وجهت المحكمة الدستورية ضربة موجعة لمشروع قانون المسطرة المدنية، الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي باسم الحكومة، بعدما قضت بعدم دستورية مقتضيات محورية وردت في نص القانون رقم 23.02، الذي كان قد صادق عليه البرلمان بغرفتيه، وسط انتقادات حقوقية وقانونية طالت مسار إعداده ومضامينه.
وجاء في القرار، الصادر بتاريخ 6 غشت 2025، أن المحكمة، وبعد اطلاعها على النص المحال من قبل رئيس مجلس النواب وفقًا لأحكام الفصل 132 من الدستور، قضت بعدم مطابقة المادة الأولى، والفقرة الأخيرة من المادة 92، والمادة 94 للدستور، لكونها تتعارض مع مبادئ دستورية ثابتة، من بينها الحق في التقاضي، وحجية الأحكام القضائية، والأمن القانوني، وضمانة ولوج المواطنين إلى العدالة على قدم المساواة.
ويتعلق النص بمشروع القانون الذي سبق أن أثار جدلاً واسعًا، بالنظر إلى التعديلات العميقة التي اقترحها على بنية المسطرة المدنية، وخصوصًا ما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية ضد الدولة والجماعات الترابية، وهو ما اعتبرته عدد من الهيئات الحقوقية والقانونية انحرافًا تشريعيًا يكرّس امتياز الإدارة ويحد من فعالية الأحكام القضائية.
ووفقًا لتعليل المحكمة، فإن بعض المقتضيات المطعون فيها تنتقص من حق التقاضي المكفول دستورًا، وتمس بمبدأ مساواة الأطراف أمام القضاء، وتفتح المجال لتمييع تنفيذ الأحكام القضائية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمنازعات ضد الإدارة، مما يجعلها غير مطابقة للدستور، وغير قابلة للاستمرار في النظام القانوني.
ويُعد هذا القرار إحراجًا سياسيًا وتشريعيًا لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي ظل يدافع عن المشروع بوصفه من ركائز إصلاح منظومة العدالة، كما يضع الحكومة في موقف لا يُحسد عليه، بعد تمرير نص تشريعي تضمن مقتضيات غير منسجمة مع الدستور، رغم توفرها على آليات المراقبة القبلية.
ويفتح هذا التطور الباب أمام مراجعة شاملة للنص، خاصة في الشق المتعلق بالإجراءات القضائية ضد الإدارة، وهو ما يُنتظر أن تعكف عليه وزارة العدل، تفاديًا لأي انتكاسات دستورية جديدة، ولإعادة الثقة في النصوص المؤطرة لمنظومة العدالة.