رجل في امة وامة في رجل (الحلقة1)

بقلم: د. حسناء الكتاني

نظرا لتعدد الرسائل التي وصلتني في الخاص تطلب مني كتابة سلسلة منشورات تعريفية عن الوالد رحمه الله، إرتأيت سردها مختصرة قبل ذكر مؤلفاته و مقالاته و كتبه حتى لا أحرق المراحل. و أنا بدوري أعدكم – إن شاء الله – بإنزال كتاب على شكل pdf فيه تفاصيل شيقة جدا لأنني أعتبر أن من الواجب علينا كمسلمين أولا و كمغاربة ثانيا التعرف على شخصية تركت بصمة كبيرة في العالم لكنها بقيت تعمل بعيدا عن الأضواء لا تريد شيئا غير رضى الله سبحانه، و لم تلق أبدا ما يليق بمقامها وإنجازاتها لا قيد حياتها و لا بعدها.

الدكتور محمد علي ابن المنتصر بالله الكتاني

بسم الله الرحمن الرحيم:

ولد والدي (الدكتور محمد علي ابن المنتصر بالله الكتاني) رحمه الله سنة 1941م بمدينة فاس المغربية العريقة،

و ضمن سلسلة من المضايقات و الأزمات التي تعرض لها والده الشيخ العلامة محمد المنتصر بالله رحمه الله اضطر إلى الهجرة معه صحبة الأسرة بأكملها إلى دمشق و منها حصل على شهادة البكالوريا الفرنسية “شعبة الرياضيات” من مدرسة اللاييك الفرنسية و في السنة نفسها حصل على البكالوريا العربية السورية من المدارس السورية و كان ذلك سنة 1958م. فقد كان رحمه الله خارق الذكاء.

والده رحمه الله كان عالما فذا و ذا مواقف جريئة و شجاعة و علاقات واسعة داخل المغرب و خارجه و كان يحمل غيرة قوية على دينه و لغته فكان يلقن كل هذا لوالدي و يصحبه معه في الحل و الترحال و يجلسه مع علية القوم.

و عندما حصل والدي على البكالوريا و هم بمغادرة دمشق للدراسة في معهد ال polytechnique في مدينة لوزان السويسرية، قال له والده رحمه الله:

(لقد سهرت على تربيتك حسب المستطاع و تأكدت من سلامة دينك و عقيدتك و إنك الآن أمير نفسك فلا تخذلني……ثم دمعت عيناه).

و بعد الدراسة في لوزان سافر للتدريب بمعامل المعادن السويدية في مدينة “فستروس” للتدريب. ثم حصل على دبلوم الهندسة الكهربائية سنة 1963م، فتابع دراسته في لوزان في الطاقة النووية لمدة 6 أشهر غير أنه تراجع عن هذا الاختصاص لمعرفته بخطورة التعرف على أسراره، فتاقت نفسه لإكمال الدراسة في بلد ناطق بالإنجليزية.

و في سنة 1964م سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإتمام للدراسة العليا في معهد بروكلين للبوليتيكنيك و منه إلى معهد كارنيجي للتكلونوجيا في مدينة بيتسبورغ في ولاية بنسلفانيا، و هناك تفرغ للبحث و أظهر نبوغا فريدا رحمه الله.

و قد حصل والدي رحمه الله على شهادة الدكتوراة (سنة 1966م) في فترة وجيزة لا تزيد عن السنة و النصف و عمره لا يتجاوز ال 25 سنة و كان موضوع أطروحته ” الذبذبات في مادة البلازما” أو ما يسمى بالعشوائية Randomization و بعدها إنهالت عليه العروض للعمل في كبريات الشركات و الجامعات الأمريكية لكنه فضل التدريس كأستاذ مشارك في جامعة بيتسبورغ بكلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية حيث مكث فيها إلى سنة 1968 م، و هناك كتب كتابه الأول بالإنجليزية عن ” تحويل الطاقة المباشر” و الذي أصبح فيما بعد مرجعا في كبريات الجامعات الأمريكية.

و تحصل على “البطاقة الخضراء الأمريكية” تمهيدا لأخذ الجنسية إلا أن والده الشيخ المنتصر بالله رحمه الله قال له مقولة لو أدركتها و استوعبتها أدمغتنا المهاجرة لربما غيرت القرار…….و لنا في سيرة والدنا ” الشديد البرور” العظة و العبرة …..و سآتي بإذن الله على ذكر بركات و ثمار تحويله لمساره برورا بوالده رحمهما الله.

قال له والده مقولة تكتب بماء الذهب:

(تلك بلاد كفر و أنت تخدمها، و مهما بقيت فيها و ارتفع شأنك فلن تكون إلا عبدا لمصالحها، فعد إلى بلاد المسلمين و اجعل عملك وقفا على المسلمين لا على غيرهم).

و للحديث بقية……..

اترك رد