تم، اليوم السبت بدار السلام بتنزانيا، تسليط الضوء على الدور الفاعل للمملكة المغربية داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لإنشاء هذه الهيئة التقريرية الدائمة داخل المنظمة الإفريقية.
وأكد السفير الممثل الدائم للمملكة لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا، محمد عروشي، خلال الندوة رفيعة المستوى لتخليد هذه الذكرى السنوية، أن المغرب، القوي بخبرته والمدرك لحجم الرهانات الأمنية بإفريقيا، لن يدخر جهدا، بالتنسيق مع الدول الأعضاء في مجلس السلم والأمن، للمساهمة في إرساء أسس جديدة ومتينة ودائمة لصالح إفريقيا مستقرة ومزدهرة ومتضامنة.
وشدد السيد عروشي، الذي يترأس الوفد المغربي، المكون على الخصوص من سفير المغرب لدى جمهورية تنزانيا المتحدة وجمهورية القمر المتحدة، زكرياء الكوميري، أنه منذ انضمام المملكة إلى مجلس السلم والأمن، أحرزت هذه الهيئة تقدما ملحوظا، على مستوى إنجازاتها خلال 20 سنة من وجودها.
وأشار الدبلوماسي المغربي على الخصوص إلى مواكبة بلدان تمر بفترات أزمة أو عدم استقرار، والعديد من البلدان في إجراء عملياتها الانتخابية من أجل ضمان شفافيتها وتعزيز الحكامة السياسية.
وأضاف أنه في جميع حالات النزاع والأزمات في إفريقيا، اتخذ مجلس السلم والأمن، من خلال مختلف قراراته وإعلاناته، تدابير سياسية وعملية لمواجهة التحديات، مبرز أن الهندسة الإفريقية للسلم والأمن والهندسة الإفريقية للحكامة بنيتان لتمكين المجلس من أداء دوره بالشكل الأمثل.
وأبرز أن انتخاب المملكة، بعد ست سنوات من عودتها إلى أسرتها المؤسسية، لولايتين متتاليتين، لمدة سنتين ثم ثلاث سنوات على التوالي (2018-2020 ثم 2022-2025)، لعضوية مجلس السلم والأمن، يعكس الثقة والمصداقية والتقدير والاعتراف الذي تحظى به الرؤية الإفريقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وكذا العمل المنجز تحت قيادة جلالته، لتمكين إفريقيا من الإيمان بإمكانياتها وبناء مستقبل واعد.
وأضاف السيد عروشي أنها تشهد أيضا على الخبرة المغربية المعترف بها بالإجماع، في إفريقيا وفي جميع أنحاء العالم، في تعزيز السلم والاستقرار، وتمثل تعزيزا لجهودها الرامية إلى المساهمة، بشكل بناء وإيجابي، في تحقيق الأمن في إفريقيا، موضحا أن هاتين الولايتين تشكلان أيضا تتويجا للتدابير المتخدة من قبل المغرب منذ عودته إلى المنظمة الإفريقية.
وأشار إلى أن الأمر يتعلق باعتراف بالدور الفاعل للمملكة، ومبادراتها الموثوقة والمتضامنة من أجل استقرار إفريقيا ورفاهية المواطن الإفريقي.
وأبرز أن المملكة دعت على الدوام إلى إرساء السلم والأمن في إفريقيا، وهو هدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الاستقرار السياسي، واحترام مبادئ عدم التدخل، وسيادة الدول ووحدتها الترابية، وحسن الجوار، فضلا عن ترسيخ دولة القانون في إفريقيا.
وأضاف السيد عروشي أن المغرب، ومنذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي، وخلال ولايتيه داخل مجلس السلم والأمن، ملتزم التزاما راسخا بهذه الممارسة لتعزيز الحكامة الإدارية والمالية للمجلس فضلا عن مصداقية العملية البيحكومية بهدف ضمان انخراط جماعي في قراراته.
وأشار إلى أن مصداقية التزام وعمل المغرب تبرز من خلال مساهمته الكبيرة والدؤوبة والتي لا رجعة فيها في “صندوق السلام” التابع للاتحاد الإفريقي، مضيفا أن المملكة لعبت دورا حاسما كضامن للاستقرار في إفريقيا وخارجها، بفضل مشاركتها النشطة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ومواكبتها للدول الإفريقية على المستويات السياسية وجهودها لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وخطاب الكراهية، من خلال دعم الدول الإفريقية الشقيقة في مجال الأمن الروحي.
وأضاف أن المغرب تقاسم مع مجلس السلم والأمن، وكذلك مع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، خبرته الواسعة في مجالات تسوية النزاعات وتعزيز السلم، والأمن الغذائي والأمن البيئي والتنمية المستدامة والعمليات الإنسانية، موضحا أن بصمة المغرب حاضرة في مختلف مخرجات هذه الهيئة التقريرية الهامة التابعة للاتحاد الإفريقي.
وأشار السيد عروشي، إلى أن المغرب، الذي يدرك أن المقاربة الأمنية الصرفة قد بلغت مداها، يدعو إلى اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد تقوم على الارتباط بين السلم والأمن والتنمية، مذكرا بتنظيم أول مؤتمر سياسي للاتحاد الإفريقي حول موضوع “تعزيز الارتباط بين السلم والأمن والتنمية” في طنجة في أكتوبر 2022، والذي توج بإعلان طنجة، الذي اعتمدته قمة الاتحاد الإفريقي في فبراير 2023.
علاوة على ذلك، يضيف السيد عروشي، فإن المبادرة الدولية لجلالة الملك لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، تظهر التزام المغرب بمقاربة وقائية وواقعية ومتعددة الأبعاد للسلم في إفريقيا، مع التركيز بشكل خاص على المناطق الأكثر تأثرا بعدم الاستقرار، وتسليط الضوء على على ضرورة الاندماج الإقليمي وعملية التنمية المستدامة.
كما ذكر بتنظيم المغرب سنويا، منذ عام 2022، لدورة تكوينية متخصصة لفائدة ملاحظي الانتخابات بالاتحاد الإفريقي، مبرزا أن هذه المبادرة تؤكد التزام المغرب بضمان نجاح العمليات الانتخابية في إفريقيا وتعزيز الديمقراطية في القارة.
وأشار إلى أن المغرب أدخل موضوع العدالة الانتقالية ضمن المواضيع التي تهم مجلس السلم والأمن، نظرا لتجربته الوطنية، التي تظل نموذجا معترفا به في هذا المجال، مذكرا بأن المملكة دعت باستمرار إلى مقاربة شمولية وتعددية، تجمع بين المكافحة والوقاية لمواجهة آفة تجنيد والاستخدام الإجرامي للجنود الأطفال.
كما دعا المغرب إلى إدراج الأمن الصحي ضمن المواضيع الأساسية لمجلس السلم والأمن، نظرا لارتباطه بالسلم والاستقرار في البلدان الإفريقية، واتخذ مبادرات هامة في مجال الأمن البحري، لا سيما من خلال دفع مجلس السلم والأمن إلى الاعتراف بدوره الرائد في تطوير المشاريع المتمحورة حول منطقة المحيط الأطلسي، لاسيما عملية الدول الإفريقية الأطلسية (عملية الرباط)، التي تدعو إلى تعزيز روابط التعاون والتكامل بين البلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، لتعزيز السلم والاستقرار والرخاء المشترك في المنطقة.
وأبرز السيد عروشي أن المملكة المغربية التزمت، بكل مسؤولية، في إطار مجلس السلم والأمن، بتعزيز أجندة الأمم المتحدة “المرأة والسلام والأمن”، وسخرت في هذ الصدد كل الجهود والوسائل لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325.
وشدد على أن المغرب بذل جهودا دبلوماسية كبيرة في الوساطة في النزاعات الإقليمية، مؤكدا دوره كميسر ومعزز للسلام، دعما لولاية مجلس السلم والأمن.
وأضاف الدبلوماسي المغربي أن المملكة دعت، في هذا الإطار المؤسسي الإفريقي، إلى تعزيز دور التعليم والشباب في الحفاظ على السلم والأمن بإفريقيا والوقاية من النزاعات.
وتنعقد هذه الندوة رفيعة المستوى للذكرى العشرين لإحداث مجلس السلم والأمن تحت شعار “20 عاما لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي كهيئة دائمة لصنع القرار: العقدان المقبلان من السلام والأمن اللذين نريدهما”.
وتعد هذه الذكرى السنوية ال20 مناسبة لإجراء تفكير جماعي داخل مجلس السلم والأمن بهدف تقييم فعالية هذه الهيئة فيما يتعلق بولايتها (تدبير وتسوية والوقاية من النزاعات).