من المسيرة الخضراء إلى مسيرة التنمية والبناء

بقلم: عمر المصادي

إن المسيرة الخضراء المظفرة تظل حدثا خالدا في الذاكرة الوطنية وملحمة فريدة في تاريخ النضال السلمي لاسترجاع الأقاليم الجنوبية، لقد كانت تلك المسيرة، التي دعا إليها جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه سنة 1975، تجسيدا لإرادة أمة موحدة حول ثوابتها الوطنية، ومثالا رائدا على قوة التلاحم بين العرش والشعب.
واليوم، وبعد مرور نصف قرن على هذا الحدث التاريخي، تستمر المسيرة في شكل جديد، -مسيرة التنمية والبناء- تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الذي جعل من الأقاليم الجنوبية نموذجا متكاملا للتنمية المندمجة والمستدامة، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى ترسيخ مغربية الصحراء على أرض الواقع، من خلال الإنجاز والعمل.
ففي مختلف ربوع الصحراء المغربية، تشهد مدن العيون والداخلة والسمارة وبوجدور… تحولات نوعية غير مسبوقة، مشاريع كبرى تتجسد على الأرض: من ميناء الداخلة الأطلسي العملاق، إلى الطرق السريعة، والمناطق الصناعية، ومشاريع الطاقات المتجددة، ومبادرات دعم النساء والشباب والمقاولات المحلية مثل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية…
إنها تنمية حقيقية تترجم الإنتماء وتجسد الولاء.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، حقق المغرب في السنوات الأخيرة انتصارات تاريخية بفضل الرؤية الملكية السامية والمتبصرة، فقد عززت المملكة حضورها الإقليمي والدولي، وأثمرت الجهود الملكية اعترافا متزايدا بشرعية القضية الوطنية، توج مؤخرا بقرار مجلس الأمن الدولي الذي جدد التأكيد على وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية، ودعا إلى دعم المسار السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة.
هذا القرار يشكل انتصارا جديدا للدبلوماسية المغربية، التي تعتمد الواقعية، والإلتزام، والشرعية الدولية كمرجعيات أساسية، في مقابل الأطروحات الإنفصالية التي تفتقد لأي سند قانوني أو شعبي.
وفي هذا السياق التاريخي المشرق، جاء إعلان جلالة الملك يوم 31 أكتوبر عيدا وطنيا جديدا بإسم “عيد الوحدة” ليخلد روح التضامن، والتلاحم، والتمسك بالوحدة الترابية، ويؤكد أن مسيرة المغرب لم تتوقف عند تحرير الأرض، بل تمتد اليوم إلى بناء الإنسان وتحقيق التنمية الشاملة.
إن المسيرة الخضراء التي حررت الأرض، تحولت اليوم إلى مسيرة تنموية ودبلوماسية تعزز المكانة الدولية للمغرب، وتبرز حكمة وتبصر القيادة الملكية في الدفاع عن السيادة الوطنية وبناء مغرب الغد، مغرب الوحدة والتقدم والإزدهار.
فالمسيرة لم تتوقف، بل تستمر بخطى واثقة نحو المستقبل، برؤية ملكية طموحة تجعل من الصحراء المغربية قاطرة للتنمية الإفريقية ومجالا للسلام والإستقرار في المنطقة.
الله – الوطن – الملك.

اترك رد