هل يقبل المغرب "الاعتذار المنقوص" لبان كي مون ويعود الوضع إلى حالته الطبيعية
بعدما دعا مجلس الأمن الجمعة الأخير، وتحدث فيها عن ضرورة تقديم اعتذار رسمي للمغرب، لإعادة الوضع إلى حالته الطبيعية وتمارس بعثة المينورسو مهمتها حسب قرارات مجلس الامن، فاجأ الأمين العام للأمم المتحدة بعد ثلاثة الأيام أي أمس الإثنين بتقديم اعتذار وصف بالمنقوص من حيث أدبياته، والمرتبك من حيث صياغته، والمتناقض من حيث مبرراته، والعنيد من حيث عقليته.
إقرأ أيضا: مجلس الأمن يُلزم بان كي مون بتقديم اعتذار رسمي للمغرب
يبقى إذن بعد هذا “الاعتذار” الذي حاول محيط بان كي مون أن يُبقي الأخير في برجه العاجي، بعيدا عن السقوط في مستنقع هزيمة ديبلوماسية، بعيدا عن شجاعة الاعتذار الحقيقي، لاسيما أن منصب “بان” الرجل الديبلوماسي الأول في العالم، يفرض عليه ألا ينهزم أبدا مهما بلغت فداحة أخطائه، حتى وإن سقط لسانه في زلة التفوه بكلمة “احتلال” في وجه أحد طرفي النزاع لحساب آخَر، ليجد نفسه أمام خطأ أكثر فداحة، عندما أسقطه اعتذاره المرتبك في فخ زلة أخرى، وياليتها كانت زلة، إذ الأمر تجاوز ذلك إلى ما هو أعمق وأخطر، حيث برر كي مون هذا أو محيطه بالأحرى أن وصفه كلمة “احتلال” إنما يعبر عن شعور شخصي ولا يعكس موقف منظمة الأمم المتحدة، وهذا بحد ذاته خروج صريح وصارخ عن دور الأمين العام في دور الوساطة في فض النزاعات بين الدول وتقريب وجهات النظر بينها، هذا على غرار ازدواجية الخطاب الذي من خلالها فَصَل الأمين العام نفسه عن المنظمة التي يمثلها عندما حل بإلإقليم ذي الصلة بالنزاع!!! وهذا أمر غير مسبوق على مستوى أسلافه.
إقرأ أيضا: بعدما ألزمه مجلس الأمن بالإعتذار.. هذا ما قام به بان كي مون!!!
كل هذا يوضح مدى الفشل الديبلوماسي الذريع الذي سقط فيه المنتهية ولايته بان كي مون ومحيط وعلى رأسه مبعوثه في الصحراء كريستوفر روس، ليلقي بذلك الكرة بطيئة في ملعبي كل من مجلس الأمن من جهة والمغرب من جهة أخرى.
أما بالنسبة لمجلس الأمن فقد يتجرع على مضض تلك الذرائع الواهية التي أتى بها بان كي مون وقدم من خلالها أسفه على لتداعيات سوء فهم الكلمة التي استخدمها.
ولكن كيف سيتقبل مجلس الأمن ذلك العذر عندما اعتبر بان كي مون بأن انزلاقه اللفظي إنما نبع من شعوره الشخصي.
لاشك أن موقف مجلس الأمن سيتوقف على موقف الرباط الذي من المنتظر أن يصدر من خلال المجلس الحكومي المنعقد بعد غد الخميس، والذي من المرتقب أن يصدر موقفا حذرا، والذي قد لا يغير من الوضع المتوتر شيئا، باعتبار أن المسألة ليست هينة ما دامت تتعلق بوضع أرض حررها المغاربة قبل أربعين عاما، وألا مجال لأي كان أن يصفها بالمحتلة.
على أي وإن كان الإعتذار منقوصا فإنه على الأقل قد تم التراجع عن كلمة “احتلال”، وهذا بحد ذاته انتصار للمغرب في وجه خصومه، رغم الميول الواضح الذي أبداه الأمين العام للأمم المتحدة عندما فشل في تبرير زلته، واعتبر أنها نابعة من شعور شخصي، وهذا ما يقلق الرباط وديبلوماسييها في مدى التعاطي اللامسؤول الذي باشرت به الأمانة العامة الأمم المتحدة، ما ينذر بمزيد من التوتر واللاثقة بين المغرب والمنظمة الأممية، على الأقل في الأشهر المتبقية من ولاية كي مون.