أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، يوم السبت 26 يوليوز 2025، على توقيف الإعلامي المغربي محمد البقالي، إلى جانب عدد من النشطاء الدوليين، خلال مشاركتهم في رحلة إنسانية على متن سفينة “حنظلة” المتجهة إلى قطاع غزة. وكانت السفينة قد انطلقت من ميناء سيراكوزا الإيطالي، محمّلة بمساعدات غذائية وطبية، في مبادرة رمزية لدعم سكان القطاع المحاصر، الذين يرزحون تحت قصف متواصل وحصار خانق.
وقد أعربت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن قلقها البالغ إزاء المداهمة التي طالت طاقم السفينة، مؤكدة في بلاغ رسمي أن محمد البقالي كان يقوم بمهام إعلامية ومواكبة صحافية لرحلة إنسانية وسلمية، وأن اعتقاله يُعد انتهاكًا صارخًا لحرية الصحافة. وطالبت النقابة السلطات المغربية بالتدخل العاجل لحماية حياة الصحافي وضمان إطلاق سراحه، معبرة عن تضامنها الكامل مع الزميل البقالي وكل الإعلاميين المستهدفين بسبب عملهم المهني.
وفي السياق ذاته، دعا حزب العدالة والتنمية في بيان رسمي السلطات المغربية إلى التحرك العاجل من أجل إطلاق سراح البقالي، معتبرًا أن اعتراض السفينة في المياه الدولية يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، وتهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين في ظل صمت دولي يشجع على الإفلات من العقاب.
من جهتها، وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني رسالة إلى رئيس مجلس النواب ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عبّرت فيها عن قلقها البالغ بشأن مصير الإعلامي المغربي، وطالبت بالتدخل الفوري لحمايته. وأكدت التامني أن البقالي كان يؤدي مهمة إعلامية وإنسانية توثق رحلة سلمية بمشاركة صحافيين وبرلمانيين وناشطين دوليين، متحدّين الحصار المفروض على غزة، رغم التهديدات ومحاولات التخريب التي سبقت الإبحار.
وفي مقابل هذا الحراك التضامني الواسع، برز صمت لافت من قناة الجزيرة رغم كون البقالي يشتغل ضمن طاقمها لسنوات. وقد أثار غياب أي تفاعل من القناة استغرابًا واسعًا في الأوساط الإعلامية، خصوصًا أن تجارب سابقة أظهرت تفاعلًا سريعًا وداعمًا حينما يتعلق الأمر بإعلاميين من جنسيات خليجية أو جزائرية، وهو ما غذّى الانطباع بوجود نوع من التمييز في التعامل مع العاملين بها حسب جنسياتهم، بعيدًا عن مقتضيات المهنية والتضامن الإعلامي.
تأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه غزة واحدة من أقسى مراحل الحصار والعدوان، بينما تتعرض المبادرات الإنسانية والتوثيقية لحصار مضاعف، سواء من قبل الاحتلال أو من خلال صمت بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى. وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مصداقية الخطاب الإعلامي، وأولويات الدعم في قضايا الصحافيين والنشطاء عبر العالم.