آيت بوكماز ليست ورقة انتخابية… بل منطقة تستحق تنمية مستدامة

بقلم: عمر المصادي

في عمق جبال الأطلس الكبير، وبين منعرجات الوديان وسفوح الجبال، تمتد منطقة آيت بوكماز، المعروفة بجمالها الطبيعي وسحر مناظرها الخلابة، والتي يطلق عليها الكثيرون لقب “وادي السعادة”، لكن خلف هذا الجمال البصري، تختفي حقائق مرة وصادمة عن واقع معيشي صعب، تعانيه الساكنة المحلية في صمت، بعيدا عن عدسات الإعلام وضجيج الشعارات السياسية.
ولكن، كلما اقتربت الإنتخابات، تتحول آيت بوكماز إلى ورقة انتخابية مغرية. تستحضر صورها في المهرجانات الخطابية، وتطلق الوعود على عجل لتحسين أوضاعها، ثم لا تلبث أن تنسى بمجرد انتهاء الحملة، وكأن الساكنة مجرد أصوات تعد كل خمس سنوات.
والحقيقة أن آيت بوكماز لا تحتاج إلى وعود، بل إلى سياسة تنموية عادلة وشاملة، فالمنطقة تعاني من عزلة جغرافية كبيرة، وافتقار حاد للبنية التحتية الأساسية. الطرق المعبدة منعدمة في بعض الدواوير، وشبكات الإتصال ضعيفة أو غير موجودة، والمراكز الصحية شبه فارغة من الموارد البشرية والتجهيزات، أما المدارس، فتعاني من نقص في الأطر التربوية وبعد المسافات، ما يجعل التمدرس، خاصة للفتيات، تحديا يوميا.
ورغم الإمكانيات الكبيرة التي تتوفر عليها المنطقة، سواء في المجال الفلاحي أو السياحي، فإن غياب رؤية استراتيجية لتنمية الموارد المحلية يجعل أغلب شبابها يفكرون في الهجرة بحثا عن فرص أفضل، فالسياحة البيئية، على سبيل المثال، كان يمكن أن تشكل رافعة اقتصادية مهمة لو تم الإستثمار فيها بطرق مستدامة تراعي خصوصيات المنطقة وسكانها.
التنمية التي تحتاجها آيت بوكماز ليست مشاريع معزولة يعلن عنها في المناسبات، بل رؤية شاملة ترتكز على العدالة المجالية، وتكافؤ الفرص، واحترام كرامة المواطن الجبلي.
كما يجب أن يكون إشراك السكان المحليين في اتخاذ القرار والتخطيط جزءا أساسيا في أي تصور تنموي مستقبلي.
وفي هذا الإطار، يجب التأكيد على أن تنمية المناطق الجبلية ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية جماعية، فالدولة بمؤسساتها المركزية والجهوية، والمنتخبون، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمواطنون أنفسهم، كلهم معنيون بانجاح الورش التنموي، لأن كرامة المواطن لا يجب أن تقاس بمكان سكنه، بل بحقوقه الأساسية، أينما كان.
إن إنصاف آيت بوكماز هو امتحان حقيقي لنوايا الفاعلين السياسيين والمؤسسات العمومية. فإما أن ننتقل من مرحلة الشعارات إلى مرحلة الفعل، وإما أن نستمر في تدوير نفس الأسطوانة، وتبقي الفجوة قائمة بين المغرب النافع والمغرب المنسي.
وفي الأخير فإن آيت بوكماز والمناطق الجبلية ليست صورة سياحية ولا ورقة انتخابية تستغل وقت الحاجة، إنها مناطق حية، يسكنها مواطنون مغاربة يستحقون العيش الكريم، ويستحقون أن ينظر إليهم كقوة اقتراح، لا مجرد رقم انتخابي.

اترك رد