بالواضح – الرباط
في الوقت الذي ينبغي فيه توجيه الجهود نحو مواصلة أوراش التنمية والبناء، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية ومضامين النموذج التنموي الجديد، يختار البعض الانشغال المبكر باستحقاقات 2026، متناسين أن الأولوية الوطنية تظل في ترسيخ ثقافة العمل وربط المسؤولية بالمحاسبة، لا في الدخول المبكر إلى سباق الأصوات.
إن رهانات المغرب التنموية لا تنتظر لحظة انتخابية عابرة، بل تتطلب نفسًا استراتيجيًا يعلي من منطق الاستمرارية في الإنجاز وتثبيت المكاسب، لاسيما وأن الإرادة الملكية تترجم بوضوح في مختلف الخطابات والمبادرات، توجيهًا نحو تحقيق تحول حقيقي في البنية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة. غير أن ما يثير الاستغراب، هو تعامل بعض الفاعلين مع الزمن السياسي بمنطق “الكمون الانتخابي”، كأنهم كائنات لا تنشط إلا حين تقترب صناديق الاقتراع، دون التزام فعلي بمسؤوليات المرحلة ولا بمستلزمات البناء المؤسساتي والتنمية المحلية.
ويزداد المشهد مفارقة حين نلاحظ أن بعض الفاعلين داخل الأغلبية الحكومية أنفسهم، صاروا يضعون قدمًا في موقع التسيير، وقدمًا أخرى في موقع المعارضة، وكأنهم يهيئون أنفسهم منذ الآن لمرحلة ما بعد 2026، غير آبهين بتحديات اللحظة الحاضرة التي تتطلب وضوحًا في المواقف وانخراطًا كاملاً في إنجاح البرامج والسياسات العمومية.
فالوطن لا يُبنى بالخطابات المؤقتة، ولا بالتحركات الموسمية، بل بالاجتهاد اليومي والاقتران الفعلي بين القول والفعل، وهو ما يجعل من “الصفحة الحالية” صفحة عمل بامتياز، لا ورقة مؤقتة يتم طيها بانتظار حملة انتخابية قادمة. فالأجدى أن ينشغل الجميع بمسيرة البناء الجماعي، لا بمراكمة التموقعات الفردية، لأن المغاربة اليوم لا ينتظرون شعارات جديدة، بل ممارسات مسؤولة تعيد الثقة في العمل السياسي وتترجم طموحاتهم إلى واقع ملموس.