أحداث عالم اليوم بين إيران والغرب والحكام العرب؟ ح. 3

بقلم: د. محمد وراضي

    ورد في حلقتنا الثانية من هذه المقالة “كون حكام العرب من المحيط إلى الخليج في واد، ومذهب أهل السنة والجماعة في واد آخر”؟ وطرحنا هذا سوف يستنكره من يجهلون حقيقة تعامل حكامنا مع الدين. والحال أن تعاملهم معه موحد، وإن كان لجوء بعضهم إلى التظاهر بكونه يغار عليه ويحميه أكثر من غيره؟ وما وضع الدين في بلدنا المغربي ببعيد. فمن رغب في الوقوف على الأدلة الواضحة للاقتناع بهذه الأطروحة، فليقرأ على مهله كتبنا الآتية: “عرقلة الفكر الظلامي الديني للنهضة المغربية”، و”رؤية الرسول في اليقظة ممكنة أم إنها مستحيلة؟، و”خريج المدرسة البودشيشية المشبوهة: عبد السلام ياسين”، و”عن تدبير الشأن الديني والتطرف أية هفوات وأية مفارقات”، و”ما الدعاء الغريب الذي تختم به الدروس الرمضانية الرسمية”. و”الأقلية الخادعة عبر التاريخ حامية للفكر الظلامي السلطوي والسياسي”.فضلا عن مقالات منشورة لنا في أكثر من منبر إعلامي ورقي وإلكتروني. مما يدل دلالة قاطعة على التزامي بحديث رسول الله القائل بالرغم من ضعفه: “من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”. في إشارة إلى أمرهم الديني والدنيوي، وخاصة منه ما بينهم من علاقات، من المفروض أن تكون أخوية صادقة، بعيدا عن التآمر والغش وإطلاق العنان للافتراضات الزائفة، والظنون الكاذبة والمغامرات المفتقرة إلى التروي وبعد النظر.

    فنحن في بلدنا، حيث و الادعاء الرسمي بأننا سنيون مالكيون، غارقون في الادعاءات المتعمدة لأهداف سياسية، هذه التي لا تستطيع الصمود إلى ما لا نهاية، إنما بشروط، من جملتها المداومة على تفعيل أدوات الهدم النقلية والعقلية، والبحث عن مختلف السبل لانتشار ما تسفر عنه تلك الأدوات من أنقاض، بمقدور كل عاقل أن يتبين بأنها فارغة الدلالة؟

   فإن اتضح بأن الذكر جماعة باسم الجلالة المفرد “الله الله” بأصوات مرتفعة، ليس من فعل الرسول، أي أنه لا يدخل في إطار التدين، واتضح عقلا بأنه لا يشكل جملة مفيدة، وإنما هو عبارة عن كلمة يجري ترديدها لمجرد استهلاك الوقت، اتضح لنا أن الاشتغال بعمل مثمر محلها كالنجارة والحدادة، أفضل للمسلم الذي يعطي أهمية لخدمة نفسه ولخدمة إخوته في الدين من باب التعاون على البر والتقوى. فضلا عن كون الذكر الجماعي في الجملة بدعة ضلالة؟ مثله مثل قراءة القرآن على هيأة الاجتماع؟ إلا أن حكامنا يشجعون الذكر والقراءة بالكيفية البدعية التي لدينا عنها أكثر من دليل؟ مما يعني أن الحكام المشجعين للمبتدعات ضلاليون وفي الوقت ذاته ظلاميون؟

   وعندما نلتمس ماجريات الواقع في العالم العربي، بحثا عن حجج تدل على أن حكامنا يحترمون الكتاب والسنة في تسييرهم لشؤون الدول، التي هم ملوكها، وأمراؤها، ورؤساؤها، فإننا لن نجد غير المغالاة في سب رسول الله، والسخرية من القرآن، كما هو حال الحاكم التونسي الأسبق، الزنديق: حبيب بورقيبة؟ وكما هو حال مصر الرسمية في التعامل مع الدين في الجملة؟ أما رأس الطرق الصوفية ومرجعية الضلال الذي يلفها، فمصدره المغرب الذي يقال: إنه بلد الأولياء، بينما المشرق بلد الأنبياء؟ في حين نجد نفس السخرية من الدين ملازمة للثوريين الجزائريين، إلى حد أن كاتب ياسين منذ عقود، وصف المؤذنين في مجلة “الجزائر الحالية” بأنهم كلاب الدوار؟ ويصف الصومعة بأنها الصاروخ الذي لم ينطلق بعد؟ بينما يلعب بعض الشبان الجزائريين بالمصحف الذي قاموا بتمزيقه في إحدى الحدائق العامة! كما أخبرنا العلامة الجزائري الراحل: عبد اللطيف بن علي السلطاني في مؤلفه القيم “المزدكية هي أصل الاشتراكية”.

    ومحصلتنا يختصرها في نظرنا، انصراف كل حكامنا العرب إلى تفعيل القوانين الوضعية، والابتعاد عن كل ادعاء بالانتماء إلى مذهب أهل السنة والجماعة! وتظل المزاعم سيدة الموقف! ويظل ادعاء الدفاع الرسمي عن الإسلام المعتدل، مجرد الدفاع عن البدع في مختلف ميادين الحياة! يكفي القول بعدم الاحتكام إلى شرع الله، والذهاب بعيدا في اعتبار هذا الشرع فكرا ظلاميا جرى تجاوزه؟ بل والذهاب بعيدا في اتهام الحق سبحانه بالجهل والظلم؟؟؟ هذا الموضوع الذي سوف نخصص له حلقتين دراسيتين إن شاء الله.

    وهل بعد كل ما قدمناه نطمئن إلى وجود تمييز محسوس بين السنيين والشيعيين على مستوى التطبيق والممارسة؟ وأي امتياز سجله دعاة أهل السنة في حدود ممارسة السلطة وإدارة شؤون الشعوب؟ أين هي السنة حين دعم السعودية تحديدا للحملة ضد الثورة الإيرانية في أول ظهور لها حتى الآن؟ وأي اعتداء مارسه قادتها فور إسقاطهم لدكتاتور إيراني متجبر؟ أم إن الأمر يتعلق بالاستجابة لإملاءات حكام البيت الأبيض؟ بحيث إن من اعتبرهم أعداء، يمثلون خطرا على مخططاته، يصبحون قسرا أعداء لمن يحمون عروشهم حتى لا تتعرض لنفس المصير الذي تعرض له عرش ملك الملوك (= شاه شاه)؟

    وأين هي السنة في المكر والخداع المعتمدين من طرف السعودية والإمارات والبحرين للقضاء على دولة قطر؟ أين هي من الاتهامات المختلقة من طرف هذه الدول لإنجاز حصار دولة أبعد ما تكون عن الإرهاب والإرهابيين، بقدر ما ناصرت من تناهضهم حكومات بلدانهم الاستبدادية، فقط لأنهم يحملون نفس الأفكار التي يحملها المفكر السعودي الشهيد: جمال خاشقجي؟ وأين هي السنة في الحلف الذي تزعمته الإمارات والسعودية لاستعادة مشروعية السلطة إلى اليمن؟ وأين هم من السنة كل المشاركين في الحلف الذي وراء قتل آلاف؟ وتشريد آلاف؟ وتجويع وتهجير آلاف؟ وأين منها الحلف الذي دأب – لما يقرب من خمس سنوات ـ على تدمير البنى التحتية لليمن الشهيد؟ وهل من السنة أن نغزو دولة عربية إسلامية جهارا لنحصل على مواقع استراتيجية، ولإحداث محطات هدفنا من ورائها تسهيل تسويق نفطنا إلى العالم؟

    إن الممارسات السعودية والإماراتية، والمصرية، والعربية والإسلامية المشاركة في حلف دعا إليه مسمى إمام الحرمين الشريفين، ممارسات عشوائية همجية، لا تمت إلى فلسفة مذهب أهل السنة والجماعة بأية صلة؟ فلنكف إذن عن المزاعم العريضة القائلة بأننا كقادة أهل السنة نقف صامدين في وجه الانتشار الشيعي المزعوم؟؟؟

تعليقات (0)
اضافة تعليق