مهلا يا وزير (قانون المنافسة بين التأويل والجهل به) قراءة مقارنة (الجزء الأول)
بقلم: حسن حلحول (.)
مهلا عليك يا وزير أكثرت من التهليل وأصرفت في التدلل، حمل المضاف إليك حمل ثقيل، اسناد العدل الى المسند إليه لا يقوى على رسالتها، مضاف أضيف الى المضاف إليه ،وهو وصف لا يليق إلا بالاليق اللبيق الامين على تاريخه، قيل عنه وزير المدلل في الحكومة، فالحليم لا يبالي بكلام المدلل ولو جرح الفؤاد.
مهلا يا وزير.
إن من لم يراع الاعراف والتقاليد وتشبع بها، لن يراعى قسم المهنة مهما علا ،قلت في البرلمان كلاما عن المحاماة هراء وما زاد الطين بلة قوله انه يمارس عمل حكومة الاغلبية ملزما بها وذلك لتمييز بين عمل الحكومة والانتماء للمحاماة كمبرر للإضرار بها، والاغلبية براء من عمله التدميري والتنكير لمهنته، هل من العقل من لم يخلص لمهنة قضى عمره فيها رفعت من شأنه ان يخلص للاغلبية؟، رجال المهنة من النقباء صدقوا وأخلصوا للمحاماة وفاء واخلاصا لها،ورجال من ذويها وزراء يرون في المحاماة العدوة اللدودة وجب الانتقام منها هذا هو الفرق بين الفئتين، يبدو أن شيئا ما قد يكون السبب في هذا الغل، اذ لا يمكن لهذا الوزير ان يفعل بذويه في المهنة ما يفعله فيهم، قد يكون هذا التحامل الشديد على المحاماة والمحامين راجع الى الأسباب لا يعرفها إلا هو،وقد تكون غيرها من الأسباب المتمثلة في الأنا الأعلى التي تطفح على مستوى سلوكه بين الفينة وأخرى، ولا يرى مجال تفريغها لإبراز ذاته وإثباتها إلا في التحامل عن مهنة المحاماة تحاملا شديد القوة، وذلك من أجل أن يتعمد على خلق زوبعات تثير حفيظتهم.
مهلا يا وزير.
— إطار ومجال الاختصاص قانون المنافسة.
اولا: ما هي الفلسفة التشريعية من قانون المنافسة أو كما يسمى مكافحة الاحتكار (التركيز الاقتصادي) في القوانين المقارن.؟
إن تصريح وزير العدل أنه يتأهب بأن يطلب من فريق حزبه – وما أعتقد أن يسايره فريقه في هذا – بإحالة مشروع قانون المسطرة المدنية على مجلس المنافسة، يظهر أنه لم يستوعب هذا القانون الحديث الذي ينضم الى الترسانة القانونية التحديثية التي تعرفها بلادنا تمشيا مع القوانين الدولية، والتي يتوخى منها مواكبة التطور الاقتصادي والمالي الذي يعرفه العالم للسير بالنظام الاقتصادي المغربي نحو الهدف الأساسي هو بناء بنية اقتصادية متينة لها قابلية التنافسية للاقتصادات الدول الصاعدة الاقليمية والدولية لجذب الاستثمارات الأجنبية، في إطار المشروعية وذلك بمحاربة غسيل الأموال، فجاء قانون المنافسة في هذا المجال العام.
-أ : قانون الاحتكار (المنافسة) الأمريكي أهدافه وأبعاده.
إن الأصل في معرفة حقيقة الأشياء هو الرجوع إلى تطبيق المنهج التاريخي اي الرجوع إلى النزعة التاريخية التي ظهر فيها القانون لتحديد اي ظاهرة الاقتصادية أو الاجتماعية ومن ثم قراءة النص المعياري المنظم لها قراءة صائبة تمنعه من الوقوع في التأويل الباطل أو الفاسد او تزيغ الرؤيا القانونية لهذه النصوص كالتي وقع فيه السيد الوزير.
بادئ ذي بدء أن نعرف بقانون شيرمان لمنع الاحتكار نسبة الي مؤلف هذا القانون وهو سيناتور جون شيرمان جمهوري
الذي قدمه الى الكونغرس الأمريكي وصادق عليه في 8 ابريل 1890 يمنع هذا القانون الأنشطة التجارية معينة اعتبرها منظمو الحكومة انها خارج المنافسة التي تتطلب التحقيق وتعقب الودائع والشركات المشتبه في انتهاكها للقانون شيرمان وهو أول تشريع فدرالي صدر أثناء الكساد الكبير، يحجم الكارتلات والاحتكارات ولا زال معمول به الى الان. ويعرف قانون مكافحة الاحتكار في المادة 1 و2 يعتبر كل عقد يأخذ طابعا احتكارية أو تآمريا غير ذلك يهدف تقييد التجارة التبادل بين عدة ولايات… يعتبر كل شخص يبرم اي عقد أو يشارك في اي مجموعة أو مؤامرة تعلن بموجبه هذا القانون اي قانون شيرمان إنها غير قانونية مذنبا بالكتاب جناية” يعتبر قانون مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة مجموعة القوانين تنظم سلوك شركات التجارية ،تهدف بشكل عام الى تعزيز المنافسة ومنع الاحتكارات حماية المنافسة الاقتصادية وكذا المستهلك. وتطلق معظم الدول على قانون مكافحة الاحتكار بقانون المنافسة.
ولقد تعطل العمل بقانون شيرمان في بعض الفترات الذي عرف الاقتصاد الأمريكي أزمة بسبب هذا القانون وسرعان ما تم الأخذ به لأهميته، كما انتهى العمل به مؤقتا ابان الحرب العالمية الثانية بصدور إعلان عدم شرعيته من الناحية الدستورية وضعت حدا جميع اتفاقات انتاج النفط واستخراج الفحم والزراعة، غير ان العمل به بقي الى الان قانون لحماية المؤسسات الاقتصادية من اية منافسة غير مشروعة.
تاريخ وأنواع ” الكارتل” نشأ في أول مرة في ألمانيا في القرن التاسع عشر يعني العقد أو الاتفاق حول المسائل الاقتصادية وهي انواع كارتل تحديد الأسعار وكارتل تقسيم السوق وكارتل الشراء .جاء هذا القانون الخاص بمكافحة الاحتكار عن طريق التعاقد أو الكارتيلات.
ب- الصين: قانون مكافحة الاحتكار الصيني في السابق كانت له خصوصياته نظرا لخصوصيات النظام الاشتراكي غير المنفتح على الاقتصاد السوق، وقد أقر المؤتمر الشعبي في عام 2007 قانون المنافسة كقانون أساسي لصين دخل حيز التنفيذ في 1 غشت 2008 بعد الإصلاحات الاقتصادية والانفتاح على الأسواق العالمية من أجل حماية المنافسة الاشتراكية لتعزيز اقتصاد السوق الأولي والأساسي والمنافسة المشروعة تراعى تراعى خصوصيات النظام الاقتصاد الصيني.
ج- مصر: إن قانون المنافسة المصري واضح وهو القانون رقم 3 لسنة 2005 واللائحة التنفيذية رقم 1316 لنفس السنة ،وقد عمل المشرع المصري على تعديله عبر قانون رقم 175 لسنة 2022 اعتمدت من خلاله على مبدأ سياسة الحياد التنافسي اذ تنص المادة 1 الهدف من هذا القانون هو ضمان القيام بالانشطة الاقتصادية بطريقة لا تمنع او التقيد أو تضر بحرية المنافسة وتضمن المنافسة العادلة بين جميع الشركات ،إضافة إلى التعديلات التي أدخلت بموجب قانون رقم 175 لسنة 2022المزيد من التعرفات الى هذا القانون لحماية المنافسة في مصر بين الشركات وخاصة ما يتعلق بالتركيز الاقتصادي.
وتعرف المواد من 7 الى 13 من اللائحة التنفيذية لسنة 2005 والمادة 8 من قانون حماية المنافسة السيطرة واساءة استخدامها ويتم سرد بعض الممارسات المحظورة على سبيل المثال لا الحصر عقبات دخول السوق والتحكم في الإنتاج وتحديد الأسعار أو تحكم فيها والتميز بين البائعين والمشتري.
هـ – الإمارات العربية المتحدة:
نجد أن اهم ما يهمنا هنا ما تم الإشارة إليه في مرسوم بقانون اتحادي رقم 36 لسنة 2023 في شأن تنظيم المنافسة تنص المادة 2 الى مايلي: يهدف هذا القانون الى حماية وتعزيز المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية وذلك من خلال ما يلي.
1 توفير بيئة محفزة للمنشآت من أجل تعزيز الفعلية والمنافسة.
2 المحافظة على السوق التنافسية الحكومة بآيات السوق بما يتفق مع مبدأ الحرية الاقتصادية من خلال حضر الكارتلات التي تفضي إلى الاحتكار.
وكذلك القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2027 تنص المادة الأولى على تحديد الكلمات والعبارات ومعانيها، وهذا التحديد في غاية أهمية في موضوعنا ولا يسع المجال لذكرها مفصلة يكفي الرجوع اليها.
المادة 2 تنص: على توفير بيئة محفزة للمنشآت الاقتصادية (والمحاماة ليست منشآت الاقتصادية) والحفاظ على سوق التنافسية محكومة بآليات السوق بما يتفق مع مبدأ الحرية الاقتصادية.
إن مرجع هذه القوانين الحديثة بالنسبة للدول هو المؤتمرات واهمها المؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لسنة 2012 لتحديد القوانين و سياسة المنافسة المتعلق بقانون النموذجي بشأن المنافسة لسنة2012 والذي يركز على سرد الاتفاقيات
في المادة 3 من قانون النموذجي وهي بشكل العام.
أ الاتفاقيات التي تحدد الأسعار وغيرها من شروط البيع بما في ذلك التجارة الدولية والتي تعتبر كارتلات الطاغية.
تدعو مجموعة المبادئ والقواعد الى حصر الاتفاقيات التي تحدد الأسعار بما في ذلك اسعار التصدير والاستيراد، تعتبر تحديد الأسعار من أكثر أشكال شيوعا في سلوك الكارتيلات كما يشمل اي اتفاق بين المنافسين لرفع السعر منتج ما.
افتح القوس واشير الى انه (قد أشار الأستاذ طبيح في مقاله ما يتعلق باتعاب المحامين الخاضعة لرقابة مؤسسة النقيب ومحكمة الاستئناف ومحكمة النقض، كما ان المحامين لا يخضعون لسوق التنافس لانهم ليسوا تجارا وغير ملزمين بتحقيق النتيجة وإنما المطلوب بذل العناية اللازمة ،إذن المحامون يخضعون لمبدأ بذل العناية من عدمها ولا يتنافسون على عرض سلعة وعملهم ينحصر في أداء الخدمة وليس بالضرورة تحقيق النتيجة حتى ينطبق عليهم مفهوم منافسة التجارة والاقتصاد).
ب العطاءات التواطئية: وهي التي يمكن بها المنافسين المتآمرين أن يرفعوا بشكل فعلي الأسعار ويمكن أن تتخذ العطاءات التواطئية أشكال عديدة، فقد يتفق المتنافسون على الفوز بالعطاءات ويباشر إلى ذلك بالتناوب على تقديم العطاءات.
ج تقاسم الأسواق أو العملاء: اتفاق المتنافسون حول تقسيم الأسواق أو العملاء فيما بينهم لعدم فسح المجال للمزاحمة كأن يتم الاتفاق بين التجار والشركات “على لن يتم البيع في جزئك من الأسواق إن لم يتم البيع في جزئي انا في السوق”
د فرض قيود على الإنتاج أو المبيعات لتأثير على الأسعار.
هـ الاتفاق على رفض الشراء والتوريد من جهة ما :إن الاتفاقات رفض الشراء أو التوريد يتم بين الشركات المنافسة، كان تتفق الشركات المنافسة لتعزيز اتفاقات من أجل تحديد الأسعار على أساس عدم التعامل مع شركات ما من الدخول إلى السوق.
إن هذه المبادئ المنصوص عليها في القانون النموذجي الذي أقره المؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، يفيد أن هذه المعايير تتعلق بالشركات والتجارة التي تخضع لمبدأ أساسي في الميدان التجاري والاقتصادي وهو الطلب والعرض، ولا يخضع للمعايير الشواهد والدبلومات من الجامعات، ان المحاماة في العالم منظمة بمقتضى قانون خاص محصن من كل الشبيه أو التمثيل بها ،وأن محاولة إقحام بها أو تصنيفها الى إنها ممارسة تجارية، تتنافى مع الرسالة الإنسانية في الدفاع عن الحقوق الأفراد والجماعات، ولا يمكن الزج بها عن قصد أو عن جهل في مجال الأسواق التجارية والاقتصادية ،فلا يمكن قياس حكم او نظام على حكم ونظام مع وجود الفارق، اذ لا مكان للطمع في مهنة المحاماة كأساس للقيام بالواجب المهني داخل المحاكم، وهو يدافع او يرافع فانه يتجرد من التفكير في الماديات أو تحقيق الربح المبني على الاحتكار الذي يصل إلى حد الرذيلة، كل ما يبتغيه في هذه الحالة هو الوصول إلى الحق، والايمان بالحق هو اعلى مراتب الإنسانية، يكون هنا مثل المتصوفة الذي يصل إلى أعلى مراتب التعبد، أي يصل إلى درجة الحلول في الحق فيلبس رداء القضية ويعيش أطوارها كما يعيش المتعبدين في صلاتهم خاشعين ومتزهدين في حياتهم هذا هو حال الشعور بالانتماء إلى مهنة النبلاء والنبل يستمد جوهر رسالته الملقاة على عاتق المحامي، التي يأبى الناس حمل ثقلها ويقبلها المحامي عندما يزيل هم القضية على موكله ليرتاح منها ويحملها بكل إخلاص لا احتكار ولا تآمر على رفع الاسعار كما يعرف في السوق عند التجار.
(.) محامٍ بهيئة الرباط