ردا على مغالطات حول “الجمهورية الوهمية” بين الحقيقة والوهم

بالواضح - سعد ناصر

خرج علينا مؤخرا أحد الأقلام التونسية للأسف التي تبدو عليها آثار دينارات النظام العسكري الجزائري، بكتابات حول قضية الصحراء المغربية في جريدة القدس العربي، والخوض فيها بكثير من الهرطقات والمغالطات وادعاء الحياد المزيف تحت طائل الوحدة المغاربية.

ولعل ما يكشف زيف ذلك الحياد هو تناول القضية الوطنية من زوايا متناقضة مع إدارة الظهر للمعطيات التاريخية خاصة ذات المرجعية الأممية التي تحتكم إليها 193 دولة الموقعة على ميثاق عضويتها بما فيها بلده الشقيق.

صاحبنا هذا والمسمى نزار بولحية، الذي يبدو ألا نصيب له من معرفة قضية الصحراء إلا النزر اليسير، وإن كان ذلك كثير في حقه. ابتدأ مقاله بعنوان مضلل وخاطئ “حقيقة الجمهورية الصحراوية: دولة أم محمية؟” حيث دخل الموضوع كمن دخل بحرا متلاطما في وقت لا يجيد سباحة أمواجه، وهو ما حصل لصاحبنا النزار، حيث دخل في ملفات وقضايا أكبر منه، منها جدلية “الوهم” و”الحقيقة” في كيان غير موجود أصلا، وفي الوقت نفسه يقرّ باعتبار الجزائر صانعة ومحتضنة الكيان المفتعل!؟

إلى ذلك عرّج صاحبنا على افتعال جدلية أخرى وكأنه جيء به من اجل إعانة ولي نعمته الجزائر في قضية افتعال الوهم، حيث عرج على افتعال أكذوبة بأن للبوليساريو إرادة واختيار وأن لها كيانا يفكر ويعي، وأنها راضية أو غير راضية بكونها أداة صراع بين المغرب والجزائر وأن هذه الجمهورية الوهمية مضطرة للاصطفاف وراء الجزائر ما دامت الأخيرة في صفها وتساندها في السراء والضراء.

وفي الوقت الذي تعلم جل دول العالم علم اليقين بأن البوليساريو شأن جزائري صرف وأنها مجرد صناعة عسكرية جزائرية تسعى لتصفية الحسابات مع المغرب من جهة، ومن جهة أخرى بغرض ريادة إقليمية والوصول الى الاطلسي، غير أن صاحبنا ومن خلال الطريقة التشكيكية التي يتناول فيها مقاله عبر الحياد الزائف، من خلال طرح الحقيقة والحقيقة الوهمية، إلا أن عورة الكاتب انكشفت هنا عندما غفل صاحبنا بشكل متعمد الحقيقة التاريخية المستندة على منطق البيعة التي انتزعها الملك الراحل الحسن الثاني من محكمة لاهاي الدولية، من أن لدى ساكنة الصحراء روابط بيعة مع الملوك المغاربة العلويين وأنها لم تكن أرضا خلاء، حيث أتى بمقارنة غير متناسبة و”وهمية” أخرى عندما أدرج الجزائر في القضية واعتبر بأن معطى البيعة المغربية يأتي في مقابل الأطروحة التي تروج لها الجزائر على مقاسها عبر فكرة تقرير المصير.. أين هنا إذن عناصر الشبه والالتقاء !؟ وحتى لو اعتبرنا ذلك جدلا فمتى كان المغرب ضد هذا المقترح، لاسيما وأنه سبق وأن أتى بحل من هذا الباب عبر الحكم الذاتي الذي يعتبر بحد ذاته وجها من أوجه تقرير المصير باعتراف الأمم المتحدة ومجلس الأمن وجل أسرة المجتمع الدولي التي وصفته بالجاد وذي المصداقية، بل وحتى مسألة الاستفتاء التي تنادي بها الجزائر وأقلامها المَبرِية، فإن من يعاكس منطقها واتجاهها هي الجزائر نفسها عبر رفضها إحصاء ساكنة تندوف التي باتت مطلبا أمميا. فمن إذن مع ومن هو ضد منطق تقرير المصير، إسمع يا نزار إن الجزائر التي لازالت تعيش على وقع الحراك كل جمعة ودخلت سنتها الثانية، ليعبر شعبها صراحة رفضه شرعية ما يسمى الرئيس الجديد، كما عبر أيضا في لافتات موثقة بالصور عن مطالبه بطرد جبهة البوليساريو من مخيمات تندوف وفتح الحدود مع المغرب، هذه هي المصلحة المغاربية التي كان عليك النداء لها يا “بولحية” والتي آمن بها الجزائريون أنفسهم ونادوا بها، فلماذا تخوض في المياه العكرة وتترك الحقائق ساطعة وتخرج عن الإجماع الدولي والعربي من أجل جلب الشهرة وبعض التعليقات والاعجابات تحت قاعدة خالف تعرف.

اترك رد