اليد الممدودة من المغرب ملكا وشعبا.. تفشل الدعاية في صناعة العداء

بقلم: عمر المصادي

رغم التوتر السياسي المستمر بين المغرب والجزائر، يظل سؤال العلاقة بين الشعبين حاضرا بقوة في النقاش الإعلامي والسياسي: هل نجحت الدعاية الرسمية للنظام الجزائري في خلق قطيعة وعداء بين الشعب الجزائري والمغربي؟ أم أن المبادرات المغربية المتكررة، رسميا وشعبيا، حالت دون ذلك؟
خلال السنوات الأخيرة، تبنى النظام والإعلام الرسمي الجزائري خطابا تصعيديا تجاه المغرب، ركز على الخلافات السياسية وقدمها باعتبارها صراعا وجوديا، هذا الخطاب، الذي يعكس توجهات النظام العسكري الحاكم، سعى إلى ترسيخ صورة سلبية عن المغرب داخل الرأي العام الجزائري، مع إقصاء أي خطاب بديل يدعو إلى التهدئة أو الحوار.
في المقابل، اختار المغرب، ملكا وشعبا، نهجا مختلفا قائما على سياسة اليد الممدودة تجاه الجزائر، فقد أكد الملك محمد السادس، في أكثر من خطاب رسمي، على استعداد المغرب الدائم للحوار الصادق، وفتح صفحة جديدة من العلاقات الأخوية، والعمل المشترك لما فيه مصلحة الشعبين. هذه الرسائل لم تكن موجهة إلى السلطة فقط، بل إلى الشعب الجزائري الشقيق، في تعبير واضح عن التمييز بين الخلاف السياسي وروابط الأخوة بين الشعوب.
ولم تقتصر هذه اليد الممدودة على الخطاب الرسمي، بل تجسدت أيضا في مواقف الشعب المغربي، الذي ظل يعبر في مناسبات عديدة عن تضامنه مع الجزائريين، سواء خلال الأزمات، أو عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، حيث تتكرر الدعوات إلى الوحدة المغاربية ورفض الفتنة والعداء.
ويرى متابعون أن هذا النهج المغربي ساهم في إفشال محاولات خلق عداوة شعبية حقيقية، إذ بقي الوعي العام، خصوصا لدى فئات واسعة من الجزائريين والمغاربة، قائما على أن الخلاف سياسي بالأساس، ولا ينبغي أن يتحول إلى صراع بين شعبين تجمعهما روابط التاريخ والدين واللغة والمصير المشترك.
إضافة إلى ذلك، لم يقتصر فشل النظام العسكري الجزائري على عجزه عن صناعة عداوة حقيقية بين الشعبين، بل امتد ليشمل فشله في المساس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية أو زعزعة استقرارها، فرغم ما وظف من إمكانات مالية وسياسية وإعلامية ودبلوماسية لاستهداف قضية الصحراء المغربية، أثبتت الدبلوماسية الحكيمة التي يقودها الملك محمد السادس نصره الله قدرتها على تحصين الموقف الوطني، وتعزيز الإعتراف الدولي بعدالة القضية المغربية.
وفي الوقت الذي راهن فيه خصوم المغرب على خلق الأزمات، واصل المغرب مسيرته بثبات نحو التنمية الشاملة، مكرسا الإستقرار السياسي، والتقدم الإقتصادي، والمشاريع الكبرى، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بما يؤكد أن قوة الدولة تكمن في تماسكها الداخلي، ووضوح رؤيتها، وحكمة قيادتها.
وعلى الرغم من تأثير الخطاب الإعلامي الرسمي في توجيه جزء من الرأي العام، فإن الواقع يثبت أن الدعاية وحدها غير قادرة على محو حقائق الجغرافيا والتاريخ، فاستمرار التواصل الإنساني، والحنين المشترك لفكرة اتحاد المغرب العربي، يشكلان عامل توازن في مواجهة أي خطاب تصعيدي.
وفي الأخير يجب التأكيد على أن سياسة اليد الممدودة التي انتهجها المغرب، ملكا وشعبا، لعبت دورا محوريا في الحد من تأثير الدعاية الرسمية الجزائرية، وأكدت أن إرادة التقارب بين الشعوب أقوى من حسابات النظام العسكري الجزائري، فالعداء لا يمكن فرضه بالقوة، عندما تقابله دعوات صادقة للحوار والأخوة.

اترك رد