عزّز المنتخب المغربي لكرة القدم حضوره العالمي عبر مختلف الفئات، من المنتخب الأول إلى فئة أقل من 17 سنة، في مسار يؤكد أن الكرة الوطنية لم تعد تعتمد على جيل ظرفي أو نجاح عابر، بل على مشروع كروي متكامل يفرز منتخبات تنافس على أعلى المستويات. فبعد بلوغ “أسود الأطلس” مربع الذهب في مونديال قطر، وتتويج منتخب أقل من 20 سنة بكأس العالم، جاء ظهور منتخب U17 ليضيف حلقة جديدة في هذا المسار بتأهله إلى دور الربع، مثبتًا أن المغرب أصبح ضمن دائرة المنتخبات صاحبة الحضور القار في المواعيد الكروية الكبرى.
وسواء تعلق الأمر بالظفر باللقب العالمي، أو ببلوغ دور المربع الذهبي، أو الوصول إلى دور الربع، فإن الثابت اليوم هو أن المغرب رسخ فعليًا موقعه داخل دائرة الكبار. لم يعد الأمر مجرد طموح أو رغبة في تحسين الصورة، بل أصبح حقيقة معطاة تؤكدها النتائج المتراكمة عبر السنوات. فالمغرب لم يعد منتخبًا يبحث فقط عن المشاركة أو الاكتفاء ببلوغ الدور الثاني أو الثالث، بل بات منافسًا مباشرًا على المراكز المتقدمة والألقاب الكبرى بكل فئاته.
وما أكدته العناصر الوطنية في هذه المشاركة يتجاوز مجرد بلوغ ربع النهائي؛ فهو يعبّر عن انتقال المغرب من موقع “الطامح” إلى موقع “المنافس”، ومن مرحلة إثبات الذات إلى مرحلة تثبيت المكانة. لم يعد المنتخب المغربي يظهر كرقم ثانوي أو مفاجأة ظرفية، بل كقوة قادرة على فرض إيقاعها أمام مدارس كروية كبرى، وصناعة الفارق، ومقارعة المنتخبات المرشحة للتتويج.
إن الحصيلة النهائية لهذه المشاركة لا تُقاس بالنتيجة وحدها، بل بما رسخته من رسالة واضحة: المغرب بات حاضرًا في قلب المنافسة العالمية عبر مختلف الفئات، وأن البناء القاعدي والمواكبة التقنية وصناعة الأجيال بدأت تؤتي ثمارها. ومن هنا، فإن عدم التتويج في كل نسخة يصبح تفصيلاً أمام الثبات في الأدوار المتقدمة، وهو ما يميز المنتخبات الكبرى التي تصنع حضورها عبر الزمن، لا عبر لحظة واحدة.
بهذا المسار المتصاعد، يعلن المغرب مرة أخرى أنه أصبح قوة كروية صاعدة بثبات ورؤية، وأن القادم، وفق ما تُظهره المؤشرات، سيكون أكثر إشعاعًا وتألقًا.