عندما تصير المحنة منحة ورغم الألم نصنع الأمل

بقلم: أبوزير المصطفى

صديقي ورفيقي الغالي الدكتور خامس مفيد وأنا أسمع خبر نجاحك في مباراة “أستاذ جامعي درجة أستاذ مساعد” لا تسعفني الكلمات والجمل وأنت الضليع في لغة الضاد وعيوني تغمرهم الدموع وقلبي بك فرح مستبشر؛ خبرك نزل علي وأنا بي أتذكر معاناتك صديقي العزيز ورفيق زنزانتي الغالي وما ذقته وذقناه معك من مرارة الاعتقال لمدة عام مليء بالتعذيب النفسي والجسدي وأخص بالذكر ماتعرضت له أنت شخصياً في منتصف شهر نونبر 2014 والذي أعقبه إضراب عن الطعام خضناه نحن التسعة مدة 15يوم والذي تزامن مع المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بمراكش؛ نجاحك عن جدارة واستحقاق وكفاءة تكذب كل تلكم المحاكمات والتحقيقات التي تمت بتعليمات رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وتكذب كل خطاباته التي تشدقت بكذبه أمام ملايين المغاربة بكون هؤلاء الأطر هم ممن يرهبون المباريات لأن كفاءاتهم لا تؤهلهم لذلك لأن حزب العدالة والتنمية وأمينه العام آنذاك بنكيران كان يزكي في انتخاباته سواء التشريعية أو الجماعية من هم فاقدو الأهلية سواء الأخلاقية أو الدراسية والحالات التي رصدت لهم لاحقاً وهم يغشون في الامتحانات الإشهادية شاهدةٌ على ذلك؛ لذلك لا أتعجب لمن لا يملك الكفاءات في حزبه أن يفهم ماهي الكفاءة أو الشهادة العليا الجامعية من ماستر أو دكتوراه أو حتى إجازة بعد كد وجد واجتهاد وسهر الليالي البيضاء لأنه ببساطة يقدس مايسمى بالجهل المقدس ويستثمر في الأمية من أجل قاعدة انتخابية شعبوية بدغدغة العواطف في قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد للسياسة في مفهومها المرتبط بالتدبير والتسيير وفق مشروع مجتمعي يجيب على حاجيات كل الفئات ويحقق العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية وفق حكامة جيدة وفق برامج تسطرها كفاءات وطنية….

شكراً لك دكتور الخامس مفيد لأنك أكدت كما كنت داخل المعتقل أنك قدوة تستحق التقدير والاحترام وأنا أكتب تهنئتي لك هاته أيها البطل العزيز وأتذكر يوم الاثنين المشؤوم 09 مارس 2015 في اتصال مع من يدعي النضال أننا يجب أن لا نتكلم وأن لا نتفوه بكلمة لأنهم عازمون على “تغراقنا” بسنة سجن إضافية للسنة التي قضايناها وراء القضبان وأن نؤخر الجلسة لموعد لاحق؛ هذه المكالمة الصادمة كانت كافية لتجعلنا نحن الاثنان بالزنزانة 50 بحي ميم 1 بالسجن السيء الذكر الزاكي نحس في تلك الليلة أن الدولة رغم أدواتها وآلياتها القمعية التي تستعملها في بعض المرات أرحم بكثير من قمع وترهيب بعض أشباه المناضلين ممن اقتسمنا معهم النضال في سبيل قضية أشرف وأنبل منهم مكالمة جعلت قلبي يعتصر دما وعيناي تمتليء دمعاً تألمت فيها كثيراً كما أنت وكنت شاهداً على هذه الليلة الحزينة المفعمة بالأمل رغم مرارة الصدمة والألم والتي لم يغمض لي فيها جفن لأنها أظهرت لنا أننا كنا مخدوعين فيمن كنا نثق في مبدئيتهم الوهمية لأنه في تلكم اللحظة المفصلية لم يقدروا تضحياتنا ولا يقدروا دموع عوائلنا وأسرنا والتي لم تجف منذ اعتقالنا يوم الخميس الأسود03أبريل2014
بل كل هذا كان في اتجاه العمل على التضحية بأحدنا كشهيد من داخل السجن بتدمير معنوياته ظنا منه أن نفسيتنا محطمة إلى ذلك الحد الذي قد يقودنا لما يجول في مخيلته البئيسة خدمة لأطروحة بعض القوى العدمية التي لا تختلف عن الخوانجية في زرع اليأس وبذور العدم؛ ولكنه نسي مع نفسه وهو الذي مر بتجربة اعتقال والتي ضحى فيها برفيق دربه الذي قضى عقوبته كاملة بينما هو لم يقضي إلا الثلث مما حكم به رفيقه؛ في ممارسة انتهازية تنال من المناضل ولا تتحسس ولا تستشعر البعد الإنساني المبدئي للعملية كيف لا وهؤلاء الأطر التسعة مقبلون على محاكمة أقل مايقال عنها أنها مفصلية ومصيرية وبطريقته الدنيئة هاته كان مبتغاه النيل من معتقلي القضية ومحبيهم من الأطر المجازة والعليا التي كانت تنتظر بفارغ الصبر الإفراج عنهم لتنفك كربتهم وتنشرح سريرتهم وتتطلع لحل لملفهم المطلبي والمرهونة في نظرهم بانفراج ملف رفاقهم التسعة المعتقلين؛

ولكن أنت تريد وأنا أريد والله فعَّال لما يريد؛ وجاء الانفراج بعد مرافعات ومرافعات أبدع فيها المحامون وعلى رأسهم أخ النقيب أقديم المحامي/الإنسان حسن أقديم وحتى الأطر العليا التسعة المعتقلة قدمت مرافعة أقل مايقال عنها أنها مرافعة تستحق وسام تشريف لكل أبناء هذا الوطن المقموعين والفقراء المسحوقين أبناء العمال المقهورين والفلاحين المهمشين وعموم أبناء الشعب المحكورين مرافعة تشرف الجامعة المغربية وخريجيها وقد تكلفت شخصياً بها بتفويض خاص من المعتقلين التسعة؛
وأنا أهنئك صديقي الغالي ورفيق زنزانتي العزيز استحضرت هاته الأحداث والذكريات التي لن تمحى من الذاكرة ولا من المخيلة ولن تمحوها الشهور ولا السنين إلا أن تسلم الروح لبارئها؛ هذه الأحداث والذكريات تستحضر كذلك مامر بنا كمعتقلين سياسيين تسعة لحركة المعطلين وأنت أحد هؤلاء الأبطال الذين كتبوا التاريخ بسنة اعتقال من زهرة شبابهم وست سنوات من القمع والتفرشيخ والدماء بشوارع العاصمة الرباط وعلى رأسها شارع محمد الخامس؛
كلي بك فخر أيها الشهم بهذا النصر وهذا الإنجاز المظفر لك يا رفيقي الخالي من كل شر بكل الحب والافتخار أهنئك وهنيئاً للعائلة ككل؛ هنيئاً لتلك الأم التي عانت ويلات الزيارات للسجن وذاك الأب الذي عانى الأمرين مع كل دخول لذلك الممر المليء والمكتض بكل أصناف وأنواع البشر والذي يفتش فيه الإنسان في كل شبر في معاناة تشمئز النفوس المظلومة منها وتعاني في صمت وتصبر على كل ذلك الضرر حتى لا تسيء لصورة الإطار العالي المعتقل داخل تلكم البقعة السجنية؛ هنيئاً لأخيك فهو بحق يستحق التهنئة نظير مواكبته للملف منذ الوهلة الأولى لدخول ذلك الملف لردهات المحاكم وغرف التحقيق التمهيدي والتفصيلي.
هنيئاً لك أيها البطل والمعتقل السياسي السابق الدكتور الخامس مفيد
والحمد لله الذي بفضله كل محنة تمر بنا تصير منحة تصنع أمل في نفوس شباب هذا الوطن رغم مرارة الألم من أجل جامعة عمومية كلنا فيها شركاء جامعة عمومية مغربية لكل المغاربة دون استثناء.

*أخوك ورفيق زنزانتك أبوزير المصطفى*
*المعتقل السياسي السابق لحركة المعطلين*

اترك رد