رحيل: بلاغ الخارجية عن التطورات الليبية لم يفلح في تصريف الديبلوماسية الملكية كما ينبغي

بالواضح

اعتبر هشام رحيل، الناشط بالدبلوماسية الموازية بأن البلاغ الأخير للخارجية المغربية بخصوص تطورات الملف الليبي لم يفلح في تصريف الديبلوماسية الملكية، كما أنه لم يواكب تصورات القصر الملكي بنفس القيم والقوة.

وقال رحيل في قراءته لبلاغ وزارة بوريطة حول إقصاء المغرب من المشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا، إن الخارجية، من خلال بلاغها، لا تواكب تصورات القصر الملكي بنفس القيم والقوة ولا تساهم في تصريف دبلوماسيته كما ينبغي، مضيفا بأن مردّ ذلك راجع إلى نقص في حرفية العمل الديبلوماسي الميداني والسياسي، فالملك، يقول الخبير الديبلوماسي، لا يمكنه تتبع كل جزئيات العمل اليومي للديبلوماسي المغربي ولا يمكنه أن يصوغ البلاغات نيابة عن إدارة ضخمة بمواردها وأطرها”.

وعن مضامين بلاغ الشؤون الخارجية، أوضح الناشط بالديبلوماسية الموازية، بأن تعبير الخارجية عن استغرابها، يشير إلى عدم دعوة المغرب لحضور مؤتمر برلين، وهذا من شأنه أن يدق ناقوس خطر حقيقي حول مستوى الديبلوماسية المغربية ويجعلها عرضة السخرية والنقد، يضيف هشام رحيل، ذلك أنه لا يعقل في الصراعات الدولية والإقليمية من هذا الحجم، وبالنظر إلى معرفة المغرب به انطلاقا من مشاركته السابقة في حلحلته من خلال اتفاق الصخيرات، وأيضا باعتبار قربه الجغرافي والثقافي من ليبيا، فإنه يفترض حد أدنى من التحرك المسبق لتفادي هذا الحرج.

وفي السياق ذاته، أوضح رحيل بأنه لا يمكن لدولة محورية كالمغرب أن تعبر عن استغرابها من موقف اقصائي، أصبح المواطن البسيط على إطلاع عليه من قبل وسائل الإعلام العالمية ومن قبل تحركات وتصريحات المشاركين في المؤتمر. فمنذ مدة يعرف الجميع أن فاعلين جدد دخلوا على خط الأزمة وهم روسيا وتركيا ثم التحرك الجزائري الأخير. لذلك كان من المعروف أن هناك احتمال إقصاء المغرب وكان من الضروري التحرك وقتها مع اللبيين لتفادي هذا الوضع.

واعتبر الناشط بالدبلوماسية الموازية، بأن بلاغ الخارجية تنقصه الدقة السياسية، مؤكدا بأن المنتظم الدولي هو بطبيعته مجال لتصارع القوى، وميدانا لفرض الإرادات والرؤى حسب مواقع امتلاك القوة وحسب المصالح، مشيرا الى أن العلاقات بين الدول لا تنظمها الالتزامات الأخلاقية والقيمية بقدر ما تستجيب لحجم المبادلات المصلحية، وهي بذلك لا تخضع للمزاج وإنما لموازين تزن المواقف من منظور مواقع القوة.

وأعرب رحيل عن استغرابه من إيراد فقرة وصفها “بالغريبة” في بلاغ الخارجية المغربية، التي تعبر عن انزعاج الخارجية من مشاركة أطراف في مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية، وهي بعيدة إقليميا وجغرافيا عن المنطقة، موضحا بأن الغرابة هنا تكمن في كون الدول تتدخل بناء على مصالحها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق دولية بعيدة عنها، وكما فرنسا وبريطانيا وروسيا وغيرهم، هذه الفقرة تثبت أن الديبلوماسي المغربي غير متتبع وغير مواكب لتطور للمفاهيم الكبرى في العلاقات الدولية المبنية على المصلحة. فمثلا مفهوم الحدود في العلوم الاستراتيجية، تطور من المفهوم التقليدي الذي يركز على الجغرافيا والتراب الإقليمي، إلى مفهوم أوسع يضم الحدود الثقافية والاقتصادية للدول. فالقوى الدولية والإقليمية، تحرك ديبلوماسيتها وجيوشها خارج حدودها لحماية مصالحها الاقتصادية والثقافية، أينما توجد مصالح حيوية تتحرك الدول الكبرى لحمايتها ولو بالتدخل في شؤون دول أخرى، وهذا بالضبط ما يجري في كثرة التدخلات في المسألة الليبية.

وشدد رحيل، على أن بلاغ وزارة الخارجية يعتبر خارج سياق فهم طبيعة الصراع، وغير متطابق مع التطورات الأخيرة في الوضع الليبي بتدخل أطراف جديدة حضرت بقوة وغاب المغرب منذ مدة عن الملف وهو الذي بدأ في حلحلته من خلال اتفاق الصخيرات، مشيرا الى “أن منطق تدبير العلاقات الدولية المتميز بالقوة والمصلحة، لا يحابي أحدا ولا يقدر المواقف الضعيفة، بل يتعامل فقط مع من يملكون القدرة على فرض الاحترام من خلال ما يملكون من قوة في الموقف وقوة التأثير على ميدان النزاعات”.

اترك رد