالدين، وتحمس كثير منهم لترويج هذه الأطروحة على أوسع نطاق، حتى صارت حديث العام والخاص في الغرب.

هذا الواقع يملي علينا من باب الواجب، أن نقارب الموضوع مقاربة علمية، نتوخى من خلالها الإجابة عن عدة تساؤلات، منها أو أهمها:

هل يعدُّ الدين المسؤول الرئيس لإنتاج العنف؟ وهل التخلي عن الدين يؤدي إلى السلام وزوال العنف من الواقع؟

ما هي التصورات النظرية للمتشددين؟ هل هي الدينُ عينه؟ أم ليست سوى أفهام سقيمة غير قويمة لنصوصه؟

كيف يمكن للعلماء والباحثين أن ينسفوا علميا أطروحاتهم، ويبينوا زيف أفكارهم؟

ما هي أهم البرامج العملية والواقعية لفرملة جنوح التطرف لدى المتلبسين به؟ وكيف نصوغ برامج لتعزيز الوسطية بين الشباب لحمايتهم من الوقوع في أتون التطرف؟

الدين والعنف:

أثارت الحروب الصليبية وبعض الأحداث التاريخية حفيظة بعض الباحثين، فربطوا بينها وبين الدين ارتباط الشخص بظله، وعزز هذه الأطروحة عندهم وعند المتأثرين بهم ما طفا على السطح في العقدين الأخيرين من أحداث عنف غير مستساغ، نفذها وخطط لها أفراد من المسلمين، لأنهم كانوا من الشباب المتدينين، وحاولوا إضفاء الشرعية على تصرفاتهم وعُنفهم من خلال بعض النصوص الدينية، أو من خلال بعض المقولات الفقهية التراثية، وهو ما جعل الباحثين والإعلاميين والسياسيين الغربيين على الخصوص يتداولون مقولات ملتبسة وغير أصيلة، من قبيل العبارة المركبة : “التطرف الديني” أو “التطرف الإسلامي”، بل عمدوا في كثير من الأحيان إلى التعميم دون أدنى تخصيص، وقد لقيت أفكارهم رواجا كبيرا في الأوساط البحثية والإعلامية العالمية، ويمكن أن نذكر في هذا المقام، عالم الأحياء ريتشارد دوكينز Richard Dawkins الذي يربط بين الدين والعنف بشكل جلي، ويرفض فكرة التمايز بين الاعتدال والتطرف، لأن الدين المعتدل – في نظره – ربما لن يفعل العنف، لكنه يجعل الطريق ممهدا للمتطرفين[1]، هذه الفكرة ذاتها كررها في كتابه ومحاضراته حتى يطمئن إلى استقرارها وثباتها في أذهان القراء، فقال في موضع آخر: “إن تعاليم الدين المعتدل، برغم أنها ليست متطرفة بحد ذاتها، إلا أنها دعوة مفتوحة للتطرف”[2]، ليخلص إلى أن الدين هو أساس الشر، و”الأحكام المطلقة في أغلب أشكالها، هي نتيجة إيمان ديني قوي، وتشكل سببا رئيسا للفكرة التي تقول بأن الدين يمكن أن يكون قوة شريرة في العالم”[3].

هذه الأطروحة – وإن اشتهرت وذاعت في الغرب – لا تصمد أمام البحث العلمي الرصين والموضوعي، وقد فندها وردّ عليها غير واحد من كبار الباحثين والمفكرين، مثل أمارتيا صن[4] Amartya Sen، الذي دافع على أطروحة مفادها أن الدين ليس هو المشَكّل الوحيد لهوية الإنسان، وإنما تتداخل في تشكيل هويته عوامل متعددة، منها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والديني وغيره، فالدين عامل من العوامل، وليس هو المحدد الوحيد للهوية.

بناء على هذا التنويع، فإن العنف الممارس من قِبل أي إنسان، لا يمكن ربطه أوتوماتيكيا بدينه فقط، بل هناك عوامل أخرى متعددة، لا يجوز إقصاؤها أثناء تحليل الظاهرة.

هذه الإشارة جعلت أمارتيا صن يعلن أمام القارئ العالمي أن “من بين أعضاء كل دين من الأديان، كان هناك محاربون أشداء، كما كان هناك أبطال سلام عظماء”، وعليه، فإنه “من الممكن أن ينتمي إلى الديانة نفسها مؤيدون للسلام والتسامح، ومشجعون للحرب والتشدد”[5]، وهذا برهان منطقي يلزم منه تبرئة الدين من العنف والتشدد.

أما فريتس شتيبات[6] Fritz Steppat، فردّ في كتبه ومقالاته بقوة على أطروحة صدام الحضارات، وتبنى أطروحة مشابهة لأطروحة أمارتيا صن، وبيّن أن الحضارة والدين لم يكونا العاملَين الوحيدَين في تكوين الهوية الجماعية للبشر، وإنما هناك عوامل أخرى تسهم في تشكيل تلك الهوية، وقد يكون أحدها أو بعضها سببا للحروب، وهو ما يحول دون جعل الدين سببا وحيدا للحرب، “إنني أقول إنه لا المسيحية ولا الإسلام، بحكم طبيعتيهما وماهيتيهما، يريدان الحرب، ونحن نعلم من التاريخ أن كليهما قد استُغل في بعض العهود لتبرير الحرب وتعبئة جماهير المؤمنين بهما للقتال، ولكن لا ينبغي أبدا أن نعتبر أن ذلك كان هو هدفهما الحقيقي”[7].

وهذ شهادة لها قيمتها، لأنها صادرة عن مفكر وباحث يتميز بمنسوب عال من الموضوعية، وله دراية عميقة بالمسيحية والإسلام.

وعلى منهج الفصل بين الدين والعنف، سار أستاذ علم اللاهوت بجامعة شيكاغو الدكتور وليام كافانو   William Cavanaugh، الذي ألّف كتابا بعنوان أسطورة العنف الديني، الأيديولوجيا العلمانية وجذور الصراع الحديث، وهو عنوان يدل بجلاء على موقفه الرافض لربط الدين بالعنف، وأن هذا الربط ليس سوى أسطورة.

أورد في الكتاب جملةً من أفكار وآراء من يتبنى أطروحة الربط بين الدين والعنف، وناقشها واحدة تلو الأخرى، وبعد جولة حِجاجية، خلص إلى أن “حجج اقتران الدين والعنف تخدم مصالح محددة لمستهلكيها في الغرب”، هذه الحجج جعلت الدين في الوعي الجمعي الغربي “دافعا لا عقلانيا وخطيرا ينبغي إقصاؤه من المجال العام لحساب الأشكال العلمانية العقلانية في السلطة”[8].

إذا كانت فكرة الربط بين الدين والعنف غير حقيقية، وأنها أسطورة، فما الهدف من نشرها وطرحها بقوة في المجال التداولي الأكاديمي والإعلامي ؟

لقد تم الترويج لأسطورة العنف الديني – حسب كافانو – من أجل تبيين فظاعته، وترسيخ فكرة إزالته في أذهان الناس بأي وسيلة كانت، تخليصا للعالَم منه، ولو أدّى ذلك إلى استعمال العنف، وهو العنف غير الديني، أو العنف العلماني، وكأننا أمام عنف أسمى مقبول، وعنف قذر مرفوض، يقول كافانو : “هل تُستعمل أسطورة العنف الديني لتبرير العنف ؟ هكذا يتم إقامة تعارض قوي بين “العنف الديني” و”العنف العلماني”، فالعنف الموصوف بالديني، عنف خبيث، ويستحق اللوم دوما، أما العنف العلماني فمن الصعب اعتباره عنفا من الأصل، لأنه يسعى إلى إحلال السلام ! إن العنف العلماني ضروري أحيانا، ويستحق التمجيد أحيانا أخرى، خاصة حينما يستعمل لقمع العنف الديني”[9]، وبعد ترسيخ هذه القناعة في عقلية الإنسان الغربي، صار يميز بين قتلين :

  • قتلٌ باسم الإله والدين، وهو قتلٌ يثير الاشمئزاز ؛
  • قتلٌ باسم الدولة القومية، وهو قتل جدير بالثناء[10].

تأسيسا على ما سلف، يبين كافانو أن العنف الديني مجرد فقاعة مصنوعة من أجل تسويغ عنف آخر، وينتقل في إحدى محاضراته لعقد مقارنة من أجل معرفة الجهات الأكثر ممارسة للقتل في المائة سنة الأخيرة، هل الحكومات الإسلامية أم العلمانية ؟ ليستنتج أن الحكومات العلمانية ستكون في الصدارة، وأن النظم الماركسية وحدها تسببت بمقتل 110 مليون شخص، أما المسلمون، فـ”ليسوا مبرمجين على العنف انطلاقا من بضع آيات في القرآن”[11].

ولم تشذ المفكرة البريطانية كارين آرمسترونغ[12] Karen Armstrong، عن هذا السَّنن، ودافعت في كتابها حقول الدم، الدين وتاريخ العنف على أطروحة الفصل بين الدين والعنف، وبعد مناقشات فكرية حول الموضوع، كتبت خلاصة مفادها أن العنف الديني ليس حقيقةً، وهو مجرد كبش فداءٍ أوجده العالَم الحديث ليُحمله كل خطاياه[13]، وقررت بكل اطمئنان أنه “من الخطأ القول ببساطة، بأن (الدين) عدواني، ففي بعض الأحيان، قام الدين بكبح العنف”[14]، وعضدت فكرتها بنماذج من أديان مختلفة.

وبما أن أطروحتها تضاد الفكرة السائدة في الغرب، والمتمثلة في تلبس العنف بالدين، والربط بينهما، فإنها اجتهدت في إيراد نماذج من التاريخ القديم والحديث للبرهنة على صدقية دعواها، مثل سقوط 70 مليون إنسان ضحية في أوربا والاتحاد السوفياتي في ثلاثين سنة فقط، أي بين 1914 و 1945، وممارسة العنف من قبل نظامي ستالين وهتلر غير المتدينَيْن، وهو ما يؤكد أن العنف كان مرتبطا بأسباب سياسية أو اقتصادية، وهو الأمر ذاته الذي كان سائدا في البيئة العربية في عصر ما قبل الإسلام، حيث “كان الغزو مقوما أساسيا لاقتصاد البدو، وكان رجال القبائل في أوقات الفاقة يهاجمون جيرانهم، وينهبون الإبل والماشية والطعام والعبيد، …، كان الغزو هو الطريقة الأبسط لإعادة توزيع الثروة في منطقة لم تكن تمتلك ما يكفي الجميع”[15].

وحتى عند الحديث عن جهاد النبي صلى الله عليه وسلم في صدر الإسلام، لم تربطه بالعنف، ولم تطلق عليه ما يصطلح عليه في الأدبيات الغربية بالحرب المقدسة، بل نظرت إليه باعتباره وسيلة لتحقيق السلام، تقول كارين : “كدَح محمد صلى الله عليه وسلم – بكل معاني الكلمة – ليجلب السلام على العرب الذين مزقتهم الحروب”[16]. وهذه عبارة دقيقة، من باحثة خبرت السيرة النبوية وتاريخ صدر الإسلام.

هذه شهادات باحثين غير مسلمين، مشهود لهم في الأوساط الأكاديمية بالكفاءة العلمية، كلها تبرئ الدين من العنف، وهي ليست شهادات عاطفية من أناس يحاولون إظهار الجانب الوردي من الدين، بل كلها معضدة بأدلة قوية، وبقرائن داعمة.

إذا تقرر لدينا – من الناحية العلمية – الفصلُ بين الدين والعنف، وأن الثاني ليس إفرازا للأول أو نتيجة له، فإننا نصطدم – من الناحية الواقعية – بممارسات عنيفة وهمجية، يمارسها أصحابها باسم الدين، ويؤصلونها من نصوص الدين، وهو ما قد يسهم في نقض هذه الأطروحة، وقد يتخذها أصحاب الأطروحة الأخرى دليلا وبرهانا على صحة نظرتهم وعلميتها.

هذا الالتباس، يفرض علينا النظر في التصورات الفكرانية التي يصدر عنها الغلاة المتطرفون، ليتبين لنا بعد البحث والتمحيص أنها لا تعدو كونها فهما سيئا ومشوها لنصوص الدين، ومخالفا لمقاصد الشريعة وجوهرها، المتمثل في الوسطية والاعتدال، وما يترتب عليه من سماحة ويسر، ويسلكون في ذلك مسلك “التضخيم” و”التهوين”.

فما كان مخالفا لنظرتهم، يعملون على تضخيم شأنه، وتوسيع معناه بما يحتمل ولا يحتمل، مثل تفسيرهم للطاغوت، حيث يوسعون في معناه، ويدرجون تحت مسماه معاني ما أنزل الله بها من سلطان، مثل بعض مؤسسات الدولة. كما يتوسعون في التكفير، ويكفرون لأدنى الأسباب، كانخراط الشخص في مؤسسة من مؤسسات الدولة التي ينعتونها بالطاغوت، ثم يزيدون في التوسع، فيعلنون تكفير من لم يكفر الكافر، وهكذا، حتى إذا استقر لهم ذلك، انتقلوا من التنظير إلى التطبيق، وهو “محاربة الطاغوت”، و”مجاهدة الكافر”، وإظهار العداوة لهما تحقيقا للبراء.

وما كان موافقا لهواهم، ووسيلة لتحقيق مآربهم، فإنهم يعملون على تهوين أمره، والتقليل من خطورته، مثل سرقة أموال الغير، من محلات تجارية وغيرها، بدعوى أنها أموال الكفار وغير الموحدين، وقد تنبه إلى خطورة هذه الجريمة بعض الشيوخ، وأفتوا بحرمة هذا التصرف[17]، وأنه لا يمت إلى دين الإسلام بصلة.

من هنا، كان على الجميع، كلٌّ من موقعه، الإسهام في صوغ برامج عملية لمحاربة التطرف والحد من انتشاره أولا، ولتعزيز الوسطية بين الشباب ثانيا.

برامج عملية لمحاصرة التطرف ودعم الاعتدال:

تأثرت أقلية[18] من الشباب المسلمين بأفكار متطرفة وشاذة، سواء في بلاد المسلمين، أو في بلاد غير المسلمين، حيث موطن الإقامة والهجرة، ولما كانت تصرفاتهم وأعمالهم مختلفة من موطن لآخر، فإن الجهات المسؤولة اختلفت في برامج التعامل معهم ومع أفكارهم بحسب اختلاف المواقع والمواطن، وسنتناول في هذه الورقة الحديث عن تجربتين اثنتين:

الأولى: التجربة الدنماركية، حيث لم يتطور عمل الغلاة إلى ممارسة العنف في البلد.

الثانية : التجربة المغربية، حيث تطور عملهم إلى ممارسة العنف في البلد[19].

أ – التجربة الدنماركية، تجربة الاحتواء[20]:

آرهوس Aarhus، ثاني أكبر مدينة دنماركية، جميلة وهادئة، يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الرابع عشر، تعرف ساكنتها تنوعا ثقافيا خصبا، بفعل الحضور القوي للمهاجرين من جنسيات متعددة، هذه العوامل وغيرها رشحتها لتكون عاصمة الثقافة الأوربية سنة 2017.

في المدينة وجود إسلامي ملحوظ، بها مركز إسلامي، ومساجد متعددة، منها مسجد آرهوس، ومسجد سلسبيل، ومسجد الأفغان، ومسجد التقوى، ومسجد جريمهويفي، ومسجد السالمية، هذا الأخير ذو مئذنة، ويتميز بكبر مساحته، وجمال عمارته. وللمسلمين أنشطة ثقافية واجتماعية بالمدينة، ويحضرون بكثافة لأداء صلاة العيد في الفضاء العام.

توجه من الدنمارك إلى سورية أكثر من 100 شاب مسلم، للمشاركة في الصراع الدموي هناك، معظمهم في متوسط أعمار بين 16 و25 سنة، ثلثهم أو يزيد من مدينة آرهوس، وأغلب هؤلاء كانوا من مرتادي مسجد جريمهويفي، وهو مسجد معروف بالميولات المتطرفة للقائمين عليه، وتبنيهم للأفكار الشاذة والعنيفة، لدرجة أنه لم تصدر عنهم أية إدانة لتنظيم داعش، رغم أنه طُلب منهم ذلك، ومما قاله المتحدث باسم المسجد : “لا نملك المعلومات الكافية لنجزم ما إذا كنا سندعم داعش أو لا ؟ ولكننا بالقطع لن ندعم قتل الأبرياء، لأنه ينافي ديننا، لننظر ونراقب ما إذا كانت داعش ككل جزءا أصيلا من الإسلام بالفعل أم لا ؟”، وهذا تصريح يدل على تردد وعدم حسم القائمين على المسجد بخصوص هذا التنظيم المتطرف.

عاد إلى المدينة عدد من الشباب الذين عايشوا ظروف الصراع السوري، وهو أمر تتعامل معه السلطات عادة بنوع من الريبة، لأن الشباب يعودون مشبعين بأيديولوجية متطرفة، ومن المحتمل أن يقوموا ببعض الممارسات العنيفة، لكن السلطات الدنماركية تعاملت معهم معاملة استثنائية، بخلاف استراتيجية الدول الأوربية التي تقْدم على اعتقال العائدين وتقديمهم إلى المحاكمة.

صاغت الدنمارك برنامجا عمليا متكاملا، محتوىً وتقنيات وأهدافا.

ميزت التجربة الدنماركية بين عودتين :

الأولى: عودة الشباب إلى الوطن.

الثانية: عودة الشباب إلى المجتمع.

وتنبهت إلى أن العودة الأولى لا تحقق بالضرورة العودةَ الثانية، وقد يعيش الإنسان غريبا في وطنه، دون القدرة على الاندماج في مجتمعه، لذا تبنت مبدأ الاحتواء، من أجل تحقيق عودة الشباب إلى المجتمع بسلاسة ويسر، وذلك بإعادة تأهيلهم بمجموعة من التدابير، أهمها :

  • الاستعانة بأخصائيين نفسانيين، وتحقق هذه الاستفادة هدفا مزدوجا، فهمُ شخصية الإنسان المتطرف، وطريقة التعامل معها أولا، وتوفير طبيب نفسي للمعني بالأمر ثانيا.
  • توفير رعاية صحية، وتقديم المساعدة للعثور على سكن.
  • تيسير العودة إلى الدراسة للحصول على شهادة، أو إيجاد فرص شغل للراغبين في العمل.
  • المراقبة الأمنية والمخابراتية عن بُعد.

ولضمان نجاح التجربة، تم تخصيص معلم أو مؤطر أو مستشار اجتماعي لمتابعة الشباب الذين عادوا من ساحات القتال، أو الذين ظهرت عليهم أمارات التطرف، ويعتمد المؤطر على تقنية الحوار والمناقشة، فيناقش مع الشاب جميع المواضيع، دينية وفلسفية وفكرية، ويقدم له المساعدات اللازمة، فيما يخص واجباته أو إجراءاته الإدارية اللازمة، مع التركيز على مسألة ذات أهمية كبرى، وهي عدم إعطاء هذا الحوار صبغة رسمية، مثل عدم إجرائه في مقر الشرطة أو جهة رسمية، وعدم إنجاز محضر بشأنه، وإنما تجري وقائع هذه الحوارات في فضاءات عامة بالاتفاق مع الشاب والمؤطر، وبعض الحوارات أُجريت في كفتيريا أو منتزه أو مكتبة، ولها حصة زمنية محترمة، على الأقل حصتان في الأسبوع، بمعدل ثلاث ساعات لكل حصة.

ولم يتعامل البرنامج مع الشباب بشكل صدامي، ولم يدعهم إلى التخلي عن رؤاهم الدينية،

نجح برنامج آرهوس في محاربة التطرف، من خلال إعادة تأهيل الشباب العائد من سوريا.

ونجح أيضا في نشر الاعتدال بين الشباب الذين ظهرت عليهم بعض أمارات التطرف قبل ممارسة أي عمل عنيف، وهذا ما حال بينهم وبين الذهاب إلى إحدى ساحات العنف. وهذه فائدة ومصلحة.

ولبيان نجاح برنامج آرهوس، أورد المعطيات الإحصائية الآتية : في سنتي 2012 و 2013، توجه إلى سوريا من مدينة آرهوس 31 شابا، وبعد تفعيل هذا البرنامج العملي لتعزيز وترسيخ الاعتدال لدى الشباب، لم يتوجه إلى مواقع القتال أحدٌ سنة 2014، وتوجه شاب واحد سنة 2015.

وقد حظي هذا البرنامج بإعجاب وإشادة الخبراء المتخصصين، واعتبروه رائدا يجب تعميمه على المجتمعات الأوربية، يقول جوناثان بيردويل، الخبير في مركز ديموس اللندني: “هناك وعي بين الخبراء، بأن نموذج آرهوس هو الأفضل الآن، ويجب نشره في باقي المدن الأوربية”.

ب – التجربة المغربية، تجربة المصالحة[21]:

عرف يوم 16 ماي 2003 حدثا مأساويا في المغرب، حيث أقدم عدد من الشباب على تفجير أحزمة ناسفة في مواقع متعددة بمدينة الدار البيضاء، وهو الحدث الذي أوقع صدمة في نفوس المسؤولين وعموم المواطنين، واعتقل على إثره عدد كبير من المشتبه فيهم، وعدد من ذوي الميولات المتطرفة، منهم من صدرت عنهم إشادات ببعض الأعمال “الجهادية”، ومنهم من سبق لهم القيام بعمليات “تعزير” قصد تغيير المنكر وفق تصوره، إلخ.

سياق تجربة المصالحة:

يمكن إٍرجاع البرنامج إلى سببين رئيسين:

أولهما: بعد مدة من المحاكمات، وبعد مغادرة عدد من المعتقلين أسوار المؤسسات السجنية، ثبتت في حق بعضهم حالات العَوْد، وثبتت عنهم بعض الممارسات المتطرفة، مما أدى إلى إعادة محاكمتهم وسجنهم.

ثانيهما: راجَع مجموعة من المعتقلين تصوراتهم وأفكارهم داخل السجن، وصارت لهم القابلية للحوار والمناقشة.

التقطت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الإشارتين السابقتين، وتفاعلت معهما بإيجابية، فانخرطت بشراكة مع الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، (جهتان رسميتان) في برنامج متكامل أُطلق عليه: برنامج المصالحة.

منهجية الاشتغال:

أولا: على مستوى الفئة المستهدفة

حدد البرنامج فئته المستهدفة من المعتقلين وفق معايير ثلاثة أساسية:

أ – الاستفادة مقتصرة على المحكوم عليهم حكما نهائيا، وليس المحبوسين احتياطيا، ممن لم تصدر في حقهم أحكام حائزة على قوة الشيء المقضي به.

ب – عدم الاقتصار على سجناء فصيل بعينه، بل عُمّم البرنامج على جميع تيارات وفصائل ما اصطلح عليه بالتيارات الجهادية.

ج – حسن سلوك المعتقل، وعدم الانفتاح على من لم يثبت عنه ذلك.

ثانيا: على مستوى التنزيل

لم يتم تنزيل البرنامج وأجرأته دفعة واحدة، أو في نسخة لا ثاني لها، مما قد يحرم بعض المترددين منه، والمتخوفين من المبادرة في بدايتها، بل فتح للسجناء أكثر من فرصة، وتم تفعيل فعاليات البرنامج وفق نُسخ أو دورات.

النسخة الأولى: تمت من 29 ماي إلى 25 يوليوز 2017، وتم الاشتغال فيها بطريقة الورشات التأطيرية، بمشاركة من السجناء، ولعل افتتاح التنزيل في شهر ماي لم يكن اعتباطيا، لما له من بعد رمزي، حيث وقعت الأحداث الإرهابية التي عرفتها الدار البيضاء في الشهر ذاته. واستفاد من هذه النسخة خمسة وعشرون سجينا.

النسخة الثانية: تمت أواخر 2017 أو بداية 2018. وقد انخرط فيها أربعون سجينا أو ينيف.

ثالثا: على مستوى طريقة الانخراط في البرنامج

لم يعتمد البرنامج منطق الفرض والإجبار، بل ترك المجال مفتوحا لنزلاء المؤسسات السجنية كي يعبروا عن رغبتهم الطوعية في المشاركة، وقد بادر عدد منهم إلى التعبير عن رغبتهم في المشاركة بشكل اختياري[22].

رابعا: على مستوى التأطير

شارك في البرنامج علماء الشريعة الإسلامية، منهم الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، وكذا باحثون متخصصون في علوم ومعارف أخرى، مثل القانون وحقوق الإنسان وعلم النفس وعلم الاجتماع، وانضم إليهم في النسخة الثانية، مؤطرون من قدماء المعتقلين في قضايا ذات صلة بالتطرف، من خريجي النسخة الأولى والمستفيدين من فعالياتها، وذلك في إطار ما يطلق عليه: “التثقيف بالنظير”، وقد كانت لهم القدرة والنجاعة في إقناع المشاركين، لما بينهم من وشيج العلاقة التي توَرث الثقة المتبادلة بين المؤطِّر والمستفيد.

خامسا: على مستوى المحتوى

** تمت مناقشة عدد وافر من القضايا، منها، بل أهمها، ما له علاقة بالعلوم الشرعية، وقد استأثرت بعض القضايا بحظ لا يستهان به من النقاش، مثل:

·         مفهوم الحاكمية ·         مفهوم الولاء والبراء
·         مفهوم الجهاد وفقهه ·         مفهوم الطاغوت
·         مفهوم الشهادة والاستشهاد ·         مفهوم التكفير (الخاص: تكفير الأفراد. العام: تكفير المجتمع)

 وغير ذلك من المفاهيم التي تعد الأساس الفكراني للمنتسبين إلى تيارات ما يصطلح عليه بالتنظيمات الجهادية.

وقد تبين من خلال البرنامج، أن أغلب المعتقلين هم ضحايا بالدرجة الأولى، أي: ضحايا الضعف الفكري، والفراغ في المجال الديني، حيث تلقوا تأطيرا دينيا منحرفا، أو بعبارة أدق، تعرضوا لاستدراج مدروس وممنهج، لأن أغلبهم ليس لهم سوى تكوين ابتدائي، أو ما قبل الباكلوريا، مما يسهل عملية غسيل الدماغ التي كانوا ضحاياها، فيجدون أنفسهم بسرعة في سرداب يسهل الدخول إليه، ويعسر أو يستحيل الخروج منه، وذلك من خلال تأطيرهم بثنائية غاية في الخطورة:

الانتماء إلى الجماعة يلزم منه طاعة الأمير

 

عدم الطاعة = معصية

 

الانتماء إلى الجماعة يلزم منه عدم الخروج عنها

 

الخروج عن الجماعة = كفر

بناء على هذه المعادلة، وبعد الاقتناع بها، يصعب على العضو مخالفة أوامر “الأمير”، لأنه يخاف الوقوع في المعصية. وإذا لم يقتنع، أو تطور فكره وأراد التراجع، فإنه لا يستطيع، خوفا على نفسه من القتل، لأن الخروج عن الجماعة في أدبيات هؤلاء يعادل الكفر، والكافر يُقتل عندهم قولا واحدا.

حاول العلماء المشاركون في هذا البرنامج رتق هذا الفتق، وتنبيه المستفيدين إلى الأخطاء المنهاجية والمفاهيمية التي يرزحون تحت وطأتها، وأن كثيرا من النصوص الدينية يتم استغلالها[23] بطريقة غير علمية، وأن حسن فهم واستيعاب الخطاب الديني يلزم منه ضرورة فهمه وفق قيم التسامح والاعتدال، لأنها من محكمات الدين التي يجب الاحتكام إليها، وأنها من المعايير التي نعرف من خلالها خطأ أو صواب الفهوم البشرية للنص الديني.

 ** لم يقتصر النقاش مع نزلاء المؤسسات السجنية المستفيدين من البرنامج حول المفاهيم الشرعية فحسب، بل تعداها إلى قضايا أخرى، وتنوعت موضوعات الأوراش بحسب تعدد المقاصد، وذلك من خلال محاولة تأهيل المشاركين على ثلاث مستويات:

أ – التأهيل الحقوقي والقانوني:

الأصل في النزلاء قبل المراجعات الفكرية التي اجتهدوا من خلالها، أنهم لا يعترفون بالقوانين المؤطرة للعمل في بنية الدولة، وأنها من الطواغيت التي يكفر بها ولا يُعترف بمرجعيتها.

استحضر الخبراء المشاركون في البرنامج هذا المعطى، واجتهدوا في تأهيل المستفيدين على هذا المستوى، بناء على جدلية الحقوق والواجبات، وأن قبول الإطار القانوني ينظم العلاقة بين الأفراد والمجتمع، وبين الأفراد والدولة، وأن رفضه يؤدي حتما إلى الفوضى، وهي مفسدة عظمى.

ب – التأهيل النفسي:

تمت مراعاة ثلاثة أمور أساسية على هذا المستوى:

  • مراعاة مسألة بالغة الحساسية، وهي أن النزيل يمر بلحظة خطيرة جدا في حياته، هي مرحلة تمثل الذات، وذلك من خلال الانتقال من مرحلة الخطأ الجسيم، والجرأة على الاعتراف به، إلى مرحلة الصواب، ومحاولة الاندماج فيه.
  • معاناة المستفيد من محن متعددة؛ محنة الاعتقال السالب للحرية؛ ومحنة التحقيقات والمحاكمة وأطوارها الماراطونية؛ ومحنة الابتعاد عن الأهل؛ ومحنة الإحساس بتعذيب الأهل الذين يتجشمون عناء السفر من مناطق بعيدة للزيارة في السجن.
  • تم عرض أشرطة تتضمن شهادات ضحايا العمليات الإرهابية، وهي شهادات مؤلمة، قد يكون لها أثر سلبي على نفسية المستفيد وإحساسه بوخز الضمير، على اعتبار أنه من المسهمين بشكل ما في صنع أولئك الضحايا.

هذه الحالات فرضت على القيمين على البرنامج إشراك الأخصائيين النفسيين الذين لم يوجهوا مضمون الحوارات، بل كانوا يسمحون للمشاركين بالحوار الحر من دون توجيه، وكان حضورهم أكثر فعالية أثناء عرض شهادات الضحايا، حيث قاموا بدور المصاحبة حتى لا تتحول مسألة الشعور بالذنب إلى عائق أمام اندماج المشاركين.

ج – التأهيل السوسيو اقتصادي:

لم يغفل القيمون على البرنامج مسألة التأهيل على المستوى المجتمعي، حتى يتسنى للمستفيد -بعد مغادرة المؤسسة السجنية– الاندماج في المجتمع، سواء من خلال الاندماج المجتمعي (مع العائلة – مع باقي المجتمع)، أو الاندماج الاقتصادي على مستوى سوق الشغل.

 سادسا: على مستوى الأهداف

كان الهدف من البرنامج تحقيق أهداف جزئية متعددة، مثل تأطير المستفيدين تأطيرا شرعيا وقانونيا، وتأهيلهم نفسيا، وغير ذلك، إلا أن الهدف الأكبر والأعم، هو تحقيق المصالحة بتجلياتها الثلاثة:

** المصالحة مع الذات:

يعيش الإنسان المتطرف نوعا من الخصومة مع الذات قبل أن يعرف خصومة مع المجتمع، وهذا عينه ما عبر عنه الحديث النبوي الشريف: “لن يشاد الدين أحد إلا غلبه”، بمعنى أن التشدد في الدين يؤدي إلى الغلبة والهزيمة، وكأن الإنسان يهزم نفسه بتشدده، ولا يرحمها ويرفق بها كما هو مطلوب، بل يهلكها إهلاكا، “هلك المتنطعون”.

ومن جملة الإهلاك الذي يُعرض المتطرفون ذواتهم له، توهمهم للخلاص عبر الذهاب السريع إلى الجنة بواسطة “الاستشهاد”، وذلك بتعريض أنفسهم لأقصى المخاطر، بتفجير أحزمة ناسفة تحيل أجسامهم في لحظة إلى أشلاء متناثرة، وأحيانا، لا يتحقق لهم “الخلاص”، فيصابون بإعاقات جسدية، كبتر الرجل أو اليد أو عاهة أخرى تصاحبهم طيلة حياتهم.

يؤدي التأطير الديني والتأهيل الفكري الذي تلقاه السجناء إلى توعيتهم بأن “الخلاص” المرغوب ليس سوى وهم، وأن الإنسان بإمكانه أن يصنع الخلاص في الدنيا ببناء الذات، وليس بالضرورة بإفناء الذات أو تعذيبها، والله تعالى يحب الرفق في الأمر كله، ومنه الرفق بالذات، “إن لنفسك عليك حقا”.

** المصالحة مع النص الديني:

السمة الأغلب في معتقلي ما يعرف بالتيارات الجهادية، أنهم قليلو البضاعة في العلوم الشرعية، لذلك تجدهم يتعاملون مع النصوص الشرعية بمنهج الانتقاء (الاكتفاء بنصوص منتقاة تؤدي المطلوب في تأطير الأتباع) أو البتر (عزل النص الشرعي عن سياقه، أو عن النصوص الأخرى الشارحة له) أو سوء الفهم (فهم النص بخلاف ما عليه العلماء الثقات العدول).

كما أنهم كثيرا ما يستغنون عن تلقي العلم بطرقه المعهودة، ويستعيضون عنها بتلقيه من شبكات النت، أو من الأشرطة والوسائط التقنية، وهذه الطريقة قد تنفع إن كانت تكميلية.

أثناء التأطير الشرعي، أدرك المستفيدون طريقة أو طرائق التعامل الرشيد مع النص، وأن ذلك الأمر لا يحسنه أيُّ أحد، لذا كان السلف يتهيبون من الإقدام على الفتوى، ويقولون: “أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار”، أما من حفظ حديثا أو حديثين، فلا يعد عالما، وأن إقدامه على التأطير والإفتاء ليس إلا افتئاتا على الشرع.

كما بيّن البرنامج أهمية المشيخة العلمية، وأن الأصل في العلم والتلقي هو الأخذ عن الشيوخ والإفادة من مناهجهم ومعارفهم، بالموازاة مع الأخذ من أخلاقهم وأدبهم، اقتداء بما عليه السلف الصالح، قالت أم الإمام مالك في توجيهها التربوي لابنها: “اذهب إلى ربيعة، وتعلم من أدبه قبل علمه”، والوسائط الإلكترونية لا يستفيد منها الإنسان أدبا أو خلقا، والعلم من دون أدب قد يكون وبالا على صاحبه على المدى القريب أو المتوسط، وقد يكون وبالا على المجتمع عموما على المدى البعيد.

 ** المصالحة مع المجتمع:

إن مجرد اعتقاد المتطرف أنه ورفقاءه على التوحيد السليم، وأن المجتمع كله أو بعضه كافر، يُعدّ عداءً للمجتمع، وتحقيرا له، وإذا أضفنا إلى ذلك قولهم بجواز قتل الكافر، فهمنا سرّ إقدامهم على المشاركة في أعمال التفجير والتخريب، وتجد بعضهم يخطط لعمليته حتى يتسنى له تحقيق أكبر عدد من الضحايا.

حاول التأطير الشرعي الذي تلقاه النزلاء المستفيدون، أن يركز على أمرين متوازيين، أحدهما: خطورة التكفير، وأهمية تضييق دائرته، وتوسيع دائرة أهل الإيمان، وأن التلبس بالمعصية ليس مخرجا من الملة. ثانيهما: مبدأ الأخوة في الدين، والأخوة في الوطن.

وغني عن البيان أن اقتناع المستفيد بإيمان أفراد المجتمع الذين ليسوا بالضرورة مثله، واقتناعه بأخوتهم له، يحدث نوعا من المصالحة مع المجتمع.

تقويم برنامج المصالحة:

يمكن النظر إلى البرنامج لقياس درجات النجاح والإخفاق من زوايا متعددة.

أولا: من الناحية الفكرية النظرية، يمكن اعتباره برنامجا ناجحا، لأنه عمل على خلخلة مجموعة من “المسلّمات” الفكرية في أذهان المتأثرين بالغلاة، ونجح في شِق “المصالحة مع النص”، ولهذا النجاح عدة مؤشرات، منها:

** تشبع مجموعة من المعتقلين بالفكر الوسطي المعتدل، وانتقالهم من مستفيدين إلى مؤطرين في البرنامج ذاته، ونموذج ذلك، أن أحد المستفيدين من النسخة الأولى غادر المؤسسة السجنية بعفو ملكي، وبعد شهرين، عاد إلى السجن باعتباره مؤطِّراً لورشات.

** صدرت عن المستفيدين عدة شهادات تدل على ميل نحو الجادّة، خصوصا في طلب العلم، حيث بينوا انخداعهم ببعض الأفكار، ووجهوا نصائحهم إلى الغير بضرورة الاحتراز في الطلب، وأن العلم الشرعي لا يؤخذ من الشبكة العنكبوتية، والمواقع المجهولة، وإنما يؤخذ من الشيوخ، وقال أحدهم منبها إلى أثر العلم على السلوك: “أساس كل سلوك قويم علمٌ رزين”، وأشار آخر في تصريحه إلى أهمية الاتساع في طلب العلم والتركيز على أهل الاختصاص.

من خلال هذه التصريحات والإرشادات، نلمس التطور الحاصل عند المستفيدين، الذين اعترفوا – بعد التعمق في طلب العلم وتحصيل شواهد جامعية – أنهم كانوا ضحية فهوم سطحية، كانوا يتلقونها تلقيا عابرا، ويبنون عليها قناعات خطيرة.

 ثانيا: من حيث العلاقة مع الغير، أو ما سمي في البرنامج بالمصالحة مع المجتمع، فأغلب المستفيدين تربطهم علاقات طيبة وهانئة مع ذويهم ومع جيرانهم، مما يعني نجاح “المصالحة مع المجتمع” في شقها المتعلق بالأفراد، أما على مستوى المؤسسات، فيبقى البرنامج ناقصا من جهة الإدماج السوسيو اقتصادي، لأن تبني الدولة للمصالحة مع معتقلي هذا الملف، يعني في الأساس أنها لن تتعامل معهم كسائر المعتقلين، خصوصا على مستوى بعض الوثائق، كالسجل العدلي، الذي يمكن أن تمحى منه العقوبة السالبة للحرية، حتى يتسنى لهم الاندماج في سوق الشغل بناء على شواهدهم الأكاديمية.

وبالنسبة لغير الحاصلين على الشواهد، فإن الدولة لم تقم بمصاحبتهم لتيسير اندماجهم في العمل، سواء على مستوى التشغيل الذاتي، أو على مستوى التشغيل في القطاع الخاص.

وهذا من النقائص التي ينبغي السهر على جبرها، خصوصا أنه ذروة سنام المشروع، وهو ما تنبه له الدنماركيون في تجربتهم مع المتطرفين، حيث تسهر الدولة على تيسير وتحقيق الاندماج الكامل لهم في المجتمع.

ومما تنبغي الإشارة إليه في ختام الحديث عن التجربة المغربية، أن الدولة لم تهتم بمعالجة الفكر المتطرف داخل السجون فقط، بل عملت بالموازاة مع ذلك، على تنزيل برنامج وطني شامل لمحاربة التطرف، يرتكز على ثلاثة ركائز أساسية:

** المقاربة الأمنية الاستبقائية، درءا لأي مخاطر قد تفاجئ المجتمع، وترجع به القهقرى.

** التحصين الروحي، من خلال إعادة تأهيل الحقل الديني.

** محاربة الهشاشة على مستويات: السكن، الاستثمار، التعليم …

هذا البرنامج يعرف تكاملا بين ركائزه، ويعرف نجاحات وإخفاقات متعددة هنا وهناك.

أسس برامج تعزيز الوسطية والاعتدال

إن محاولات الدول والجهات الرسمية محاربةَ التطرف أمرٌ محمود يجب تشجيعه، لكن في المقابل من ذلك، أو قبل ذلك، لا بد من تركيز وترسيخ قيم الاعتدال والوسطية في المجتمع لتحصينه من الوقوع في أتون التطرف والعنف، وقديما قيل: الوقاية خير من العلاج.

ولتحقيق ذلك، لابد من تضافر جهود المؤسسات الرسمية والأهلية وتكاملها، مثل:

أولا: مؤسسة المسجد

يعتبر المسجد من الفضاءات المقدسة في المجتمع، وأغلب الناس يتعاملون مع المعطيات والمعلومات التي يتلقونها فيه بالتسليم والقبول، دون تعليق أو استدراك أو تعقيب، لذا وجب على الدولة الإسهام في تأطير هذه الفضاءات المقدسة حتى لا يقع مرتادوها ضحية أفكار متطرفة يمكن نشرها تحت سقفه، وذلك من خلال تأهيل المؤطرين الدينيين (خطباء – وعاظ) وترشيد فكرهم من قبل العلماء العدول المتمكنين.

وينبغي ألا نعتبر الخطورة مقتصرة على الوعاظ والخطباء الذين يمكن تسرب أفكار متطرفة من خلال خطبهم ومواعظهم إلى المتلقين، بل هناك خطباء لا يقلون خطورة عن هؤلاء، وهم الخطباء الذين يفرغون الخطبة من كل محتوى، ويخرج المصلي من المسجد كما دخل، ولأن الطبيعة لا تحب الفراغ كما يقال، فإن الخطيب إذا لم يلبِّ نَهَم مرتاد المسجد، ولم يُفِده شيئا، فإنه سيبحث عن مؤطر آخر، في فضاءات بديلة، غير مراقَبة، وغير منضبطة، وغير مؤطَّرة، وهذا لا يقل خطورة عن الآخر.

لذا، وجب الاحتراس من خطورة الخطباء والوعاظ بنوعيهم، والانتباه إلى ضرورة تأهيلهم جميعا، وعدم الالتفات إلى النوع الأول فقط.

وفي المقابل، ينبغي للخطيب والواعظ أن يراعي قيم الوسطية ومبادئها في دروسه، أحيانا بالإشارة والتلميح من خلال مواضيع متعددة، وأحيانا بتخصيص خطب مباشرة للموضوع، مع سَوق الأمثلة، وإيراد الاستدلالات، من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، والسيرة النبوية الشريفة.

وكمثال على ذلك: التعامل مع المشرك.

يتعسف أهل الغلو في مفهوم الشرك، ويتوسعون في ماصدقه، ويستدلون بآيات من قصة إبراهيم عليه السلام، وإعلان عداوته للمشركين، لينتقلوا بعد ذلك إلى التنبيه إلى ضرورة الاقتداء به، والسير على نهجه.

هنا، يمكن للخطباء أن يعملوا على تحديد مفهوم الشرك، والتمييز بين المشرك وبين المسلم العاصي، وأن الأخير موحد غير مشرك، ولا ينبغي تنزيل آيات المشركين عليه من جهة.

ومن جهة أخرى، يمكنهم إيراد أمثلة من السيرة النبوية للتمييز بين المشركين في التعامل معهم، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلن العداوة للشرك، ولم يعلن العداوة لكل المشركين، بل استمر في مودة عمه أبي طالب في المرحلة المكية، ولم يعلن العداوة للمشرك رغم مشاركته في محاربته ومحاربة المسلمين، كأبي العاص بن الربيع، الذي أُسر في بدر، وافتدته زوجته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمال. واستمر النبي صلى الله عليه وسلم في مصاهرة المشركين، كأبي سفيان الذي استُقبل في بيته، ولم يتعامل معه بمنطق القتل. ويمكن الاستفادة من قوله تعالى في سورة الروم: “ألم، غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ” (سورة الروم، الآية : 2 – 5)، وهي آية جليلة، سمى الله من خلالها نصر الروم نصرَ الله، وبيّن أن المؤمن يفرح بنصرهم، رغم أنهم كفار.

هذه النماذج وغيرها، يمكن استثمارها في الخطب والدروس المسجدية لترسيخ الاعتدال لدى الشباب، وبيان أن أقوال الغلاة بضرورة إعلان العداوة للكفار وبغضهم والتنقيص منهم وازدرائهم ليست من صميم الثقافة الإسلامية، بل يمكن أن نفرح لفرحهم، ويمكن أن نتعامل معهم بالحسنى، “لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (سورة الممتحنة، الآية : 8 – 9).

ثانيا: مؤسسة المدرسة

للمدرسة مكانة خاصة في وجدان المجتمع، أباء وأمهات من جهة، وتلاميذ وتلميذات من جهة ثانية، وللمؤسسات التعليمية القدرة على تأطير المجتمع وتنشئته، وذلك من خلال ما تغرسه في عقول الناشئة من معارف وعلوم من جهة، وقيم وسلوكيات من جهة ثانية.

لذا كانت المدرسة قناة مناسِبة لتثبيت الوسطية وترسيخها في أبناء المجتمع الذين هم قوام مستقبله، ورجال وأُطُر غَدِه.

ومما يجب الانتباه إليه حول مؤسسة المدرسة وبرامجها الدراسية، ضرورة التمييز بين العلوم الإسلامية، والتربية الإسلامية.

فمن الصعب جدا التركيز على تدريس بعض المعارف الإسلامية في مناهج التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، وتلقينها لتلاميذ لم تكتمل قدراتهم الإدراكية بعد، وذلك مثل بعض الدروس الملقنة في مناهج عدد من الدول الإسلامية، مع ما يرافقها من أمثلة للتعزيز والتثبيت، وأسئلة للقياس والتقويم.

لا أجد أي مسوغ مثلا، لتخصيص دروس الولاء والبراء، والحب في الله والبغض في الله، وغيرها، ضمن مقرر العقيدة لأطفال/تلاميذ السلك الابتدائي.

وفي المقابل، يمكن استثمار حصص هذه المادة في إطار ما سمي في مجموعة من الدول بمادة التربية الإسلامية، والتركيز عليها باعتبارها مادة دراسية حاملة للقيم، يمكن من خلالها تربية التلميذ/المواطن على قيم الإخلاص، الأمانة، الحب، البذل، النظافة، الاعتدال، وغيرها من القيم البانية للشخصية الإنسانية، وبعد مرور الزمن، يمكن للتلميذ المؤهل إلى التعليم العالي، أن يتخصص في العلوم الشرعية، وأن يتبحر في تخصصه، بعد بناء شخصيته في المرحلة السابقة.

وبعيدا عن الدروس النظامية، يمكن استثمار وجود الشباب والأطفال في الفضاءات المدرسية، من خلال الأنشطة الموازية، التي يمكن تخصيص بعض فعالياتها لموضوع تعزيز الاعتدال ونبذ التطرف، وترجمة ذلك على مستوى فني (جداريات – مسرح – أنشودة – شعر …) أو عبر مسابقات ثقافية أو رياضية بين تلاميذ المدارس (محليا – مناطقيا – وطنيا).

ثالثا: مؤسسة الإعلام

لا تقِل مؤسسة الإعلام أهميةً عن المؤسستين السابقتين، لما لوسائل الإعلام من حضور في المجتمع، وتَماسّ مباشر مع عموم الناس بجميع طبقاتهم وفئاتهم وشرائحهم، ويمكن اتخاذها وسيلة لتثقيف أفراد المجتمع ثقافة إسلامية أصيلة، ومن خلالها، يتم ترسيخ قيم الاعتدال والوسطية في عموم المجتمع.

وذلك من خلال:

  • عقد مناظرات بين الغلاة وبين العلماء والمفكرين العدول الأثبات، حتى يتبين بالمباشر لعموم المتلقين هشاشة فكر الغلو، وضعف الغلاة وسطحيتهم، وتعاملهم غير السديد مع نصوص الشرع.
  • فسح المجال للغلاة السابقين، الذين أعلنوا أوبتهم، وتراجعوا عن غلوهم، ليبينوا للمتلقي طريقة استدراجهم إلى ما كانوا فيه، ويقدموا نصائحهم للمتلقي.
  • إعطاء فرصة لأحد التائبين أو أكثر، ممن يحظى بالقبول والاستحسان عند شريحة من الشباب، وتمكينه من دروس قارة في وسائل الإعلام، لتفكيك خطاب التطرف، وفكر الغلو، وبيان ما به من أخطاء وانحرافات.
  • تقديم مقاطع مصورة لمآسي ضحايا عمليات العنف والتفجير، من أرامل وأيتام ومعطوبين، وذلك للتأثير على شباب المجتمع، بتنفيرهم من الانخراط في صفوف الغلاة. وللتأثير على الشباب المتطرف، بثنيهم عن المضي في طريقهم إن أثرت تلك المقاطع على ضمائرهم.

رابعا: وسائط التواصل الاجتماعي

 يمكن اعتبار وسائط التواصل الاجتماعي عنصرا مهما من عناصر ما يسمى بـ”الإعلام الجديد”، ولا يمكن إغفال دورها الفعال في تعزيز الفكر الوسطي في المجتمعات الإسلامية، ويمكن للمؤسسات الرسمية بالخصوص أن تستثمرها من خلال الآتي:

  • تسجيل مقاطع فيديو – لدعم فكر الاعتدال ونقض التطرف – للمفكرين والعلماء الذين يتمتعون بالقبول في الأوساط العامة، لإخلاصهم ومُكنتهم العلمية، والعمل على نشرها في حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوزيعها على أوسع نطاق.
  • الاعتماد على مقاطع تمثيلية موجزة، حاملة في مضمونها لقيم الاعتدال، ومتنوعة من حيث الشكل:

أ – تمثيل كارتوني موجه للأطفال، تحصينا لهم منذ النشأة.

ب – استعمال مهارات الشباب في التمثيل، في مقاطع ذات بعد رسالي، موجهة للعامة.

ويمكن فتح هذا المجال للجميع، عن طريق مسابقات، وبجوائز تحفيزية، لاكتشاف مهارات الشباب، ولبث الفكر الوسطي في آن واحد. ثم تعميم نشر كل المنتجات الفنية على وسائط التواصل الاجتماعي واسع الانتشار.

خاتمة:

تبين من خلال هذه الورقة، أنْ لا علاقة بين الدين والعنف، وأن الدين بفهم العلماء العدول، بريء من العنف، ولا يثمر العنف، ولا يقبل العنف. وقد تعضدت هذه الفكرة بنقول واقتباسات من مفكرين أكاديميين غربيين، تحلوا بالإنصاف منهجا، وبالموضوعية سلاحا.

وتجلت من بين ثنايا هذه الورقة، صفحات مضيئة من تجارب عالمية خاصة بمحاربة التطرف، وخصصت الحديث عن تجربتين اثنتين، تعمدت اختيارهما للفوارق بين بيئتيهما:

التجربة الدنماركية: تجربة أوربية، والشباب المتأثر بفكر الغلو غالبا يكون متعدد الجنسيات، لأنها بلد استقبال المهاجرين.

التجربة المغربية: تجربة دولة عربية إسلامية، والشباب المتأثر بفكر الغلو هم أبناء البلد ومواطنوه.

ثم ختمت الورقة باقتراح جملة من الأسسس والمرتكزات التي يمكن أن تبنى عليها برامج الوسطية والاعتدال، مع التركيز على أهم المؤسسات التي يمكنها الانخراط بفعالية في هذه البرامج، لإنجاحها وتحقيق فعاليتها.

الهوامش:

[1]  ريتشارد دوكينز، وهم الإله: 289. ترجمة بسام البغدادي. (موجود على النت).

[2]  المرجع السابق : 311.

[3]  المرجع السابق : 290. تعمدت اقتباس بعض مقولات ريتشارد دوكينز في كتابه وهم الإله The God Delusion، لأنه من الكتب التي أثرت في عدد لا يستهان به من القراء العالميين، نُشر سنة 2006، وانتشر انتشارا سريعا، وعُدّ من الكتب العالمية الأكثر مبيعا، وبيعت منه أكثر من ثلاثة ملايين نسخة إلى حدود 2015، وترجم إلى ثلاثين لغة.

[4]  فيلسوف واقتصادي هندي، حائز على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 1998، لكتبه انتشار واسع، ترجم بعضها إلى ثلاثين لغة.

[5]  أمارتيا صن، الهوية والعنف : 76. سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد 352، يونيو 2008.

[6]  مفكر ألماني، الأمين العام السابق لجمعية الاستشراق الألمانية، مهتم بالتاريخ العربي الحديث والتاريخ الإسلامي، له كتاب بعنوان ذي دلالة مهمة، وهو : الإسلام شريكا.

[7]  فريتس شتيبات، الإسلام شريكا : 68. سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد 302، أبريل 2004.

[8]  وليام كافانو، أسطورة العنف الديني : 9. ترجمة أسامة غاوجي، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط : 1. بيروت، 2017.

[9]  المرجع السابق : 21.

[10]  المرجع السابق : 9.

[11]  يُنظر مقطع من محاضرته على يوتيوب – الرابط الآتي : =tcZR8TVbitg

[12]   مفكرة بريطانية، كانت راهبة كاثوليكية، كتبت كثيرا عن الإسلام، وبعد حادث 11 سبتمبر ألّفت كتابا بعنوان : محمد نبي لزماننا.

[13]  كارين آرمسترونغ، حقول الدم : 17. ترجمة أسامة غاوجي، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط : 1. بيروت، 2016.

[14]  المرجع السابق، 591.

[15]  المرجع السابق : 276.

[16]  كارين آرمسترونغ، محمد نبي لزماننا : 25. ترجمة فاتن الزلباني، مكتبة الشروق الدولية، ط : 1. 1429 – 2008.

[17]  تنظر الفتوى رقم 20588 الصادرة عن اللجنة الدائمة.

[18]  يجب التأكيد في هذا المقام على أن المتأثرين بالأفكار الشاذة والمتطرفة ليسوا أكثرية الشباب وغالبيتهم، بل هم قلة قليلة، إلا أن أفعالهم تطفوا على السطح بسرعة، نظرا لخطورتها أولا، وللتفاعل الإعلامي معها ثانيا، فينخدع بعض المتتبعين، ويخالون أن التطرف أمر شائع ومنتشر بقوة بين الشباب، وهذا غير مسلّم ولله الحمد.

[19]  لم نعثر – بعد بحث – على الوثائق الرسمية المؤطرة للتجربتين، وهو ما ألجأنا إلى الاعتماد على التقارير الإعلامية حولهما، وهي متضمنة لتصريحات فاعلين رئيسيين فيهما.

[20]  أغلب المعلومات الخاصة بالتجربة الدنماركية مقتبسة من المواقع الآتية :

noonpost.org *

manshoor.com *

alaraby.co.uk *

[21]  أغلب المعلومات الخاصة بالتجربة المغربية مقتبسة من المواقع الآتية :

الموقع الرسمي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج  dgapr.gov.ma

الموقع الرسمي للرابطة المحمدية للعلماء     arrabita.ma

الموقع الرسمي للقناة الثانية المغربية (برنامج تحقيق، خاص بالمصالحة)  2m.ma

[22]  تداولت بعض وسائل الإعلام نبأ إجبار بعض المعتقلين على الانخراط في البرنامج في نسخته الثانية، وأصدرت إدارة السجن المركزي بالقنيطرة بيانا توضح فيه “أنه لم يتم إطلاقا إجبار أي نزيل من هذه الفئة على المشاركة”. نقلا عن موقع hadatcom.com

[23]  استعملت كلمة “الاستغلال”، لما لها من معنى براغماتي نفعي، ولم أستعمل كلمة “الاستثمار” رغم أنها أليق وأنسب في التعامل مع النص، لأن هؤلاء يمارسون استغلال النصوص حقيقة، وذلك ببترها عن سياقها، وفصلها عن أفهام وتفسيرات العلماء العدول.

……………………….

لائحة المراجع المعتمدة:

أمارتيا صن، الهوية والعنف. سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد 352، يونيو 2008.

ريتشارد دوكينز، وهم الإله. ترجمة بسام البغدادي. (موجود على النت).

فريتس شتيبات، الإسلام شريكا. سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد 302، أبريل 2004.

كارين آرمسترونغ، حقول الدم. ترجمة أسامة غاوجي، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط : 1. بيروت، 2016.

كارين آرمسترونغ، محمد نبي لزماننا. ترجمة فاتن الزلباني، مكتبة الشروق الدولية، ط : 1. 1429 – 2008.

وليام كافانو، أسطورة العنف الديني. ترجمة أسامة غاوجي، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط : 1. بيروت، 2017.

المواقع الإلكترونية

الموقع الرسمي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج   dgapr.gov.ma

الموقع الرسمي للرابطة المحمدية للعلماء    arrabita.ma

الموقع الرسمي للقناة الثانية المغربية (برنامج تحقيق، خاص بالمصالحة)    2m.ma

hadatcom.com             

noonpost.org

manshoor.com

alaraby.co.uk

youtube.com

اترك رد