بقلم: سعيد عاتيق
في كل محطة انتخابية، تتردد قولة قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل أثقل الرسائل:
(قد خيرتم فاخترتم.)
هذه العبارة ليست مجرد تعليق عابر، بل امتداد لمعنى عميق أشار إليه العاهل المغربي في خطاب 20 غشت 2002، حين أكد أن حرية الاختيار الواعي هي “القاعدة الذهبية للديمقراطية”، وأن التصويت ليس عملية تقنية، بل محكّ للمواطنة وامتحان للإحساس بالمسؤولية.
غير أن هذه الرسائل، مهما علت بلاغتها، تتساقط — مع الأسف — على أرض لا تشتعل فيها جذوة الوعي إلا قليلا.
فكثير من المواطنين ما زالوا يلهثون خلف “الزرقلاف” و“القرفية” وقفة محشوة بدقيق رخيص وعدس شبعااان غمولية وعلب طماطم منتهية الصلاحية، وكأن الصوت الانتخابي صار سلعة تقايض في سوق التضليل لا أداة لبناء مستقبل.
ولعلّ منطقة الهراويين المثال الأصدق على هذا المسار العبثي. فمنذ نشأتها، لم تستقر جماعة الهراويين على حال: انقلابات سياسية متتالية، عزل وراء عزل، وقصص تروى عن مسؤولين انتهت بهم الحكاية إلى بوابة عكاشة. ورغم هذه الهزات، لا يبدو أن الوعي الجماعي قد تعلم من الدروس، ولا أن التجربة المريرة قد ولدت حصانة ضد إعادة إنتاج نفس الأخطاء.
إن واقع الهراويين اليوم “نكسة” مكتملة الأركان. عواملها تتداخل بين التآمر والتغافل، وبين من خطط ومن شارك ومن صمت. والأدهى أن كثيرا من المنتقدين والغاضبين اليوم هم أنفسهم من كانوا بالأمس جزءا من الصمت — أو من الصفقة. يصرخون اليوم في وجه الفوضى، كأن الفوضى نزلت عليهم من السماء ولم تكن ثمرة خياراتهم ونتائج تهاونهم.
لسنا هنا للتشفي، فمرارة الواقع أكبر من أن تستغل للشماتة. لكن من حقنا أن نقول:
تباً لمن لا يتعظ.
لقد ذاق الجميع طعم نتائج ذلك الإختيار المؤدى عنه ولا أحد يمكنه اليوم أن يخلع عنه عباءة المسؤولية ليرتدي جلباب البراءة.
إن الحقيقة — بكل مرارتها — ليست سوى جزء مما يعيشه المواطن في الهراويين. والمرارة، وإن كانت تشبه “الزقوم”، فهي ضرورية كي نستفيق من غفوة طويلة.
فهل من مذكر؟
وهل من أذان صاغية قبل أن تتكرر المأساة بوجوه جديدة؟
وراااه مااا بقااا قد ما فاااااات