زلات لها بالشرك علاقة عند البوصري؟

بقلم: د. محمد وراضي

نحن ممن يرون الفائدة في التكرار، وعليه نعيد إلى الأذهان، كيف أن قراء بردة البوصيري، يقرونه على ما ورد فيها من بدع مسيئة إلى الإسلام. إنه يؤكد بأن العالم لم يخرج من العدم إلا بعون من رسول الله؟ وهل زعمه هذا، خفي على علماء السلطان؟ لأن البوصيري يجيز شيئن: أزلية الرسول، والشرك البواح؟ ومن ادعى ما ادعاه البوصيري في بردته فقد كفر؟ فيكون على علماء السلطان الانحياز إلى الحق الذي ينفي بصريح النصوص القرآنية والحديثية وجود أي شريك لله تعالى، وأي كائن أزلي إلى جواره؟
والقسم بغير الله يا علماء السلاطين، هل هو سنة ؟ أم هو بدعة ضلالة؟ يقول البوصيري في بردته:
يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم…
أقسمت بالقمر المنشق إن لـــه في قلبه نسبة مبرورة القســــــــــــم
والقسم في الحديث النبوي بغير الله تعالى شرك. والبوصيري هنا يقسم برسول الله، ويقسم بالقمر، مع أنه ورد عن رسول الله ص حديث يقول: “من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر”.
وإذا كان القسم بالرسول لا يصح، فالقسم بالقمر من باب أولى. وكل ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على جهل البوصيري بأبسط مبادئ التوحيد؟ ومع ذلك يرحب بضلاله رسميا في مختلف المناسبات الدينية. وبتأثير من يمثلون الإسلام المغربي تمثيلا فضحناه من خلال أكثر من مؤلف لنا، خاصة في كتابنا الصادر عام 2013م تحت عنوان “عن تدبير الشأن الديني والتطرف. أية هفوات وأية مفارقات”؟
والمغالاة في تقديس منظومة البوصيري من جملة التطرف الديني الذي رعته وترعاه مختلف الحكومات المغربية المتعاقبة. آخرها حكومتا عبد الإله بنكيران، وسعد الدين العثماني؟؟؟ وإلا كيف نبرر العبارات المسيئة إلى الدين على لسان البوصيري الشاذلي الطريقة؟ هذه العبارات التي لم يتحرك علماء السلطان للأسف الشديد لفضحها وإلغاء أي ترويج لها. وهاكم المزيد حيث يقول البوصيري:
جاءت لدعوته الأشجار ساجدة تمشي إليه على ساق بلا قدم
وما يدعيه هذا المفتري منهي عنه كتابا وسنة. فالركوع والسجود لله وحده، لا للأنبياء والرسل، وباقي البشر والمخلوقات؟ خاصة وأن الوثنيين يركعون ويسجدون لما لهم من آلهة؟ كما كان الرومان يركعون ويسجدون للإمبراطور الذي يتحكم في رقابهم كما يحلو له؟ والله تعالى يقول: “لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون”. والنهي عن السجود لغيره سبحانه، يسري على كافة مخلوقاته. فضلا عن كونه ص يقول: “لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبده ورسوله”. ثم يضيف البوصيري إلى زلاته المتقدمة فيقول:
وكل آي أتى الرسل الكرام بها فإنما اتصلت من نوره بهم
وفي هذا البيت إخلال بتوحيد الربوبية! إذا لم تكن فيه وحدة وجود، حيث إنه جعل من نور محمد ص أصلا لجميع الأشياء؟ مما يعبر عنه المتصوفة ب”الحقيقة المحمدية”، يعني أن البيت في الحقيقة تكرار للذي ادعى فيه البوصيري أنه لولا رسول الله ما خرجت الدنيا من العدم؟ ثم يضيف إلى زندقته فيقول:
لا طيب يعدل تربا ضم أعظمه طوبى لمنتشق منه وملتئم
والحال أن رسول الله، أوضح لنا كيفية زيارة القبور، وآداب هذه الزيارة، وحصرها في السلام على أهلها والدعاء لهم، بلا قراءة “الفاتحة” ولا غيرها من القرآن، لأن القرآن جاء للأحياء لا للموتى. ثم إنه ما أجهل وأحمق الذين يتمسحون بقبور الصالحين، ويتمرغون كالبهائم بترابهم!!! ويترامون على أعتابهم!!! مع ما يصحب ذلك من الاستغاثة بهم، والذبح عندهم وإليهم، مما هو كفر صريح لحديث “لعن الله من ذبح لغير الله”!!
ثم يستمر البوصيري في تقديم صور قاتمة من الضلال والظلام البعيدين عن حقيقة الإسلام الحق حين يقول:
يا أكرم الخلق من لي ألوذ بـه سواك عند حدوث الحادث العمم
فإن في جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلـــــم
لكن حكوماتنا المتعاقبة، وآخرها حكومة العثماني المسلم المستسلم للمخطط العلماني الذي يصف الدين بالفكر الظلامي. يعني أن حكومته هذه القائمة اليوم، لا ترى أي بأس في تقديم صور المقبلين كالبهائم على تقبيل درابيز مقدسيهم مع دعائهم المصحوب أحيانا بالبكاء، لإصلاح أحوالهم وحل مشاكلهم، مما يؤكد فعلا كونهم مشركين، بحيث إنه لا فرق بين من يتوسلون إلى الله برسوله، وبين من يتوسلون إليه بالمقبورين من أصحاب الأضرحة والقباب؟؟؟
إضافة إلى أن البوصيري يدعي أن رسول الله هو الذي جاد علينا بالدنيا والآخرة، وأن من علومه “علم اللوح والقلم”؟ بينما الله عز وجل يكذب هذا الزعم الضلالي، ويخبر في غير ما آية بأن رسوله لا يعلم الغيب. لكن البوصيري يؤكد لنا أنه يعلم مضامين اللوح المحفوظ؟ ثم تغض حكومة الإسلاميين المزعومين عندنا بصرها عما يجري من إساءة إلى الدين تحت رعاية من يدعون أنهم يدبرون شأنه؟ اللهم إن هذا منكر؟

اترك رد