تفاوت صارخ في اشتراكات التغطية الصحية بالمغرب: هل يعقل أن يدفع رئيس الحكومة والوزراء ومدراء مؤسسات عمومية اشتراك 400 درهم كحد أقصى

بقلم: عبدالواحد زيات

من غير المقبول أن يستفيد كبار المسؤولين في الدولة، من رئيس الحكومة إلى الوزراء والمديرين العامين، من نظام التغطية الصحية الإجبارية باشتراكات أقل و التي لا تناسب وحجم الأجور والتعويضات الكبيرة التي يتقاضونها في مفارقة عجيبة مع الموظفين والمستخدمين الذي لهم سلم 10 او 11 والذين يؤدون نفس الاشتراكات التي يؤديه رئيس الحكومة والوزراء والمدراء العامون للمؤسسات عمومية كبرى، وأشخاص في مناصب عليا في عدة مؤسسات، وحتى أقل من بعض المهنيين أوالأشخاص القادرين على الأداء والذين ليسوا قادرين على الاداء وتم إجبار حالات كثيرة على الأداء للاستفادة من خدمات الصندوق الوطني لضمان الاجتماعي. هذا الوضع يثير تساؤلات حول العدالة الاجتماعية والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية.

في الوقت الذي يدفع فيه الموظفون والمهنيون اشتراكات تأمين صحي تفوق ما يؤديه الوزراء، يتمتع هؤلاء المسؤولون بتسقيف اشتراكاتهم في 400 درهم، وهو مبلغ زهيد مقارنة مع دخولهم وامتيازاتهم. هذا التسقيف يشكل هدية غير مستحقة وامتيازا لا يتناسب مع الدور الاجتماعي للدولة ومع شعارات الحكومة حول الحماية الاجتماعية، بما يجعل أعضاء الحكومة يستفيدون من حماية اجتماعية صحية نظير اشتراك زهيد.

عمدت الحكومة على تضيق شروط الاستفادة من التغطية الصحية الإجبارية على فئات عريضة من المجتمع خاصة من هم في طبقة هشة عبر إقرار مؤشرات مجحفة ومراقبة تعبئة الهواتف التي تجعل المؤشر يتغير بقدرة قادر، وهذه الشروط لم تسقطها الحكومة على أعضاءها ولا على مدراء المؤسسات العمومية وغيرها ممن يتقاضون أجور كبيرة بالملايين.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتعداه إلى تضييق حق الاستفادة من التغطية الصحية الإجبارية من خلال معايير وشروط إقصائية. هذه المعايير تحرم العديد من الفئات الهشة من التغطية الصحية، ككبار السن والأرامل والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم. هذه الفئات تجد نفسها خارج النظام الصحي، رغم حاجتها الماسة للتغطية والرعاية.

إن تسقيف اشتراكات المسؤولين في 400 درهم في القطاع العام، في مقابل حرمان فئات واسعة من المجتمع من التغطية الصحية، يشكل اختلالا صارخا في نظام التغطية الصحية الإجبارية.

إن إلغاء شرط تسقيف الاشتراك في 400 درهم للوزراء ومدراء المؤسسات العمومية وأصحاب المناصب العليا ينبغي أن يكون
مبني على قيمة الأجر وليس تسقيف الاشتراك الذي يعد هدية غير مستحقة والإبقاء عليها يضرب العدالة الصحية، حيث كان من المفروض على الحكومة توسيع قاعدة المستفيدين من التغطية الصحية لتشمل الفئات الهشة وبإلغاء الشروط المجحفة المبنية على مؤشرات غابت عن تفصيلها على أعضاء الحكومة، وهذا مطلب ملح لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحصول على الخدمات الصحية.

اترك رد