سباق ضد الساعة لإيجاد لقاح مضاد لفيروس كورونا وسط دعوات لتوفيره لكافة الشعوب

بالواضح

تخوض العديد من البلدان وخاصة المتقدمة منها، سباقا ضد الساعة لتوفير لقاح مضاد لجائحة كوفيد-19 ، في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات عبر العالم منادية بجعل اللقاح متاحا لكافة الشعوب مجانا أو بثمن التكلفة.

وكانت الولايات المتحدة التي تعد أحد أكثر بلدان العالم تأثرا بالجائحة على المستويين الصحي والاقتصادي، سباقة إلى تسخير جهودها البحثية للتوصل إلى لقاح بنهاية العام الحالي.

وبلغت هذه الجهود سرعتها القصوى خلال الأيام الأخيرة بإيعاز من الرئيس دونالد ترامب المتلهف لاستعادة الزخم الاقتصادي الذي طبع السنوات الثلاث الأولى من ولايته الرئاسية، حيث بادر إلى تعيين البروفيسور منصف السلاوي، مديرا علميا لعملية “وورب سبيد”، الهادفة إلى التوصل “على وجه السرعة” الى لقاح مضاد لكوفيد- 19.

كما عين الرئيس الأمريكي الجنرال غوستاف بيرنا للمساعدة في الإشراف على هذه العملية غير المسبوقة.

وأكد البروفيسور السلاوي أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على إنتاج “مئات الملايين من الجرعات” من اللقاح بحلول نهاية 2020، مشيرا إلى أن البيانات الأولية المتعلقة باختبار سريري للقاح ضد فيروس كورونا عززت هذا الطموح.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة “موديرنا” الأمريكية أمس الاثنين عن “معطيات مؤقتة إيجابية” في المرحلة الأولى من التجارب السريرية على مشروع لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، والتي شملت عددا محدودا من المتطوعين.

وجاء في بيان صادر عن الشركة أن اللقاح الذي أطلقت عليه تسمية “إم آر إن ايه-1273” بدا أنه يؤدي الى استجابة مناعية لدى ثمانية أشخاص تلقوه، بحجم الاستجابة نفسه الذي يمكن رؤيته لدى الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس.

وصرح تال زاكس، المدير الطبي لشركة “موديرنا” التي تستثمر الحكومة الأمريكية نحو نصف مليار دولار في مشروعها، بأن “هذه المعطيات المؤقتة من المرحلة 1، رغم أنها أولية، تبيّن أن اللقاح إم آر إن ايه-1273 يؤدي الى استجابة مناعية بالحجم نفسه لتلك التي تثيرها العدوى الطبيعية”.

ومن المقرر أن تبدأ قريبا المرحلة الثانية التي تشمل عددا أكبر من الأشخاص، فيما يُتوقع الشروع في المرحلة الثالثة، وهي الأخيرة والأهمّ للتحقق من فعالية اللقاح، في يوليوز.

وتلقفت أوساط المال والأعمال في بورصة وول ستريت إعلان “موديرنا” على الفور، حيث سجلت الأسهم الأمريكية ارتفاعا في افتتاح التداول أمس الاثنين مما يشير إلى أنها قد تتعافى بعد أكبر نسبة انخفاض أسبوعي خلال شهرين تقريبا.

وارتفع مؤشر إس أند بي 500 بنسبة 2.7 بالمائة ، في حين كسب مؤشر داو جونز الصناعي 753 نقطة ، أو 3.2 بالمائة ، في بداية التداول.

وعلى غرار الولايات المتحدة الامريكية، تسارع عدة بلدان أوربية الخطى لإنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا من بينها بريطانيا التي أعلنت أنها ستستثمر نحو 93 مليون جنيه إسترليني (112 مليون دولار) لتسريع إنشاء مركز لقاحات جديد وافتتاحه في صيف 2021، قبل عام من الموعد المقرر.

ويعد المركز أحد المكونات الرئيسية في برنامج الحكومة البريطانية لضمان توفير لقاح لفيروس كورونا بكميات ضخمة سريعا بمجرد توفره.

وفي آسيا تتظافر جهود كوريا الجنوبية والصين واليابان لتطوير لقاح مضاد للفيروس من خلال تبادل المعلومات الخاصة بالعلاج واللقاحات.

وأصدر وزراء الصحة في البلدان الثلاثة بيانا مشتركا تعهدوا فيه بإنشاء نظام استجابة لأزمة الأمراض المعدية وبناء نظام تعاوني لتطوير علاج ولقاح لكورونا وتوسيع نطاق تبادل رجال الأعمال.

وفيما تواصل هذه البلدان وغيرها عبر العالم، حشد كفاءاتها العلمية ووسائلها التمويلية لنيل قصب السبق في التوصل الى لقاح، حرصت منظمة الصحة العالمية على التأكيد على ضرورة إتاحة اللقاحات “الآمنة” التي سيتم التوصل اليها ” للجميع، باختلاف جنسهم وأعمارهم وخلفياتهم، وبأقل التكاليف”.

وقال تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، المدير العام للمنظمة، إن الباحثين يعملون على قدم وساق لفهم الفيروس والتصدي لمرض كوفيد-19 وتطوير لقاحات ممكنة وعلاجات وغيرها من التكنولوجيات، مسجلا أن هذه الأدوات “تمنح أملا مضافا لتجاوز كوفيد-19، ولكنها لن تقضي على الجائحة إذا لم نضمن الحصول العادل للجميع على العلاج”.

ودعا إلى إطلاق العنان في هذه “الظروف الاستثنائية” لقوة العلم في تقديم ابتكارات قابلة للتطوير وللاستخدام “وتعود بالنفع على الجميع في كل مكان وفي نفس الوقت”، مشددا على أن الوقت قد حان ليجتمع قادة دول العالم من أجل تطوير سياسة وصول عالمية جديدة وأدوات تشغيلية جديدة من شأنها أن تحوّل جميع النوايا الجيدة التي تم التعبير عنها في الأسابيع الماضية إلى واقع.

وانسجاما مع الدعوات والمناشدات المتكررة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، وجه أزيد من 140 من الزعماء والقادة والخبراء من مختلف أنحاء العالم نداء لتوفير لقاح مجاني مضاد لفيروس كوفيد -19 لفائدة جميع الشعوب.

وأكد النداء أن جميع اللقاحات والعلاجات والاختبارات يجب أن تكون خالية من براءات الاختراع وأن تُنتج بكميات وفيرة وأن يتم توزيعها بالعدل وأن تكون متاحة للجميع ولكافة الدول مجانا.

كما طالب بتجميع إلزامي للبراءات على نطاق عالمي وتقاسم جميع المعارف والبيانات لتمكين أي دولة من إنتاج أو شراء جرعات من اللقاحات والعلاجات والاختبارات بأسعار معقولة، داعيا إلى التعجيل بصياغة خطة عالمية عادلة لتصنيع وتوزيع جميع اللقاحات والعلاجات والاختبارات التي تمولها الدول الغنية بالكامل وتضمن شفافية الحصول عليها “بأسعار التكلفة الحقيقية والإمداد بحسب الحاجة، لا بحسب القدرة على الدفع”.

وعلى صعيد الأمم المتحدة دعت الجمعية العامة التي تضم 193 دولة، الأمين العام للمنظمة إلى استكشاف سبل لضمان حصول جميع المحتاجين – وخاصة في البلدان النامية على لقاحات وأدوية أخرى مجانا وبصورة عادلة وسريعة لمكافحة فيروس كورونا.

وإقرارا منها بتداعيات الوباء على التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، أكدت الجمعية العامة مجددا على الدور الأساسي لمنظومة الأمم المتحدة في تنسيق الاستجابة العالمية للوباء. وطلبت من الأمين العام تحديد الخيارات وتقديم توصيات من أجل الوصول العادل والمنصف والشفاف، وفي الوقت المناسب، إلى لقاحات كوفيد-19 بعد توفرها – وكذلك أدوات التشخيص والإمدادات الطبية – “بهدف إتاحتها لجميع المحتاجين، ولا سيما في البلدان النامية “.

وحثت أيضا البلدان على تعزيز التنسيق – بما في ذلك مع القطاع الخاص – من أجل تطوير وإنتاج وتوزيع الأدوية المضادة للفيروسات وأدوات التشخيص ومعدات الوقاية الشخصية واللقاحات بسرعة و الالتزام بأهداف الفعالية والسلامة والإنصاف وإمكانية الوصول والقدرة على تحمل التكاليف مع منع المضاربة في الأدوية الأساسية واللقاحات ومعدات الوقاية الشخصية والمعدات الطبية وتخزينها.

وفي سياق ذي صلة ، أفرز التنافس المحموم لإيجاد لقاح لكوفيد-19 تراشقا واتهامات متبادلة بين عدة بلدان كان أكثرها إثارة اتهام الولايات المتحدة للصين بتسخير أطراف مرتبطة بها لسرقة أبحاث أمريكية حول جائجة كوفيد-19.

وأدان وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو في بيان بهذا الخصوص،”محاولات جهات القرصنة السبرانية وجامعي المعلومات غير التقليديين المرتبطين بجمهورية الصين الشعبية سرقة الملكية الفكرية الأمريكية والبيانات المتعلقة بأبحاث كوفيد-19”.

ودعا البيان بكين إلى “وقف هذا النشاط الخبيث”، معتبرا أن “سلوك جمهورية الصين الشعبية في الفضاء الإلكتروني هو امتداد لسلوكها المعيق خلال جائحة كوفيد-19”.

ولم يتأخر رد الصين كثيرا، حيث أعربت عن استيائها من الاتهامات الأمريكية التي وصفتها بأنها محض “افتراءات” تهدف إلى “التشهير” بها.

وأكدت موقفها الرافض لأي تصرفات من خلال الإنترنت تهدف إلى تقويض جهود مكافحة المرض ، معتبرة أنها “في طليعة الدول التي تقوم بالأبحاث للتوصل إلى لقاح وعلاج لكوفيد-19، ولديها سبب أكبر لأن تكون حذرة من سرقة المعلومات عبر الإنترنت”.

اترك رد