في أعقاب الهزيمة التي مني بها المنتخب التونسي أمام نظيره المغربي بهدفين نظيفين في المباراة الودية التي جرت يوم أمس، بالملعب الكبير بفأس، لم يتأخر سامي الطرابلسي، مدرب “نسور قرطاج”، في تكرار التبرير القديم الذي صار أشبه بـ”الأسطوانة المشروخة”. فقد ألقى اللوم على وجود محترفين ولاعبي مواليد الخارج ضمن صفوف المنتخب المغربي، في محاولة لتقليل وطأة الهزيمة وإضعاف قيمة الخصم.
هذه الحجة التي ترددها الأطراف المختلفة في كرة القدم ليست بالجديدة، لكنها تثير سؤالاً بديهيًا وواضحًا: إذا كان وجود محترفي الخارج يجعل من المنتخب المغربي فريقًا قويًا ومؤثرًا، فما الذي يمنع الطرابلسي ومن ورائه الاتحاد التونسي لكرة القدم من استغلال نفس الفرصة؟ لماذا لا يتم التنقيب عن لاعبي الجاليات التونسية في أوروبا أو غيرها، ومناداة محترفي تونس بالخارج لتمثيل بلادهم في المنتخب الوطني؟
ربما يعزو البعض ذلك إلى قلة في عدد المحترفين الذين يختارون تمثيل تونس، أو ربما يرفض بعض اللاعبين ذلك لأسباب شخصية أو مهنية. لكن من الناحية التنظيمية والإدارية، فإن نجاح أي منتخب في الوقت الحاضر لا يمكن فصله عن قدرته على استقطاب مواهبه خارج حدود الوطن، وهو ما يظهر بوضوح في حالة المغرب الذي أسس لسياسة ناجحة قائمة على دمج محترفي الخارج مع لاعبي الداخل لتشكيل فريق متكامل.
يبقى السؤال الأهم: هل لدى الاتحاد التونسي كرة القدم تصور واضح، أو استراتيجية فعالة، أو حتى القدرة على التواصل مع محترفيه في الخارج؟ وهل هناك إرادة حقيقية في اقتناص الفرصة وتفعيل هذه الموارد البشرية؟ أم أن الأمر يقتصر على تبريرات تقليدية لتبرير الهزائم والبحث عن مبررات خارجية بدل تطوير الأداء من الداخل والخارج؟
هذه القضايا هي مسؤولية الاتحاد التونسي، وهي شأن داخلي يعكس مدى تطور كرة القدم التونسية ومدى قدرتها على مواكبة المعطيات الحديثة التي تفرضها المنافسة الدولية. أما تكرار الحديث عن مواليد الخارج في صفوف المنتخب المغربي، فهو مجرد محاولة للتهرب من الحقيقة، وتقليل قيمة الإنجازات التي يحققها أسود الأطلس بجهود مشتركة تجمع بين لاعبي الداخل والخارج، في نموذج يحتذى به.
في نهاية المطاف، كرة القدم رياضة عقلانية واستراتيجية، تحتاج إلى تخطيط بعيد المدى، استثمار في المواهب، وفتح آفاق التعاون مع محترفي الخارج. ولا يكفي ترديد التبريرات دون العمل الجاد والمستمر لبناء فريق قادر على المنافسة بفعالية وشرف.