كورونا وقضايا الإنسان المعاصر

بقلم: حسن حلحول

 نحن اليوم نعيش في عالم، يختلف اختلافا كبيرا عن العالم ،ما قبل انتشار فيروس كورونا، التي تهدد بقاء البشرية على وجه الأرض، ويرى علماء الأحياء بأن القيم الإنسانية نسبية تختلف من زمان لاخر، فإذا كان السلوك العدواني بين الإنسان وأخيه ذا قيمة وبال وفائدة في زمن معين، فإن هذا لا يعني أن هذا السلوك له نفس القيمة، في عالم تهدده فيروس كورونا كما تهدده القنابل الذرية ،لقد وصل الإنسان بذكائه الذي خول له بعد النظر في تسخير طبيعته العدوانية ،اعتقادا منه انه بهذه الأخيرة يمكن أن يرقى إلى كمال الإنسان ولنعلم ان البشر في حاجة الى علم تأثير البيئة، الذي يجعلنا ندرك ونستوعب كيف نعيش في بيئة يديرها الإنسان خير تدبير، بدل من الاستهتار بمواردها الطبيعية، التي ستشكل خطرا على الإنسان، وأعتقد أن التحديات والمخاطر التي ستواجه البشرية وكوكب الأرض في المستقبل هي: عدوانية الإنسان على الطبيعة والطقس وتغير المناخ وتلوث البيئة والتنوع البيولوجي وندرة المياه وأزمات المواد الغذائية. فقد دخلنا هذا القرن الواحد والعشرين، الذي أصبح فيه الإنسان يعطي اهمية كبيرة لبيوتكنولوجي، كالتقدم الهائل والحاصل في مبادئ الوراثة والهندسة الوراثية والجينات،وتشكيل صفات الحيوانات التي يأكلها، واوجد أصناف من الحبوب جديدة مبتكرة خففت من مشكلات التغذية في العالم.

ولعل كثيرمن العلماء متخوفون من نتائج الثورة لبيوتكنولوجي نظرا لأهميتها اليوم بالنسبة إلى مستقبل البشرية لدرجة يمكن القول، أن هذا القرن هو عصر علم الأحياء، فمنذ قرون مضت كان الإنسان مثار دراسات وتأملات فلسفية تحاول فهمه كجزء من الطبيعة. وهولاء العلماء كانوا يعتقدون بأن الخطر قد يكمن، في نتائج بعض تجارب العلماء من حيث خلق سلالات بكتيرية تحمل صفات لها أثر مرضي مميت على الناس، أو خلق فيروسات فتاكة ضد البشرية.

فإذا كان القرن العشرين، عرفت فيه الفيزياء ذروتها على كافة العلوم ، المتمثلة في الذرة وفي الطاقة النووية والقنبلة الذرية، فإن القرن الواحد والعشرين محوره هو علم بيولوجيا التي تبحث في الوراثة والهندسة الوراثية، وقيام بمختلف التجارب على الطبيعة وعلى الإنسان والحيوان من أجل التقدم العلمي البيولوجي .

إن هذا يحيلنا على طرح سؤال أساسي وهو: ما هي علاقة العلم بالاخلاق؟ أهي علاقة المحايثة أم علاقة التباعد؟ او بعبارة أخرى هل العلم في أزمة مع الاخلاق؟ حتى يتم فهم هذه العلاقة.

آلبيرت انيشتاين عندما وجه رسالته التاريخية إلى مؤتمر المثقفين للسلام ،و التي تم نشرها في سنة 1945 والذي حث فيها على أن السلم والسلام والأمن والآمن يجب أن يسود في العالم وتوظيف العلم والعلماء في خدمة الانسانية لا ضده.

والحق اقول أننا ونحن نعيش حالة الاستنفار الصحي في العالم بسبب تفشي وباء كورونا، والذي يظهر من خلال تبادل تصريحات المسؤولين الدوليين، انه من صنع الإنسان ومؤآمرة مدبرة لحسم الحرب التجارية الدائر رحاها بين الصين وأمريكا، نكون قد وقفنا بالفعل على نقطة تحول،في العلاقة بين العلم والمجتمع، تتميز بالتحول من طور اجتماعي يتمثل في الإنتاجية العالية والنمو المتصاعد، إلى طور التوغل والسيطرة والغطرسة، فليس صعبا على الإنسان تحليل جذور الازمة، التي يمر بها العالم والمحنة البشرية والتي ترجع في الأساس إلى مسؤولية العلماء وسلطاتهم، فقد خطا العلم ثلاث خطوات أساسية وجوهرية انتقل بها من عصر البراءة إلى عصر المسؤولية المادية ثم الى عصر الجرائم ضد الإنسانية.

كان العلم في بداية الأمر بريئا ومحايدا ثم ادت، حركة التصنيع المتزايدة إلى انتشار مختبرات البحوث الصناعية وبعد ذلك ترك العلم،مقره المركزي المخصص له،في الجامعات، وانتقل إلى المؤسسات، العسكرية، وانحرف العلم عن أهذافه النبيلة إلى اهداف ضد الإنسانية، وهذا التحول جعل العلم مسخرا لخدمة الأغراض العسكرية، والصناعية الحربية، وبات خاضعا للسلطة الخفية التي يتمتع، بها بعض العلماء الكبار الذين اصبحوا،تابعين للمؤسسات العسكرية وهذا النوع من العلماء وظفوا تحت اسم العالم، المستشار وأن كل من حمل هذه الصفة يمثل،نوعا آخر من العلماء الذين لا يؤدون رسالتهم،المنوطة بهم طبقا لمبادئ أخلاقالعلماء الشرفاء.

إن ما يقع الان في العالم من صراع معلن وغير معلن من أجل قيادة العالم ،دفع بالدول المتصارعة إجراء تجارب فروسية خبيثة كفيروس كورونا حسب ما صرح به بعض،المسؤلين،جعل الانسانية جمعاء بغض النظر عن اللون،والجنس واللغة،والدين،تعيش الخوف والهلع لا مثيل له والتاريخ سيقول كلمته في المستقبل القريب.

اترك رد