مهلا وزير الأوقاف! للمنبر اعتباره وللخطيب مكانته..

بقلم: عمر عداني

الله عز وجل أوجب علينا حضور يوم الجمعة، بل حرم علينا البيع والشراء عند النداء للصلاة في هذا اليوم الجليل، بل كل إنسان تخلف عليها توعده الله بالختم على قلبه، بل منعنا الله سبحانه وتعالى من الاشتغال بأي شيء غير سماع الخطبة، بل جعل الله من لمس الحصى لاغيا، واللاغي لاجمعة له.
فكل هذه الأشياء ما منعنا الله عن الاشتغال بها إلا لكون هذا الأمر عظيم وجليل، ولأن المنبر وسيلة موصلة لخطاب الشرع لعموم الناس،فإذا قام المنبر بدوره كما هو مطلوب منه ،فلا شك أن أثره ونتيجته ستنعكس على سلوك الفرد والمجتمع. فالمنبر ولله الحمد ،لم يكن في يوم من الأيام منفصل عن هموم المجتمع، بل على العكس من ذلك،فهو لقاء اسبوعي تعالج فيه مختلف القضايا سواء عقدية أو سلوكية أو أخلاقية أو فقهية….فالخطيب يخطب في الناس وخطبته تستهدف جميع الشرائح المجتمعية،فينصح الناس ويرشدهم،دون تدخل جهة من الجهات او سيطرة طرف من الأطراف.
فلما كان للمنبر هذا الدور الفعال وهذا الخير العميق ،أدرك أعداء الإسلام من العلمانيين وأنصارهم هذا الأمر جيدا، فسارعوا لتجفيف وبتر منبع الخير ومحاربة كل خطيب يقوم بواجبه…فبالنسبة لهؤلاء العلمانيين،حينما يتكلم الخطيب عن الربا تحريما، وعن بيع الخمر تجارة ، وعن صنوف الفساد جملة، يعتبرونه قد اقتحم العقبة، وخرج عن الخطوط الحمراء المسموح بها في العمل كخطيب وواعظ.
فحسب العقلية العلمانية، لايجوز في حقه أن يخوض في قضايا الشأن العام، ولا الدفاع عن الهوية الإسلامية، ولايجوز له أن يكشف المخططات،سواء عقديا او ثقافيا اوسلوكيا…فإذا حذر الخطيب من الربا وأبناكها، والعري على الشواطئ والشوارع والخمارات والمتاجر الكبرى المروجة لها ،والتي أصبحت منتشرة اليوم انتشار النار في الهشيم، دون مراعاة لدين البلد، ودون الإلتفات لسلبيات واخطار هذا المشروب على صحة وسلامة وأمن المجتمع..فإذا تكلم الخطيب أتهم بأنه يهدد الاقتصاد الوطني، والطامة الكبرى إذا تكلم الخطيب في المجال السياسي، فهو متجاسر ومقتحم لخطوط حمراء فويل له ! ثم ويل له ! فحينها يصبح هذا الخطيب أصوليا متطرفا يخدم الأحزاب الإسلامية، أو يتهم بأنه ممن يحمل برنامجا داعشيا يريد أسلمة كل شيء…اللهم إذا اذنت له الوزارة الموقرة بذلك، وعممت خطبة موحدة… فكل هذه الخلافات الدائرة بين العلماء وبين العلمانيين ،فهي ترجع إلى المرجعية التي يدين بها القوم، مرجعية يرفضون فيها العبودية لله تعالى، مرجعية بدون شريعة تؤطرها، مرجعية لا نهي فيها ولا أوامر.
فهذا هو السر وراء هجومهم على الإسلام وأهله، فغير بعيد علينا ما وقع للصحفي (حسن السرات ) حين جعل سبب طوفان تسونامي الذي ضرب أندونيسيا وغيرها من البلاد هو انتشار السياحة الجنسية.
ولا ننسى كذلك هجومهم على السيد المحترم (رضوان بنكيران)، الذي كان رئيسا للمجلس العلمي بالبيضاء، لا لشيء، إلا أنه تكلم في خطبته عن التبرج والعري على الشواطئ… ولا ننسى كذلك ما وقع للدكتور (الريسوني)، حين حرم التبضع من المتاجر التي تبيع الخمور … ولا ننسى ما وقع للدكتور الشيخ (رشيد نافع)، الذي كان خطيبا بحي الوحدة بالرباط،فمنع من خطبته لا لشيء، غير أنه تطاول على القبور والأضرحة كما يزعمون
فوالله كل هذه الأشياء، قد نجد لها أكثر من مبرر لحرب العلمانيين على العلماء والخطباء والوعاظ، لأن كل هؤلاء لهم مرجعية تخالف مرجعيتهم المادية،فهم في نظرهم طرف منافس ومضاد،يعتبر عائقا يمنعهم من تمرير قناعتهم وأفكارهم الفاسدة،فإذا كنا نجد لكل ذلك مبررات،فإننا لانجد مبررا لاستمرار وزير الأوقاف ووزارته الوصية،في سياسة إسقاط الخطباء والوعاظ الذين يبذلون جهدا كبيرا رغم إمكاناتهم الضعيفة، فلا أحد يرضى أن يهمش العلماء، ولا أن يهان الوعاظ، ولا أن يذل حاملوا كتاب الله ماديا ومعنويا، من طرف من؟؟ من طرف أناس جهلة اغمار بشريعة الرحمان، أو من أناس بعيدين كل البعد عن الشريعة الإسلامية.
فلا نقبل بمشروع وزير الأوقاف أحمد التوفيق الساعي إلى تحييد المنبر عن الصراع، وتجنب الشعبوية على حد تعبيره … ولا نقبل أن يمنع الواعظ والخطيب من الكلام عن فقه الواقع ونقده وتحليله… ولا نقبل أن يمنع الخطيب من تنزيل النصوص الشرعية على المستجدات العصرية
فيا وزير الأوقاف! المنبر له وظيفة حكومية، بل هي أمانة ومسؤولية، فلن يؤدي الخطيب دوره ولامهمته، إلا إذا كانت خطبته تعالج واقعنا شرعا، وهذا ماعليه السادة العلماء، فلن تكون الخطبة خطبة ياوزير، إلا إذا كانت مطابقة لواقع الحال، ملائمة لماتدعوا إليه الحاجة،فلن يكون النصح نافعا، إلا إذا نظر الخطيب إلى المنكرات الفاشية، والأمراض النفسية المنتشرة في الناس، مستحضرا ماجاء في الموضوع من كلام ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وأقوال سلفنا
فيا وزير الأوقاف! أعد للشأن الديني اعتباره، وأعد للخطيب والواعظ مكانته،وارفع جميع أنواع التحكم في موضوع الخطبة والوصاية على الخطيب.
فيا وزير الأوقاف! دافع عن العلماء والخطباء والوعاظ، وكن بالمرصاد للعلمانيين والانتهازيين، فبذلك وحده تسترجع الوزارة الثقة والمصداقية من عموم المواطنين، وإني لك من الناصحين.

اترك رد