متى نؤسس لقواعد ديموقراطية الغد

بقلم: أحمد عنج

نحن في حاجة الى نظم تحليلية تمكننا من فهم اسباب الفشل والاحباط الذي سيطر على مسار حياتنا الاجتماعية ،وتحديد أسباب التخبط والارتباك لسياساتنا العمومية التي تفتقد لملامح مستقبلية تغرس بدرة الأمان والطمأنينة في النفوس ،فلا شيئ في الأفق علينا التوجه اليه ،ولا دليل محفز لعملية الانتقال للافضل والعبور نحو مستقبل واعد.

الاشكال ليس بالجديد بل هو كامن في روح المجتمع وضميره يلازمه ويعيش بين طيات كل الطبقات،لكن رغم قدمه عجزنا عن خلق سياسة منهجية وواعية لتوجهات مستقبلية تبشر بالتفائل.وتقضي على كل ملامحه .
الان أصبح يتعين وجوبا على الفاعل المفكر خلق شبكات جديدة من المعرفة وتصورات عميقة تجمع المزيد من البيانات الخالصة ،وتحصر قائمة الفرضيات وإقامة صلات بينها بأساليب متعددة لخلق سياق عام من المعارف الجديدة تشكل قاعدة أو منصة انطلاق نحو المستقبل في تقاطعه مع التنبؤات الواردة بكل شموليتها ومتغيراتها ،
الآن أصبح من اللازم هيكلة كل البناء المعرفي وإعادة تنظيم حركية إنتاج المعارف وتوزيعها وتبسيط إستخدامها ونقلها وتداولها وتعميم رموزها بما يكفل وصولها للعامة
فكل المشروعات المستقبلية يجب أن تبنى من موجود معرفي تحديدي آني ومستقبلي ، فنحن نعاني من إشكال تغييب الفكر والتفكير عن دهنية نخب وشرائح المجتمع وجهلها بماهية البناء المعرفي وكيفياته وشروطه .فإدراك هدا المفهوم لازال قاصرا في وجوه كثيرة،و مقتصرا على الفهم السطحي بعيد عن الإبداع والأبتكار محصورا في فئة جد ضيقة ،ما يجعل كل عملية مدعاة للإحباط .فجملة الاصلاحات التي تبناها المغرب لم تأتي أكلها إلا فتات يسيرا ،علما أن تلك الإصلاحات كانت تبدو واعدة وموضوعية ،حقا موضوعية لكنها افتقدت للشروط الموضوعية لانجاحها . لانها إفتقدت لقاعدة صلبة تشكل محطة إنطلاق للمشروعات المستقبلية ،وهد القاعدة من أهم أعمدتها خلق مجتع واع بنفسه وداته كبنية وإطار ،إنسان سوي سليم قادر على التفكير والتحليل ،فلا يمكن الحديث عن التغيير وحرية التعبير بدون فهم المعزى العام على الاقل لهما .
ولا فائدة ترجى من حرية في غياب تام لقواعد سلوكية وقانونية تؤطر مجالها وإستمرار الجهل لمقاصدها . ولا طائلة من حرية تعبير من أجل التعبير فقط ،دون تحقيق غايات ومقاصد ،حرية التعبير هي أداة إحدات جانب من التغيير لكن ممارسة هدا الحق خارج قواعده الأساسية وشروطه، وكل سوء إستخدام الاداة حتما لن تكون خلاصاته إلا منتوجا مشوها
فإن ظلت التصورات لا يتجاوز فرضيات مكدسة أو شظايا لقضايا مجزئة ،أو مقارنات ،أو نمادج مستنسخة أو حتى معلومات منطلقها المشاعر والعواطف فحتما لن تأتي اكلها ،
فالفرد أو مجتمع الأفراد الغير الواعي بحقه ،يجهل ما يستوجب طلبه لتظل مجموع الحقوق التي ينشدها في غالبيتها مصالح أو مطالب شخصية ضيقة تهم فئة قليلة من المجتمع ، ولنا في الأحداث التي شهدها المغرب خير دليل و أمثال .
فكيف نحدث تغييرا في ظل وجود تفكير يعتقد بان الحياة ومجتمع الأمس هو نفسه اليوم والغد، وهيمنة تفكير مرتبط بالماضي أكثر من الحاضر والمستقبل عاجز عن تصور نمط حياة وسلوك يختلف عن المألوف .

فنحن في حاجة لنظم تحليلية جديدة تحرص على البناء الشمولي الدامج وحاجياته ، رؤية فاحصة للحاضر مُُلِمة ومُنٓظرة للمستقبل ،قادر على خلق توازنات وإحتواء تناقضات ومفارقات ،وتوضيح مفاهيم كثيرة مع تحديد وتجديد العلاقة التي تربط بينها ،كالحرية/التعبير، الوطن/المواطن،الحكم/الساسة …

اترك رد