حقيقة المأزق

بقلم: بدر الدين الادريسي

قدر للعصبة الإحترافية وقد نالت استقلاليتها من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، أن تدخل الإختبار الأول، لقياس القدرة على تحمل المسؤولية وعلى صناعة القرارات القوية وحتى المؤلمة منها، وقد تشبث الرجاء البيضاوي بعدم إجراء مؤجله أمام الدفاع الحسني الجديدي، وساق لذلك تعليلات، لست أنا من سيقول بقانونيتها أو عدم قانونيتها.
والإختبار ليس اختبار القوى، لأنه من غير المعقول أبدا أن نتصور العصبة الإحترافية خصما للأندية التي فوضتها لتكون صوتها والمدافع عن حقوقها، وفوض لها القانون المؤسس لها، تدبير الشأن الكروي الوطني في شقه الإحترافي، ولكنه اختبار التحصن بالقانون والذكاء في تكييف فصوله وتعليل ما يتفرع عنه من مواقف، والحال أننا شاهدنا على منصات «النقاش العمومي» عند التعاطي مع تداعيات المؤجل «التاريخي»، نوعا من الرعونة والهشاشة في تصدير المواقف وفي تعليل ما كان من قرارات، قالت العصبة الإحترافية أنها ستدشن لمرحلة جديدة في التدبير، مرحلة توصف بالحزم وبالتقيد باللوائح وبالقطع مع كل أشكال التليين والكيل بمكيالين.
كنت من الذين طالبوا الجامعة، بأن تطلق للعصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافية الأيدي، وترفع عنها الوصاية التي فرضت عليها منذ سنة التأسيس قبل ست أو سبع سنوات، وترمي بها إلى معترك العمل اليومي، لتحتك بالمشهد الكروي الإحترافي ولكنني اشترطت في ذلك، أن تكون العصبة الإحترافية قد بلغت درجة من النضج الذي يحولها إلى مؤسسة تحضر فيها الحكامة الجيدة، إلا أنه مع أول حالة تستدعى النباهة والحكمة في الحكم والفصل، سيظهر جليا، كم أن هذه العصبة الإحترافية، تحتاج إلى مساحة زمنية لترويض المشهد وإلى كفاءات في كل مجالات التدخل لصناعة القرارات التي لا تطالها ذرة شك واحدة، وبخاصة إلى ما يقنعنا جميعا أن هذه العصبة وقد حازت الإستقلالية ورفع عنها ما وصف بأنه حجر على الملكات، باتت لها القدرة على تحقيق الإجماع وتستطيع كمؤسسة أن تقنع من هم تحت وصايتها بحياديتها ونزاهتها واحترافيتها.
طبعا سيترتب عن الحالة التي خلقتها برمجة مؤجل الدفاع الجديدي والرجاء البيضاوي في توقيت صعب للغاية، والرجاء منشغل بمنافستين خارجيتين يلعبهما معا خارج المغرب في أقل من أسبوع، ما سيدعمه القانون وما يمكن أن تفصل فيه مؤسسات غير العصبة الإحترافية، من جامعة وغرفة التقاضي الرياضي ومحكمة التحكيم الرياضي (طاس) عند اللجوء إليها، إلا أن ما هو مستفاد من هذا النقاش الصحي هو أن العصبة الإحترافية، الحديثة العهد باستقلالية القرارات والتدبير، محتاجة إلى أن تؤسس لمرحلة جديدة لا تأخذ بعين الإعتبار ما حدث في أزمنة ماضية من تجاوزات للقانون، ولكنها تراهن على ميثاق جماعي تكون فيه كل الأندية المشكلة للبطولة الإحترافية مستوعبة لأهمية أن يذعن الكل للقانون وللقرارات الجماعية، ولأن يتفق الكل على أن لا خير في عصبة لا تدافع عن كينونتها وعن أهدافها الكبرى، بأن تقف على نفس المسافة من كل الأندية في الدفاع عنها وحتى في إخضاعها للقانون.
إن تقوية العصبة الإحترافية الضامن الأكبر لنجاح المشروع الإحترافي بالمغرب، يمر من دعمها بالكفاءات التي تسهر بحسب الإختصاص على إدارة المرافق الحيوية، فالعصبة لم تنل الإستقلالية من الجامعة لمجرد أن تضع للبطولة الإحترافية برمجة يتفق عليها الجميع ويمتثل لها الجميع، ولكنها نالت تلك الإستقلالية لترفع من قيمة وقدر المنتوج الكروي الوطني وتسوقه بالشكل الذي يعمم الخير والفائدة على الأندية كلها.
غير ذلك ستبقى العصبة الإحترافية، نهرا جافا لا ماء ولا زرع فيه.

اترك رد