بقلم: لحسن الجيت
لابد لي من البداية أن أؤكد أن متابعي المدعو حميد المهداوي يمكن تصنيفهم ما بين جمهور من الناس البسطاء في تفكيرهم وقابلين للتأثر بكل كلمة لا وزن لها أو كل خرجة شعبوية لا فرق بينها وبين “الحلقة” في ساحة جامع الفنا، وبين شريحة أخرى تتوزع بين الإسلاميين واليساريين والقومجيين الذين لهم مآرب يتخذون من شخص المهداوي مطية لتحقيقها- فينفخون فيه ويعظمونه كما يعظم “خوك البخاري”- هذا هو صانع الفرجة وليس صانع المحتوى اليوتوبر حميد المهداوي-
وإن كنت أنا لست من متابعي هذا الشخص، فهذا لا يمنعني أن أكتب مقالا في هذا الاتجاه وما حملني على ذلك يعود في واقع الأمر إلى درجة الميوعة التي أصبحت من صنع من يسيئون ويعبثون بالنقاش العمومي حتى لا أقول المشهد الإعلامي- فليس كل من يفتح نافدة من بيته الصغير على الناس ويسمح لنفسه بالتهجم على زيد أو عمرو ليدعي أنه ارتقى إلى درجة إعلامي أو صحفي-
وحينما أقول أن المهداوي هو صانع الفرجة فأعني بذلك أنه ليس إعلاميا أو صحفيا- وليس مهما كثيرا أن أستند في هذا الحكم على ما يتضمنه قانون الصحافة لأن النقاش من هذه الزاوية فيه أخذ ورد وجدل قد لا يفضي إلى الحسم في خلافات يغلب عليها التأويل وتعدد المفاهيم والتفسيرات- لكن الأهم في نظري هو ذلك المحتوى الذي تطحنه طاحونة المهداوي- فهو المحتوى الذي ينطوي على الكلمة المسؤولة التي يفترض أن يكون لها مدلول، وتحدد خطوط التماس بين الحق في حرية التعبيروبين الارتجال وإطلاق العنان للسان في تجاوز تام لأخلاقيات المهنة ومن دون اعتبار للضوابط ذات الارتباط الوثيق بأمن واستقرار البلاد كالعقيدة ومقدسات المملكة-
ما يقوم به المهداوي هو أبعد بكثير من أن يكون إعلاما متحضرا- فهو في واقع الأمر هرطقة وزوبعة في فنجان يستخدمه الساحر لإخراج الجن من جسد المريض- ما يقوم به لا يعدو أن يكون سوى تحريض وتجييش المشاعر لإثارة الفتنة في المجتمع – فالإعلام الحقيقي هو ذلك الإعلام الذي يساعد على البناء وليس على التخريب- أنا لا أستطيع أن افهم هذا الشخص عندما يدعو المغاربة للتوحد من أجل مواجهة المؤسسة الملكية وممارسة الضغط عليها- بأي حق يدعو إلى ذلك ومن أين استمد هذا الحق- فهل هذا هو الإعلامي الذي يحاول أن يجد فيه المهداوي نفسه- بكل تأكيد أن هذيان هذا الرجل وعقدته في ضالته المفقودة جعلته يضرب أخماس بأسداد، وهي حالة نفسية يزداد مرضها تفاقما حينما تجد من ينفخ فيها-
ولا يهمني أن أقف كذلك عند تسريب ذلك التسجيل الذي كان من ورائه المدعو حميد المهداوي بخصوص ما دار من كلام بديء أو غير بديء في جلسة لجنة الأخلاقيات- هذا التسريب في نظري لا يمكن أن ينسينا سلوكيات حميد المهداوي ولا يمكن أن يقفل ملف المتابعات القضائية في حق ذلك الشخص- فمحتوى التسريب في جميع الأحوال لا يعفيه من المتابعة- ومهما حاول اليوتوبر المهداوي التهرب أو أن يخفي الشمس بالغربال فهو يغالط نفسه قبل أن يغالط الآخرين-
ولذلك، يتعين على حميد المهداوي أن يعلم أنه إذا كان يعتقد بأنه يصنع المحتوى فهو على عكس ما يعتقد يجب أن بدرك حقيقة ما هو عليه باعتباره مادة تلك العجينة التي يصنع بها الأطفال دمياتهم للعب بها- فحميد المهداوي تحول إلى لعبة يلعبون به وينفخون فيه كما يفعل به عبدالإله بنكيران حينما يقول عنه بأنه يستحق أن يوضع لشخصه تمثال- ومن يصدق هذا القول فهو مريض بمرض عضال- ثم كيف لرجل دين، أي بنكيران، أن يرشح رجلا لهذا النصب التذكاري وهو يقول عن نفسه ملحدا، أيةعلاقة؟- وعلى حميد المهداوي أن يفهم بأن هذا الإطراء هو بمثابة تحفيزه وتشجيعه على المضي في الاشتغال على أجندة بنكيران-وقد استعصى علي الفهم كذلك حينما ارتأى عبدالإله بنكيران، الواعظ والمرشد، أن تتفتق قريحته الدينية على اختيار التمثال كهدية أي على صنم- لقد اتخمنا بشطحاته في الدين وها هو يعود بنا الى عهد اللات والعزى ومناة وهي اصنام قريش، واصنام أخرى مثل ود، وسواع، ويغوت، ويعوق ونسر، والتي ورد ذكرها في عهد نوح- هل نفهم من كلام السيد بنكيران أن الأصنام لم تعد محرمة؟
وليس ” الهارم” في حزب العدالة والتنمية هو الوحيد الذي ينفخ في نار “ابن الخنيشات” بل آخرون معنيون كذلك من منطلق حساباتهم ومصالحهم أن يعلنوا وقوفهم ليس من باب التضامن معه بل من باب التضامن مع أنفسهم وتحقيق مصالحهم الضيقة في شخصه-ومادام حميد المهداوي “غرباوي” حيث تربى في بيئة قروية وعاش بعض الطقوس والعادات، فقد يتعين عليه لكي يفهم رسالتي هذه، أن يستحضر ظاهرة غريبة قد عاشها في زمنه الغابر وهي أن النساء كما جرت العادة في قريته حينما يتباكين في مأتم يقام عند وفاة رجل فهن ينحبن ويرددن سجعا ليس في حق المتوفى وإنما في حق أخ هالك أو زوج رحل منذ زمان ولم يعد، فيما يعتقد المعزون أنها مناقب الميت-وهو ما يجري اليوم على “ابن الخنيشات”-إنهم يعلنون عن مواقفهم لغاية في نفس يعقوبوآخر من له العلم بها، إذا تأتى له ذلك، قد يكون حميد المهداوي-