لا يختلف اثنان على أن القانون فوق الجميع بل هو مطلب شعبي أولا ومطلب كل القوى الحية في البلاد كما تتبناه برامج الاحزاب السياسية وتقارير المجتمع المدني باعتبارها قوة اقتراحية وقوة رأي، إلا أن واقع الحال شتان ما بينه وبين ما يجري تداوله نظريا في الإعلام وفي الصالونات السياسية.
إننا كمجتمع بكل شرائحه، ما نتصوره كمساواة يصطدم في غالب الأحيان بمبررات وتعليلات تحملها السلطة التقديرية التي تتمتع بها النيابة العامة.
إن فهمنا للأمور قد يكون سطحيا أمام فقهاء القانون، لكن المفهوم البدائي لبعض القواعد تجعلنا أمام تساؤلات يصعب فهمها أو التعامل معها كنتيجة لتمدد السلطة التقديرية لبعض القطاعات وعلى رأسها المجال القضائي.
إن العامة لها فهم واحد في مسألة الحبس الإحتياطي كما تشرحه الندوات والمناظرات واللقاءات المدرجة في الإعلام، وتلك التي تجري داخل أروقة المجتمع المدني والمنتديات العلمية، إذ أن الحبس الاحتياطي إجراء يتم اتخاذه في حق من لا يملك ضمانة الحضور إلى جلسات المحاكمة، حتى ان رئاسة النيابة العامة في الكثير من الأحيان دعت إلى تشديد القيد على الحبس الاحتياطي نظرا للاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية.
وبكل تجرد وحيادية من حقنا أن نتساءل هل السيد محمد مبدع كوزير سابق ونائب برلماني ورئيس جماعة وقيادي حزبي لا يتوفر على ضمانة الحضور؟ ألا يمكن متابعته في حالة سراح تحت طائلة كفالة مالية؟ ألا يمكن الأخذ بعين الاعتبار وضعه الاعتباري كشخصية عمومية إبقاؤه تحت الإقامة الجبرية مع إغلاق الحدود في وجهه وسحب جواز سفره؟ لماذا كانت النيابة العامة متشددة في متابعته في حالة اعتقال والحال أن العديد من السياسيين يتابعون في حالة سراح.
أمام هذه الأسئلة حول المساواة للجميع، فإننا نلتمس من الجهات المختصة توضيحا قانونيا وسياسيا للأمر، مع العلم أن عددا من الصحافيين يتابعون في حالة اعتقال مع وجود قرينة البراءة وإمكانية الحضور إلى الجلسات.
قد تكون هناك أشياء لا نفهما وقد يعوزنا الفهم في تفسيرها؛ لكننا كمجتمع إعلامي وصحافي يؤسس فرضياته على السؤال، وخاصة سؤال المساواة الذي بذلت فيه الدولة جهودا كبيرة من خلال دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات كما هو مبيّن في دستور 2011.
لقد سبق لجلالة الملك كرئيس للدولة أن طرح في السنتين الأوليين من حكمه مفهوما جديدا للسلطة كفلسفة سياسية متبصرة تشمل حسب قراءتنا لفكر جلالته كل السلط تشريعيا وتنفيذيا وقضائيا تكريسا لمبدإ المساواة أمام الحقوق والواجبات، ولقد تأكد ذلك في الفصل السادس من الدستور بجعل المغاربة سواسية أمام القانون.
لقد اجتهدت الدولة تشريعيا في وضع ترسانة قانونية لحماية الأفراد والجماعات في إطار من المساواة وعدم الإفلات من العقاب من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن سؤال المساواة ظل يؤرق الجميع أمام بعض المظاهر التي يتم معالجتها قانونيا بأشكال مختلفة، الشيء الذي يضع ثقة المواطن في المؤسسات في المحك، والجدير بالذكر هنا أن رسالة جلالة الملك لتعيين رئيس السلطة القضائية أكدت على بذل الجهد في إعادة ثقة المواطن بالمؤسسة القضائية.