حسن الظن وتحمل المسؤولية نعمة

بقلم: نجية الشياظمي

ما أخطر الظنون: نظن أنهم نسونا، لا يهتمون بنا، تجاهلونا، لا يثقون فينا، وغيرها وغيرها من الأفكار السلبية التي تروج دائما في أدمغتنا، لأننا تبرمجنا عليها منذ الطفولة، منذ نعومة اظافرنا، تعودنا عليها، وبالتالي ارتحنا لهذه الطريقة في التعامل، نلقي اللوم على الآخرين ونتهمهم حتى من دون اي أسباب واضحة او أدلة دامغة، وساد هذا التعامل جل اوساطنا المثقفة وغيرها، الواعية وغيرها، رجالا ونساء وحتى أطفالا، حتى أصبح المتأخر عن عمله يلقي اللوم على الباص او المنبه او اي شيء آخر إلا نفسه، وتشرب أبناؤنا هذه المفاهيم الخاطئة والغير مناسبة بتاتا لعصرنا ووقتنا، وبقينا في آخر الترتيب بين الأمم، ونحن نعلم جيدا ما جعلهم يفوتوننا في سباق الحضارة والتقدم، لكننا دائما نرجع الأسباب إلى الآخر والى المؤامرات التي تحاك ضدنا دون توقف.
هكذا ساءت ثقافة سوء الظن التي خربت العلاقات ودمرتها، وفككت الأسر وشتتها، ونسينا ان ديننا ينهى عن سوء الظن ويحث على التماس العذر للآخر بل سبعينا عذرا وبعدما لا نجد اي سبب نقول لعل له عذرا لا نعلمه، هكذا يعلمنا ديننا الاسلامي التعامل الصحيح والسوي واللائق الذي يوطد العلاقات ويقويها، هكذا وجب علينا التعامل مع بعضنا بحسن نية ومحبة وتقدير واحترام، وهكذا يجب ان يفهم أبناؤنا، ان تحمل المسؤولية من أوجب الواجبات، وأن اي اهمال لا يبرر التهرب وإلقاء اللوم على الآخرين، لأن هذا ليس تصرف العقلاء، ولأن نتائجه تؤدي إلى خسارة الكثير من الوقت والجهد ولا فائدة منه، وتعليم أبنائنا المسؤولية يبدأ منذ الطفولة ،فحينما يسقط ابنك على الأرض وتأتي انت لتضرب الأرض وتفهمه انك تعاقبها فإنك بذلك ترسخ في ابنك ثقافة عدم تحمل المسؤولية، حينما يرتطم مع مائدة الاكل ويبكي من الألم ثم تحاول اسكاته بالضرب على المائدة لأنها هي التي ضربته وليس هو من لم يأخذ حذره اتجاهها واصطدم بها، وحينما يسمعك تتكلم وتتهم ان الوقت مضي عليك في الوقت الذي لم تلتزم فيه انت بالانتباه والتحكم في وقتك لتكون في الموعد الصحيح، أو حينما لا تشغل المنبه لموقعك ثم تستيقظ متأخرا وتدعي ان النوم غلبك او ان المنبه غدر بك هذه كلها سلوكيات تكرس لعدم تحمل المسؤولية، وتلقنها لابنائك خصوصا انك انت القدوة بالنسبة لهم.
رفقا بانفسنا وبابنائنا وببعضنا البعض، وحسن الظن بالخالق أهم شيء وأهم حافز لحسن الظن بالناس، حينما أحسن ظني بربي فإنني لن انتظر منه إلا خيرا، بما في ذلك كل من ساقابلهم في طريقي وخلال يومي، لأنه ليس في الحياة صدف ابدا كل شيء مدبر من الخالق سبحانه وتعالى.

اترك رد