ليست الدولة وحدها المسؤولة عن مكافحة الفساد
بقلم: حبيب كروم (*)
حين تتحول بيئة العمل بالقطاعات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية إلى فضاء يسوده الغموض والضبابية ويكتنفه الحذر والصرعات، يجبر (بعض) مسؤولو الإدارات الفاشلة منها بالتركيز فقط على طرق محاربة الأصوات الحرة المطالبة بالتصحيح والتقويم دون مراعاتهم في ذلك لمصالح المواطنين، ولا لمصلحة المنظومة التي ينتمون إليها، يتجاهلون الغايات المنشودة والأهداف الرئيسية للمرافق العامة هذا واقع حال عدد كبير من المؤسسات التي توجد تحت قبضة (بعض) الروؤساء الذين أبانوا بشكل صريح عن ضعفهم وفشلهم يكتفون ويحرصون على نهج نموذج التدبير الذي يؤمن فقط تواجدهم بعد ان أضحى واضحا عجزهم و ضعف قدراتهم في بلوغ الأهداف المتوخاة. وضع مؤسف تهدر فيه الجهود وتوظف فيه امكانيات بشرية ومادية هي في الأصل ملك للمواطنين، كان بالامكان توظيفها للاستجابة الى انتظاراتهم وتطلعاتهم بتوفير وتقديم خدمات عمومية لفائدهم بالقدر الكافي وذات جودة عالية. ان غياب الرقابة والمحاسبة يساهمان في انحراف مجموعة من المؤسسات عن أهدافها وأسباب وجودها، حيث يظل المواطن ضحية الفساد المستشري في شرايين المرفق العام الذي يفتقد لأسس الحكامة والقيادة الجيدة. ان هذا السرطان اللعين الذي ينخر البلاد هو السبب الرئيسي في كل المصائب التي يتعرض اليها المواطنين ومهما فعلت الدولة من انجازات لا يمكن أبدا أن تظهر أو يشعر المواطن بها في ظل الفساد الذي لا تخلو منه المؤسسات الفاشلة، فبالرغم من التنبيه والاحتجاج الناجمان عن هذه الأوضاع الكارثية التي تعاكس وتضرب في العمق بنوذ و مقتضيات دستور المملكة، يظل الحال على حاله بحكم أن لوبيات الفساد طورت من قوتها ومناعتها ونسجت خيوطها العنكبوتية بغاية الحصانة والمقاومة ضد التغيير والاصلاح، لتموقعها بنقط حيوية في الهياكل التنظيمية للمؤسسات سالفة الذكر، مما يمكنها من قضاء مصالح عديدة نخص بالذكر منها لا الحصر الظفر بالصفقات العمومية والتوظيفات والتعينات في مناصب المسؤوليات لفائدة عناصر نافذة غالبا ما تصفق و تلعب دور الحامي والمساند لنماذج فاسدة تساهم في عرقلة عجلة الاصلاح والنمو، التي يطمح إليها كل مواطن ومواطنة لهما الغيرة على وطنهم، فبالرغم من تسجيل مؤشرات وأرقام جد سلبية تؤكد فعلا براثين الفساد الذي تعيش على وقعه مجموعة من المؤسسات الحيوية يعجز القائمون على بعض القطاعات والمؤسسات العمومية باتخاذ قرارات شجاعة تحمي وتضمن حقوق المواطنين الذين سئموا من أساليب الزبونية والمحسوبية والقرابة. ان لوبيات الفساد أضحت تشكل خطورة كبيرة على نهضة وتقدم بلادنا ،فعلينا جميعا كل من موقعه التصدي بكل عزيمة وقوة لمحاربتها بالترافع لدى الجهات المعنية وبسلك كافة السبل المتاحة، فلنكن بالمرصاد لكل مسؤول طاغية ينحرف عن سكة النموذج التنموي الذي تنخرط فيه بلادنا، ومن المهم أن لا نتوانى في هذه الحرب المقدسة ضد الفساد وأهله، خاصة ان المعركة تطول رحاها في بعض البؤر السوداء نظرا لارتفاع حجم الفساد بشكل يفوق الحدود والتصورات.
(*) فاعل جمعوي حقوقي ونقابي