المغرب لا يجزّئ الأوطان… ومن يروّج العكس يهرب من أزماته
بقلم: هشام بلحسين
في كل مرة يشتدّ فيها الضغط الداخلي على الجزائر يُفتح الملف ذاته ويُعاد إخراج الرواية نفسها: اتهام المغرب بأنّه يقف خلف كل اضطراب وكل توتّر، وها نحن اليوم أمام حلقة جديدة من هذا المسلسل المملّ، إذ سارعت بعض الأصوات في الجزائر إلى الربط بين المملكة وبين ما يُتداول حول إعلان حركة الماك “دولة القبائل” في الرابع عشر من دجنبر، وكأنّ المغرب مسؤول عن كل ما يتراكم في الجوار من أزمات سياسية واجتماعية.
غير أنّ هذه الادعاءات مهما رُفعت نبرتها أو تضخّم صداها في الإعلام لا تصمد أمام أبسط حقيقتين
الأولى أن المغرب لم يكن في تاريخه طرفاً في أي مشروع يهدد وحدة الدول.
والثانية أن الهروب إلى الأمام عبر صناعة خصم خارجي لم يعد يخدع أحداً
فالمملكة، التي بنت سياستها الإقليمية على مبادئ الاستقرار واحترام السيادة، لا تحتاج إلى زعزعة جيرانها ولا تسعى إلى ذلك. وهي تدرك تماماً أن وحدة المغرب العربي ليست شعاراً سياسياً، بل شرطاً وجودياً لشعوب المنطقة. ولذلك، يصبح من العبث أن تُرمى على المغرب تهمٌ جاهزة، هدفها الحقيقي ليس كشفاً للحقيقة، بل صرف الأنظار عن اختلالات داخلية
أما قضية القبائل، فهي شأنٌ داخلي جزائري خالص، جذوره تمتد لعقود وان اراد المغرب التدخل لدخل بوجه مكشوف
إنّ الخطاب الذي يستسهل اتهام المغرب لا يحمي الجزائر، بل يعرّض المنطقة كلّها لمزيد من سوء الفهم والتصعيد. فلا أحد يستفيد من صراع مفتعل، ولا من عداوات إعلامية تعيدنا سنوات إلى الوراء.
لقد أثبت الزمن أن المغرب ثابت في مواقفه، واضح في مبادئه: لا يجزّئ الأوطان، ولا يزرع الفتن، ولا يشارك في مؤامرات تُكتب على عجل في غرف متوترة. ومن يروّج غير ذلك، إنما يبحث عن مهرب من واقع داخلي صعب، ويستبدل مواجهة الحقيقة بروايات لا تزيد الوضع إلا تعقيداً.
إنّ المنطقة اليوم بحاجة إلى خطاب مسؤول، لا إلى المزيد من الخصومات. وبحاجة إلى شجاعة سياسية صادقة، لا إلى صناعة عدوّ يسهل اتهامه كلما ضاقت السبل.