مؤتمر برلين هل ينجح في حل الصراع الليبي؟ في ظل التدخلات الدولية والإقليمية في ليبيا

بالواضح – عبدالحي كريط

لا يزال الترقب سيد الموقف لمؤتمر برلين الذي سيعقد اليوم الأحد 19 يناير  2020 حيث سيكون بمثابة بداية لحل الصراع بين قوات الجنرال المتمرد خليفة حفتر المدعومة من تيار الثورات المضادة التي تمثله كل من أبوظبي والرياض والقاهرة باعتبارها مجرورا وحكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج المعترف بها دوليا وتحظى بدعم تركي عسكري.

ويتضمن الاتفاق الذي سيناقش في المؤتمر ستة بنود، منها إصلاحات في مجالي الاقتصاد والأمن الليبي ووقف صادرات السلاح إلى ليبيا،  إلى جانب وقف اطلاق نار دائم بين الطرفين.

وقال رئيس تحرير مجلة “تسينيت” دانيال غالاخ في برلين المختصة في شؤن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “إن المؤتمر يوفر فرصة ذهبية لألمانيا كقوة وساطة بدعم وتعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وهذا يظهر قوة الدبلوماسية في جلب كل الأطراف المتعلقة بالشأن الليبي إلى الطاولة.”

وأضاف أن” في حال فشل المؤتمر في برلين فإن ذلك ستكون له نتائج كارثية، كما سيصعب من أن تقوم أطراف أخرى بالتدخل لحل الصراع مرة أخرى.”
وأشار “غالاج” أيضاً أن ” تركيز المسؤولون الألمان سينصب  هذه المرة على لأطراف التي لها اليد في الصراع بليبيا، والسياسات الدولية، وليس على طرفي صراع الممثلين في السراج وحفتر اللذين لن يكون لهما مشاركات عملية رغم توقع حضورهما أو حتى توقيعهما اتفاقا.”

كما، أن المسؤولين الألمان لم يكتفوا باحتضان هذا المؤتمر وحسب، بل ستتبعه عدة مؤتمرات أخرى ومجموعات عمل ربما تلتقي كل فترة، تقدر بأسبوعين، تناقش مسألة المليشيات، وتقليص وصول الأسلحة إليها حسب قوله.

ويشارك في المؤتمر أعضاء مجلس الأمن دائمة العضوية منها الولايات المتحدة الأمريكية، الصين وروسيا، إضافة إلى تركيا.

أما عن جانب دول الاتحاد الأوروبي فالمشاركة اقتصرت في المؤتمر على فرنسا، وبريطانيا و ألمانيا باعتبارها الدولة المنظمة بالإضافة إلى إيطاليا.

ومن جانب الدول المجاورة لليبيا التي ستكون على رأس المؤتمر والتي تقدر امتداد حدودها مع ليبيا (نحو1000كلم) من بينها الجزائر  التي كان في بادئ الأمر غير مدعوة إلا أن الرئيس الجديد للجزائر صرح أن ”بلاده ستبقى فاعلة في الأزمة الليبية “شاء من شاء وأبى من أبى.”

ومن جانب بعض الدول العربية الحاضرة للمؤتمر فتشارك مصر والامارات الداعمة للواء المتقاعد خليفة حفتر.

بينما اعتذرت تونس، التي تم دعوتها مؤخرا للمؤتمر عن الحضور وذلك بسبب تهميشها،  وعدم دعوتها لحضور  تحضيرات المؤتمر المنعقد في برلين.
وأكدت، وزارة الخارجية التونسية على  تمسك تونس  الدائم بالسلم والأمن في إطار الشرعية الدولية، والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الليبية، والوقوف على المسافة نفسها من كل الفرقاء الليبيين ، مشيرة إلى ضرورة إيجاد حل سياسي بعيد عن التدخلات الخارجية التي أضرت بالشعب الليبي.
كما عبرت المملكة المغربية عن استغرابها العميق لإقصائها من المؤتمر؛ وفي بيان قالت وزارة الشؤن الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في بالخارج إن المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية. وأضاف بلاغ الخارجية أن المملكة المغربية لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع.

ويرى مراقبون ومحللون  أن مؤتمر برلين سيكون حلقة لتبادل الاتهامات بين الدولة الداعمة لطرفي الصراع، وهذا من شأنه أن يكون فشل للمؤتمر على خلفية العداء بعض الدول لتركيا التي ستكون حاضرة للمؤتمر.

يشار إلى أن الصراع في ليبيا بين حكومة الوفاق الليبية، بقيادة فايز السراج والجنرال خليفة حفتر يعود إلى عدة سنوات، حيث إن ميليشيات حفتر المدعومة خارجيا من قبل مصر والامارات تسيطر على مساحة ما تقارب 80%من ليبيا خاصة شرق البلاد، بينما تسيطر حكومة الوفاق على أجزاء صغيرة في شمال غرب البلاد.

ويذكر أن الدعم العسكري الكبير من قبل مصر والامارات وفرنسا في الأيام الأخيرة،  لقوات حفتر يعود إلى الاتفاق الليبي التركي الموقع بين أنقرة وطرابلس، والذي يقوم على إلى إرسال جنود اتراك بطلب من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، لحماية الحكومة الشرعية وتقوية العلاقات الاقتصادية، وتقوية الأمن في ليبيا ومحاربة الإرهاب.

ما هي الدول الضالعة في النزاع؟ 

تدعم مصر والإمارات والسعودية حفتر، وتعتبر مصر والإمارات وكذلك فرنسا أن حفتر يتقدم معركة مكافحة الإرهاب، وقدمت له في السابق مساعدات عسكرية ولوجستية.

كما تدعمه روسيا أيضا على الأقل سياسيا ورغم نفيها، يشتبه في أنها أرسلت مرتزقة للقتال إلى جانب قواته.

وعبرت واشنطن عن دعمها لحفتر كاشفة عن اتصال مباشر بينه وبين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد الهجوم على طرابلس. ثم اعتمدت موقفا أكثر غموضا منذ ذلك الحين.

أما حكومة الوفاق الوطني فهي مدعومة من تركيا وقطر، وقد أعلنت أنقرة إرسال قوات إلى ليبيا لدعم قوات الوفاق.

ماذا تريد تركيا؟

التدخل التركي في ليبيا تمليه عوامل جيوسياسية وعقائدية بحسب محللين، فتركيا تريد التصدي لنفوذ مصر والإمارات المعارضتين لتيارات إسلامية قريبة من أنقرة.

كما أن لتركيا دوافع اقتصادية، فحقول الغاز في شرق المتوسط تثير اهتمامها، كما هو الحال بالنسبة لدول أخرى في المنطقة، مثل اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.

وتركيا المهددة بعقوبات أوروبية بسبب أعمال التنقيب قبالة قبرص حيث يخضع القسم الشمالي من الجزيرة، للنفوذ التركي وتعتزم الاستفادة من اتفاق أبرمته مع حكومة الوفاق الوطني، حول ترسيم الحدود البحرية كونه يوسع جرفها القاري بشكل يسمح لها بالتنقيب عن مصادر الطاقة في أعماق المتوسط.

ماذا تفعل روسيا في ليبيا؟   

يقول جلال هرشاوي من معهد كلينغديل في لاهاي إن موسكو ترى ليبيا “فرصة تجارية بالتأكيد لكن أيضا جيو-إستراتيجية”.

ويضيف أن الوجود في ليبيا يمنح الروس وسيلة كلفتها قليلة إن لم تكن مربحة، للوقوف في وجه حلف شمال الأطلسي وإضعاف الاتحاد الأوروبي. ويوضح أنه في نظر روسيا “تجسد ليبيا فشل الغرب” وهي “ترغب في أن تثبت أنه يمكنها النجاح حيث فشلت أوروبا”.

فمؤتمر برلين هو اختبار لكل الأطراف في السعي نحو إيجاد حل توافقي بين الفرقاء الليبيين الذين أصبحوا مرهونين لقوى دولية واقليمية في التحكم بالمشهد السياسي داخل ليبيا الذي يخفي وراءه اطماعا ومصالح اقتصادية.

اترك رد