هل حقًا منافسات أمم إفريقيا أكثر أهمية من كأس العالم؟

مع اقتراب كأس أمم إفريقيا 2025، يبرز نقاش جدلي حول مكانة البطولة القارية في أولويات كرة القدم المغربية. المغرب لم يرفع الكأس منذ نسخة 1976، رغم الإنجازات الحديثة على المستوى العالمي، وأبرزها الوصول إلى نصف نهائي مونديال 2022. هذا التباين يفتح الباب لتساؤل جوهري: هل يجب أن تظل الإنجازات العالمية هي الأولوية، أم أن الوقت حان لمنح البطولة الإفريقية وزنها الحقيقي في حسابات المنتخب الوطني والجماهير؟

كأس العالم بلا شك الحدث الأبرز عالميًا، حيث تتقاطع أفضل المنتخبات وتتجلى أعلى مستويات المنافسة، وتكتسب البطولة بعدًا إعلاميًا وتجاريًا غير مسبوق. لكنها، في السياق المغربي، لا تمثل الهدف الوحيد أو الأولوية المطلقة. الفوز باللقب القاري يحمل دلالات مختلفة؛ فهو يعكس القدرة على الهيمنة داخل القارة، ويترجم المشاريع الوطنية على أرض الواقع، ويعيد للمنتخب مكانته في ذاكرة الجماهير بعد عقود من الغياب عن منصة التتويج الإفريقية.

التجارب الإفريقية السابقة تؤكد أن التفوق القاري لا يضمن بالضرورة النجاح العالمي، لكنه شرط أساسي لتحقيق مشروع تنافسي مستدام. مصر، رغم سيطرتها القارية، لم تحقق حضورًا مؤثرًا في كأس العالم. والكاميرون، التي سجلت إنجازًا عالميًا في 1990، لم تحافظ على استمرارية الأداء على الصعيد العالمي. بالمقابل، المغرب نجح في الوصول إلى نصف نهائي مونديال 2022 وهو انجاز غير مسبوق افريقيا وعربيا، لكنه لا يعتبر هذا منتهى الطموح المغربي، بل نقطة انطلاق لمشروع كروي طموح يضع القارة في بؤرة اهتمامه.

الأولوية المغربية اليوم تتطلب النظر إلى اللقب الإفريقي ضرورة استراتيجية. البطولة ليست مجرد جائزة، بل محطة لتثبيت ثقة الجماهير بالمنتخب، واستثمار جهود التطوير في البنية التحتية والتكوين والاحتراف. الفوز بالقارة يضمن أن الإنجازات القارية في المحافل العالمية تُترجم إلى مشروع وطني متكامل، ويؤسس لمكانة المغرب قوةً كروية متوازنة بين البعد القاري والعالمي.

المقارنة بين كأس العالم وأمم إفريقيا ليست مسألة “أفضلية مطلقة”، بل مسألة ملاءمة ظرفية. بالنسبة للمغرب، البطولة القارية تمثل أولوية استراتيجية وواقعية، ضرورية لاستكمال المسار التاريخي وإعادة تثبيت مكانة أسود الأطلس داخل القارة، قبل التوجه نحو تحديات أكبر على المستوى العالمي. كأس أمم إفريقيا هي محطة أساسية لإعادة كتابة تاريخ أسود الأطلس على الصعيد القاري، وجسر للوصول إلى الإنجازات الدولية الكبرى.

تعليقات (0)
اضافة تعليق