ثلاثية المسيرة والاستقلال والوحدة.. قيم تؤسس لوعي جديد لدى الأجيال

بقلم: عمر المصادي

تعود الذكرى الوطنية الخالدة للمسيرة الخضراء وعيد الإستقلال لتجدد حضورها في الوجدان الجماعي للمغاربة، بما تحمله من قيم التضحية والوحدة والتشبث بالحق التاريخي. فهذه المحطات لم تصنع فقط جزءا من تاريخ المغرب الحديث، بل أرست أيضا منهجا حضاريا فريدا يقوم على السلم والحكمة والدبلوماسية الهادئة في استرجاع الحقوق وإدارة القضايا الوطنية.
ولعل النجاح الكبير الذي حققته المسيرة الخضراء، باعتبارها نموذجا راقيا لحل النزاعات بالطرق السلمية، ما يزال يلهم الأجيال الصاعدة اليوم. فهي تعلم الشباب معنى أن تكون الوحدة الوطنية قوة دافعة، وأن انتزاع الحقوق يمكن أن يتحقق بالإرادة الجماعية والتماسك، دون عنف أو صدام.
وفي امتداد لهذا المسار الهادئ الذي يميز السياسة الخارجية للمغرب، أعلن جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، عن “عيد الوحدة” يوم 31 أكتوبر من كل سنة، وذلك مباشرة بعد القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي شكل تحولا مهما في مسار قضية الصحراء المغربية، ورسّخ دعم المجتمع الدولي للمبادرة المغربية القائمة على الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع.
إعلان عيد الوحدة جاء ليؤكد الإنتقال إلى مرحلة جديدة عنوانها الإعتراف الدولي المتزايد بمشروعية الموقف المغربي، وإرادة الدولة في ترسيخ قيم الإنسجام الوطني، وربط انتصارات الدبلوماسية المغربية بالذاكرة الوطنية المشتركة.
كما يعكس هذا العيد رمزية قوية، كونه يربط بين نضالات الماضي ومكاسب الحاضر وتطلعات المستقبل، ويمنح للشباب والأجيال الصاعدة فرصة استيعاب أن الوحدة ليست فقط شعارا، بل مشروعا مستمرا يقوم على العمل، الإحترام المتبادل، والسلم.
وفي هذا الإطار، تبرز رؤية المغرب في حل القضايا الإقليمية، ومنها قضية الصحراء الشرقية، التي يؤكد المغرب أن حلها ممكن بالمسار نفسه الذي نجح في الجنوب: أي الحوار البناء، والتفاهم المتبادل، وفي إطار من حسن الجوار، دون توتر أو صدام، ومع الحفاظ على مبادئ العدل والإنصاف التاريخي.
إن المغرب، كما أكده الملك أكثر من مرة، لا يسعى إلى الخصومة، بل إلى بناء مستقبل مغاربي موحد، تسوده الأخوة والتكامل الإقتصادي والبشري، فمصير شعوب المنطقة مترابط، ووحدتها عنصر أساسي لأي تنمية حقيقية.
وفي الأخير، فإن تلاقي المسيرة الخضراء وعيد الإستقلال وعيد الوحدة في الوجدان الوطني يشكل منظومة قيم متكاملة:
قيمة الماضي، ورهانات الحاضر، ورؤية المستقبل.
وهو ثالوث يمنح للشباب وللأجيال الصاعدة بوصلة واضحة: أن المغرب بلد قادر على صنع وحدته بالشرعية، ودبلوماسيته بالحكمة، ومستقبله بالإرادة المشتركة.
الله – الوطن – الملك

اترك رد