المغرب في مجموعة قوية ومتوازنة بمونديال 2026: بين واقعية التحدي وفرص العبور

أفرزت قرعة نهائيات كأس العالم 2026 مجموعةً تجمع المغرب بالبرازيل وإسكتلندا وهايتي، وهي تركيبة تحمل قدراً واضحاً من التحدي، لكنها في الوقت نفسه تتيح هامشاً واقعياً للمنافسة على أحد المراكز المؤهلة إلى الدور الموالي. فوجود منتخب بحجم البرازيل يمنح المجموعة وزناً تقليدياً من حيث القوة، بينما يمثل كل من إسكتلندا وهايتي خصمين من طبيعة مختلفة: الأول يستند إلى واقعية كرة بريطانية متينة، والثاني يُعد بوابة للحذر لا ينبغي فتحها على احتمالات مفاجئة. هكذا يجد المنتخب المغربي نفسه أمام مجموعة ليست سهلة بالمعنى التقليدي، لكنها أيضاً ليست مستحيلة، خصوصاً مع ما راكمه من خبرة وجرأة منذ إنجاز 2022.

وتعكس هذه التركيبة ملامح مسار يحتاج إلى تخطيط ذكي وإدارة دقيقة للمباريات. فالمغرب يدخل البطولة بثقة أكبر من ذي قبل، مستندا إلى دفاع صارم وتجانس تكتيكي وخبرة لاعبين اعتادوا الضغط العالمي. غير أن التحدي الأول يتجسد في ضرورة تحقيق انطلاقة قوية أمام البرازيل، لتفادي حسابات معقدة في الجولتين الثانية والثالثة. كما يفرض لقاء إسكتلندا أسلوباً متوازناً يجمع بين الانضباط والفاعلية، نظراً لطبيعة المنتخب الاسكتلندي الذي عاد إلى المونديال بدوافع كبيرة. أما مواجهة هايتي، فهي مباراة أمام منتخب قوي وناهض اقصى كوستاريكا من هذا المونديال، لتقيس هذه المواجهة مدى جاهزية “الأسود” لدخول اجواء التنافس الجاد نحو الأمام.

وإذا كان الضغط الجماهيري يشكل عنصراً حاضراً بقوة بعد الإنجاز التاريخي قبل أربع سنوات، فإن التعامل بالواقعية سيكون محركاً أساسياً لمسار المنتخب. فالمطلوب ليس تكرار إنجاز 2022 بقدر ما هو تأكيد مكانة المغرب ضمن القوى العالمية الجديدة في كرة القدم. ومع نظام التأهل الجديد الذي يسمح بعبور ثماني أفضل المنتخبات الثوالث، ترتفع فرص المغرب شريطة استثمار نقاط القوة وتجنب السقطات الذهنية. ففي مجموعة تجمع القوة والخبرة والطموح والمفاجأة، يملك “الأسود” فرصة حقيقية، شرط أن يتحركوا بثبات، وأن يحولوا ضغط التوقعات إلى طاقة إيجابية تدفعهم إلى الأمام.

وما يميز هذه المجموعة هي الصورة الدراماتيكية المختلفة في الذاكرة الكروية بين منتخب واجهه المغرب بانتصار عريض بثلاثة اهداف نظيفة أمام اسكتلندا بمونديال فرنسا 1998 وأخرى بهزيمة بالنتيجة ذاتها أمام البرازيل في المونديال ذاته، ولكن بغض النظر عن هذين المنتخبين فإن المتغير اليوم هو التموقع الجديد للمغرب الذي بات أحد اعمدة الكرة العالمية بفعل الانجازات والنجاحات المتوالية بدءا بالوصول الى دور نصف نهائي كأس العالم 2022 بقطر، مرورا بالظفر بالميدالية النحاسية بالألعاب الاولمبية الاخيرة بباريس، وانتهاء بالظفر بكأس العالم للشباب بالشيلي 2025.

اترك رد