الحضور الإماراتي في شهر رمضان بالمغرب

بقلم: لحسن الجيت

تمضي الأعوام تباعا ومن سنة إلى أخرى يتعاظم الحضور الوازن لدولة الإمارات العربية المتحدة بالمغرب مع حلول شهر رمضان، شهر الرحمة والتكافل والتآزر، وتتجدد القاءات على المحبة وعلى فعل الخير. في كل سنة تتواصل دولة الإمارات الشقيقة بشكل مباشر مع فئات معينة من المغاربة بالاستعانة بهيئات وجمعيات من المجتمع المدني لإيصال ما دأبت عليه أبو ظبي من مساعدات رمضانية لمستحقيها متقاسمة معهم في ذلك نعما من نعم الله على طاولات الإفطار والسحور لتبتل العروق ويذهب الظمأ ويثبت الأجر للصائم ولمن أطعم الصائم.
هذا العمل الخيري في هذا الشهر الفضيل ليس غريبا على دولة مثل الإمارات العربية المتحدة . لقد عودنا هذا البلد الشقيق على مكرمات ومساعدات كرسها الشيخ المؤسس للدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. الرجل الحكيم كانت له أيادي بيضاء تشهد له بحبه للمغرب وللمغاربة. وفي كل مدينة وقرية نائية تمددت تلك الأيادي الغراء اليانعة بالخير والبركة. وكان مدرسة يحتذى بها في الجود والكرم والعطاء من خلال تمويل مشاريع محلية حيث ما حل وارتحل في ربوع المملكة لتستفيد منها الساكنة سواء في السهول أو الجبال أو الصحراء. الرجل كان حريصا على أن يربي أبنائه على القيم الإنسانية في مداركها العليا. وفي كل اجتماعاته يكون حديثه على المغرب حديث المعجب به وكان يوصي أبناءه بالمغرب ثم المغرب.
وبالفعل أعدت مدرسة الشيخ زايد خير الرجال وأفضلهم. ويحق لنا اليوم أن نقول “خير خلف لخير سلف”. على ذلك المنوال وعلى نفس الدرب تابع الشيخ خليفة بن زايد مسيرته الإنسانية. وحل من بعده الابن البار الذي تربى على التقوى وعلى القيم الفضلى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي يتربع اليوم بشموخه المعهود على رأس هرم الدولة. علاقته بالمغرب تربطه منذ ريعان شبابه بعد أن أتى به الشيخ الحكيم ليلتحق بصفوف المدرسة المولوية مدرسة الحسن الثاني ليتقوى وجدانه تجاه المغرب بفضل المبادئ التي نهل منها قيما أصبحت بمثابة الحبل السري الذي يربطه بالمغرب. وشارك وهو في أوج شبابه في المسيرة الخضراء المظفرة لاسترجاع أقاليمنا الصحراوية.
وما أشبه الأمس باليوم وكذلك بالغد كي يؤكد لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وهو على سدة الحكم أن المغرب حاضر في عقله وفي وجدانه. وها نحن اليوم في هذا الشهر الفضيل أبى إلا أن يصدر أوامره بإعطاء الانطلاقة لحملة واسعة تحت عنوان عريض “حملة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لإفطار الصائم لعام 1444 هجري”. هذه الحملة لهذه السنة يمكن قراءتها قراءة استثنائية ترتبط بشخص المتبرع منها أولا كانت هي نقطة الانطلاقة لمسلسل من التبرعات التي قد يقوم بها شيوخ أجلاء أو مؤسسات أخرى اعتدنا على حضورها في هذه المناسبة، ثانيا حملة التبرعات كانت واسعة وشملت مختلف جهات المغرب شرقه وغربه شماله وجنوبه، والمثير للإعجاب والافتخار أنها شملت كذلك وامتدت بركاتها إلى المغاربة في أقاليمنا الصحراوية. ولعل في ذلك دلالات أخرى تعكس قناعات وتعبر على تمسك وثبات رئيس الدولة على المبدأ. فالفعل الخيري قد يكون امتدادا للفعل السياسي.
وإذ الأمر كذلك، فلا غرو أن العلاقات بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية الشقيقة هي علاقات نموذجية لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات العربية البينية. فهي علاقات متجذرة في التاريخ كما هي علاقات ذات طابع شمولي يغطي مختلف المجالات. وفوق هذا وذاك هي علاقات تعتمد على النواة الصلبة التي تربط قيادة البلدين في الماضي والحاضر والمستقبل مما يعطي لتلك العلاقات زخما قويا بعجلات من الدفع الرباعي للقفز فوق كل المطبات. وهي كذلك علاقات روحية ووجدانية ، وما يربط البلدان هو ترجمة لحديث خير الأنام عليه السلام ” مثل المومنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

تعليقات (0)
اضافة تعليق