القرار الأممي2797 ومأزق النظام الجزائري
بقلم: مصطفى المريني
لم تبد الجزائر حتى الآن ، أي مؤشرات على استعدادها للانخراط في الدينامية الدولية التي دشنها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797، الذي دعا بوضوح الأطراف المعنية بالنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، وفي مقدمتها الجزائر إلى الدخول في مفاوضات على أساس المقترح المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الإطار الوحيد الواقعي والعملي، والدائم لتسوية النزاع في إطار السيادة المغربية، كما لم يصدر عنها ،أي بادرة حسن نية للتفاعل الإيجابي مع الدعوة التي وجهها الملك محمد السادس، في الخطاب الذي أعقب صدور القرار، باجراءحوار صريح ومسؤول بين البلدين لطي صفحة الخلاف، وبناء علاقات ثنائية قائمة على التعاون، والثقة والأخوة.. بل إن كلالمؤشرات الرسمية الصادرة عنالجزائر توحي باستمرارها في نهج التصعيد والتوتر، والهروب إلى الأمام، والمناورة، ورفض الانصات لصوت الحكمة الذي عبر عنه جلالة الملك، فبدل أن تتلقف اللحظة السياسية الدقيقة التي خلقها القرار الأممي، وتتعاطى معها بوصفها فرصة دولية لتسوية النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، وإعادة صياغة العلاقة مع المغرب على أسس جديدة من التعاون والحوار والثقة، وإطلاق مسار انفتاح مغاربي طال انتظاره، انصرفت إلى خلق الجدل حول القرار الأممي في محاولة يائسة لتحوير مضمونه ،وإشاعة حالة من الغموض المتعمد حول دلالاته، عبر قراءة انتقائية تفرغ القرار من جوهره الذي حمل الأطراف المعنية -وفي مقدمتها الجزائر- مسؤولية الانخراط الجاد في مفاوضات مباشرة، لإيجاد تسوية سياسية واقعية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية ،وذلك على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وهو الأمر الذي لم تستسغه الجزائر بعد، لأنه يسقط كل سردياتها التي نسجتها على مدى عقود من النزاع، فالقرار 2797 فضلا عن تكريسه للمقترح المغربي كإطار وحيد للحل السياسي في إطار السيادة الوطنية المغربية ،كرس تحولا عميقا في مفهوم ” الأطراف المعنية” وفي مقدمتها الجزائر، باعتبارها طرفا مباشرا في النزاع، ومن ثم ،فإن عملية التفاوض لا يمكن أن تستقيم دون انخراطها المباشر، وهذا يعكس تحول مهم في موقف الأمم المتحدة في توزيع المسؤوليات، وينهي سردية النظام الجزائري الذي كان يروج لخطاب ” الوساطة” و ” الحياد”، ومن هنا مأزق النظام الجزائري الذي لم يستسغ بعد عمق التحول الذي حمله القرار الأممي، من حيث حسم المرجعية التفاوضية في المقترح المغربي، وإعادة تحديد الأطراف بشكل مباشر، والدفع نحو الحل النهائي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، فقد بات النظام الجزائري جراء القرار الأممي محاصرا داخل مأزق مزدوج، فمن جهة، تلزمه الشرعية الدولية بالانخراط في المفاوضات باعتباره طرفا رئيسيا في النزاع، ومن جهة ثانية ، يجد نفسه في مواجهة الشعب الجزائري الذي بدد مقدراته في سبيل سردية متآكلة،تقوم على افتعال العداوة وخلق التوتر مع المغرب لتبرير الإخفاقات الداخلية، وبالتالي، فإن محاولة الجزائر الالتفاف على القرار الأممي، والتملص من مسؤوليتها السياسية والتاريخية، ورفض دعوات الحوار القادمة من المغرب يضعها في مواجهة المجتمع الدولي، الذي أصبح يتعامل مع القرار 2797 كفرصة حقيقية لانهاء النزاع المفتعل حول الصحراء في إطار السيادة المغربية ..