مليارات مهدورة.. كيف يبدد النظام العسكري الجزائري ثروات الشعب على مشروع البوليساريو للمس بوحدة المغرب واستقراره؟

بقلم: عمر المصادي

على مدى خمسة عقود، ظل النظام العسكري الجزائري يضخ موارد مالية ضخمة في دعم جبهة البوليساريو، رغم الأزمات الإجتماعية والإقتصادية التي تعيشها البلاد. ورغم غياب الأرقام الرسمية الدقيقة، تشير شهادات خبراء وتقارير حقوقية إلى أن حجم الإنفاق على الجبهة بلغ مستويات تجعل منه أحد أكبر ملفات استنزاف المال العام خارج أي رقابة أو مساءلة.

وهناك تحاليل لمتخصصين في الشأن المغاربي تكشف أن جزءا مهما من عائدات النفط والغاز وجه لسنوات طويلة لتمويل البنية الإدارية والعسكرية للبوليساريو، فضلا عن مصاريف التنقلات والضغط الدبلوماسي والإعلامي.
ويقول خبير في العلاقات المغاربية إن “أكبر إشكال في ملف تندوف هو غياب الشفافية، نحن أمام تمويل ضخم يمتد لعقود دون أي ميزانيات معلنة أو رقابة مؤسساتية، وهو ما يبقي الملف رهينا للقرار السياسي أكثر من عقلانية النتائج.”
ومع ذلك، لم ينعكس هذا التمويل على أي مكسب سياسي، إذ يميل المنتظم الدولي اليوم إلى دعم حل الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كخيار واقعي قابل للتنفيذ، ما يجعل الرهان الجزائري مكلفا وغير مثمر.

وفي الجهة المقابلة لهذا الإنفاق، يعيش آلاف المحتجزين في مخيمات تندوف أوضاعا وصفها خبراء حقوقيون بأنها “غير إنسانية” و”قريبة من الإحتجاز القسري”.
المخيمات تدار بالكامل من طرف جبهة البوليساريو، خارج رقابة الأمم المتحدة، ما يجعل وضعية السكان معلقة بين غياب الدولة المضيفة واستفراد تنظيم مسلح بحياتهم اليومية.
وتؤكد خبيرة في الشأن الإنساني بمنطقة الساحل أن “المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المخيمات لا تصرف دائما في اتجاه تحسين أوضاع السكان، بل إن تقارير عديدة تحدثت عن تسرب جزء كبير منها وغياب الشفافية في تدبيرها.”
أما على المستوى القانوني، فيقول باحث في حقوق الإنسان: “الوضع داخل تندوف لا يتوافق مع أي من معايير اللجوء المعترف بها دوليا، نحن أمام سكان محرومين من حرية التنقل، ويعيشون في منطقة خارج الولاية القانونية للدولة المضيفة. هذا وضع استثنائي وخطير.”

تزايد هذا القلق الحقوقي دفع مختصين إلى دعوة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى التدخل العاجل من أجل:
– حماية السكان المحتجزين،
– مراقبة توزيع المساعدات،
– ضمان حرية التنقل،
– إجراء إحصاء رسمي للمخيمات لأول مرة منذ 50 عاما.
ويعتبر حقوقي دولي أن “السكوت الأممي عن الوضع في تندوف ساهم في جعل هذه الأزمة أطول حالة احتجاز غير معلن في شمال إفريقيا، ولا بد من تدخل مباشر لإعادة الإعتبار لحقوق آلاف المدنيين.”

وبين مليارات تنفق بلا محاسبة، وآلاف البشر يعيشون بلا حقوق، يبرز سؤال ملح: إلى متى سيستمر هذا النزيف المالي والإنساني؟
ورغم هذا التصعيد السياسي، يواصل المغرب التأكيد على التزامه بخيار الحوار والواقعية واحترام الشرعية الدولية، مع إبقاء اليد ممدودة لصالح استقرار المنطقة وإنهاء معاناة المحتجزين.

اترك رد