مظاهر الفساد بالقطاع الصحي

بقلم: حبيب كروم

مظاهر الفساد بقطاع الصحة عديدة ومتنوعة ومختلفة ترجع اسبابها الى عدة عوامل كلها ساهمت و تساهم في انتهاك لحق الانسان بالصحة والحياة وتحول دون حصول الاشخاص على الخدمات الصحية ذات جودة عالية في ظل غياب ارادة سياسية حقيقية تهذف للنهوض بالقطاع الصحي تماشيا مع اهذاف التنمية المستدمة للامم المتحدة التي تقر الى تحسين صحة السكان، وتعزيز العدالة والمؤسسات القوية والنهوض بالتنمية البشرية المستدمة، ان قطاع الصحة الذي كان دوما يعد من بين القطاعات الاجتماعية الغير المدرة للربح و لا يحظى بالاولية في البرامج الحكومية المتعاقبة بالرغم من الاشارات القوية التي جاء بها دستور المملكة سنة 2011 والتوجيهات والتوصيات والاوامر التي اكدت وشددت عليها الخطب الملكية السامية، مما يحرم كثير من المواطنين من يسر وسهولة الرعاية الصحية، الاسباب مرتبطة تحديدا بغياب اسس الحكامة والقيادة الجيدة فضلا عن ضعف البرامج الحكومية الصحية والاستراتجيات المتعاقبة التي تبقى دون تطلعات المواطنين علاوة عن فشلها في تحقيق الاهذاف المسطرة قبليا بل عكس ذلك تم تسجيل ترجعات واخفقات خطيرة في عدة اختصاصات و مجالات عبرت عنها مجموعة من المؤشرات السلبية المسجلة.
فشل الاسترتجيات والتوجيهات الاستراتجية لوزارة الصحة يترجم جليا الارتباك والتذبذبات الملحوظة في ظل غياب ميثاق وطني للصحة ملزم للمسؤولين الذين سيتعاقبون على مناصب المسؤولية بهذا القطاع الحيوي بنهج وتتبع سياسة تحقيق وبلوغ الاهذاف المتعاقد من اجلها مسبقا.
بفعل مظاهر الفساد في القطاع الصحي المتفشية من السرقة والرشوة والابتزاز،التي تهذف الى تحقيق مكاسب خاصة، مرتبطة بغياب معايير النزاهة والشفافية والعدالة الادارية اولا في اسناذ مناصب المسؤولية حيث تسود المحسوبية والقرابة وقضاء المصالح الشخصية والصداقة المتمثلة في الانتماء النقابي والسياسي والعائلي والقبلي دون الاغفال عن الانتماءات المماثلة لاطار المسؤول مما يأثر على قاعدة وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ويساهم بقوة في اقصاء الاطر و الكفاءات ليحل محلها اشخاص محظوظين مدعومين مدفوع بهم لتأذية مهمة و رسالة تخدم اجندات معينة يذهب ضحيتها المواطنين خاصة منهم المنتمون للطبقة الفقيرة والمعوزة.
مظاهر اخرى مرتبطة بقوة اللوبيات المتحكمة في السوق والسلع الصحية خاصة منهم المختبرات والشركات الذين يتمتعون بالانفراد في تقديم و توفير الخدمات الصحية ( ادوية، مستلزمات طبية، تجهيزات، صيانة… ) بالمصادقة على صفقات بتكلفة مالية مرتفعة قد تكون خيالية في بعض الاحيان .
ان مظاهر الفساد بالقطاع الصحي يساهم فيها مجموعة من المسؤولين والاطر الصحية التي تحدد وتوجه الصفقات ضربا عرض الحائط اسس العدالة والمنافسة الشريفة تكريسا لمنطق الاقصاء والزبونية والمحسوبية في ظل غياب الرقابة الصارمة ، كما ان مجموعة من الاطر الصحية تقضي مجمل اوقاتها لخدمة القطاع الخاص على حساب مجهوداتهم المفترض ان يقدمها لخدمة المرضى بالقطاع العام، ومن بينهم من يعمل على توجيه المرضى من القطاع العام الى القطاع الخاص.
سوء وضعف التقييم والمراقبة يساهمان كذلك بشكل كبير وبقوة في تفاشي الفساد بالقطاع الصحي حيث اظهرت التجارب ان بعض المسؤولين غير مشمولين بعمليات التدقيق والتحقيق وعمليات الاعفاء او اعادة الانتشار …امام انظار العموم حيث يظهر واقع الغطاءات السياسية والنقابية واشكال عديدة من العلاقات الشخصية والمنفعية مما يشير ان الانتقائية ساىدة بقوة في المعالجة والتعاطي مع ملفات فساد القطاع الصحي ببلادنا.
ان انظمة القطاع الصحي معقدة التركيب، وعلى الرغم من أن اغلبية العاملين في القطاع الصحي يقومون بأداء مهامهم العلمية والعملية بجد ونزاهة وتكامل مهني،الا أن هناك مؤشرات تؤكد انتشار الفساد بمختلف المجالات على شكل انشطة تتصف بالتحايل والارتشاء في الخدمات الصحية على اتساعها وشمولها وتتراوح ما بين السرقات الصغيرة والمحدودة وعمليات الابتزاز الى الانحرفات الهائلة للسياسات والتمويل المالي والى رشاوي المسؤولين سواءا بالقطاع العام او الخاص.
ان انتشار ظاهرة الفساد هو انعكاس لثقافة سلبية منتشرة في البيئة التي يخدمها القطاع الصحي يساهم فيها صانعي القرار والمدراء على المستوى التنفيذي والرقابي، والموظفين والمسؤولين عن الشركات الفاعلة في المجال الصحي والمقدمة لخدمات المناولة المفوضة.
أن القضاء على مظاهر الفساد بالقطاع الصحي مرتبط تحديدا بالارادة السياسية للحكومة ومستوى وعي المواطن بحقوقه في العدالة والرعاية الصحية المكفولة دستوريا دون الاغفال عن الدور المحوري لوساىل الاعلام المستقلة والجمعيات المجتمع المدني والحقوقي واليات التتبع والمراقبة والتقييم من طرف اجهزة مستقلة مختصة في مجال الفحص والتدقيق والتحقيق والمراقبة بالقطاع الصحي مع وضع اليات للتبليغ عن الفساد تكون فاعلة وناجعة، مع الحرص
على حرمان ومنع وحضر الشركات التي يعرف انها تنخرط في ممارسات الفساد من المشاركة في عروض الصفقات من طرف الحكومة والسهر على دفع اجرة محترمة لمهنيي الصحة تتماشى ومستواهم التعليمي وتدربيهم ومهارتهم.

اترك رد