الدنمارك تواجه الذكاء الاصطناعي بقانون يحمي الهوية البشرية

أعلنت الدنمارك عن مقترح قانوني ثوري يمنح كل مواطن الملكية الكاملة لصورته وصوته وبيانات جسده، في خطوة تهدف إلى حماية الهوية الإنسانية من الاستنساخ الرقمي في زمن تتسارع فيه قدرات الذكاء الاصطناعي على تقليد البشر بدقة مذهلة. وبموجب المشروع، لن يُسمح لأي شركة أو نظام ذكاء اصطناعي باستخدام ملامح شخص أو صوته أو هيئته دون موافقة صريحة منه.

المقترح يأتي استجابةً لانتشار ظاهرة “الديب فيك” (Deepfakes)، وهي تقنية تُمكّن من إنشاء مقاطع وصور رقمية واقعية جداً لأشخاص لم يقوموا بالفعل بما يظهر في تلك المقاطع. وقد استُخدمت هذه التقنية في السنوات الأخيرة في الاحتيال المالي، ونشر الأخبار الكاذبة، والتلاعب بالانتخابات، بل وحتى في إنتاج محتوى إباحي غير مرخص لأشخاص حقيقيين.

تشير بيانات الاتحاد الأوروبي إلى أن عدد المقاطع الزائفة التي تُنتج بالذكاء الاصطناعي تضاعف أكثر من 15 مرة منذ عام 2019، وهو ما جعل مسألة حماية الهوية الرقمية أولوية تشريعية في الدول الأوروبية. وتُعد الدنمارك أول دولة تطرح ملكية السمات الشخصية كحق قانوني يُعامل كحق ملكية فكرية، شبيه بحقوق المؤلف والعلامات التجارية.

إذا أُقرّ القانون، فسيشكل سابقة عالمية قد تُعيد رسم ملامح حقوق الإنسان الرقمية، وتدفع بلداناً أخرى إلى سن تشريعات مماثلة تضمن السيطرة الفردية على البيانات البيومترية (Biometric Data) مثل الوجه والصوت والحركة. ويرى خبراء القانون الرقمي أن هذا القانون سيكون بمثابة “دستور إنساني للذكاء الاصطناعي”، حيث يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والآلة في الفضاء الإلكتروني.

بهذه الخطوة، توجه الدنمارك رسالة واضحة إلى العالم: الإنسان ليس مجرد بيانات رقمية قابلة للنسخ، بل كيان يستحق حماية قانونية كاملة لجوهره وهويته. في زمن يمكن فيه للذكاء الاصطناعي أن يخلق نسخة طبق الأصل منك، يصبح الدفاع عن أصالتك واجباً وطنياً وإنسانياً.

اترك رد