فلاش باك فلاش باك

بقلم: نجية الشياظمي

في كل يوم يعصر قلوبنا الف ألم و ألم ،ويوخزها ألف سكين وسكين. كلمات نظرات وربما أحيانا ابتسامات لكنها ماكرة، تريد ان تنال منا بكل شكل وبكل طريقة. وفي كل مرة علينا التحلي بالصبر بالهدوء وبالسكينة. يبررون ولا يتعبون من التبرير ،لا ابدا لا يكلون ولا يملون، وكأن الله خلقنا لأجلهم لأجل أن يصبو علينا كل ما يكتم على أنفاسهم،كل غيظ وبؤس و وشؤم ،يعتقدون أنك ستستمر إلى ما لا نهاية في تجرع الأذى والخيبة، و يوما بعد يوم تصبح عديم الإحساس اتجاه نفسك لا اتجاههم،فلقد عودت ذاتك على الوفاء لهم أكثر من نفسك ،على الإحساس بهم أكثر من إحساسك بنفسك ، و تمر الأيام والسنين ،ويوما يشاء الله ان تستيقظ من سباتك الطويل. لتتامل وجهك في المرآة فتجد انك أصبحت بقايا إنسان ،لأنك عشت من أجلهم لا من أجل. نفسك، ضحيت وتعبت وتنازلت وقاومت ،لتجد نفسك في نهاية المطاف وحيدا ،رغم انك قتلت نفسك لأجل ان يبقوا مجتمعين. لكنك الآن في ركن لوحدك تتأمل العالم وكأنك جئت من كوكب آخر ،تستغرب وتتعجب، كيف كنت تقاوم بهذه الشراسة لتجد نفسك اليوم هكذا ،بلا سند ،بلا عدة ،وبلا جهد . فقد اضعت كل شيء في معركة خاسرة ،ولربما هي اصلا لم تكن معركتك حتى تخوضها .تهدأ وتستكين في مكانك لتخاطب نفسك وتسائلها ،لأي داع لأجل ماذا كان هذا كله .
تكلم نفسك وتعلم أنه ليس في يدك الآن إلا بقايا عمر ،حزمة من الذكريات ،بقايا قوة جلها ضاع من أجل ان تبقى واقفا لا يحطمك شيء، من أجل ان تبرهن ان القرار الذي أخذته يوما ما وكان سبب ضياعك لم يكن خاطئا وأنك بنيت على حسن نية وحسن ظن .لكن الأيام ما تفتأ هي أيضا تبرهن لك على انك كنت مغرورا ومعجبا ومزهوا بنفسك لأنك لم تكن بمستوى النضج الذي انت عليه الآن ،لم يعد في يدك اي دليل على براءتك مما انت فيه .مهما حاولت ،كل الأدلة من نفسك ضدك ،لأنك كنت عدو نفسك حينما كانت تنتظر منك ان تمنحها والا تتخلى عنها لأجل الآخر .
هكذا هي الحياة تعطينا دروسا أحيانا تكون متأخرة ،لكنها تكون في الصميم.

اترك رد