من طنجة إلى الكويرة رحلة دبلوماسية موازية للنادي الملكي للدراجات النارية

بالواضح – عادل شفيق

في مبادرة تعانق فيها الذاكرة الوطنية نبض الحداثة، يتهيأ النادي الملكي للدراجات النارية لإطلاق “طواف المسيرة الخضراء في ذكراها الخمسين”، طواف يمتد من طنجة إلى الكويرة ، تحت الرعاية الملكية السامية، ليعيد إلى الواجهة ملحمة خالدة طبعت تاريخ المغرب، ويرسّخ قيم الوفاء للوطن والوحدة التي ما زالت تنبض في وجدان كل مغربي.

يأتي هذا الطواف كمشروع يجمع بين الرياضة والدبلوماسية الموازية إذ يطمح منظموه إلى جعل الطريق من طنجة إلى الكويرة فضاءً مفتوحاً للتلاقي الإنساني والتواصل الثقافي، ورسالة سلام تعبّر عن روح المغرب المنفتحة والمتسامحة. فالرياضة هنا تتحول إلى لغة عالمية تُترجم معاني الأخوة والتقارب بين الشعوب بعيداً عن التنافس، لتصبح أداة لبناء الجسور لا الحواجز.

وقد راكم النادي الملكي للدراجات النارية تجربة متميزة في هذا المجال، حيث جعل من جولاته الدولية وسيلة للتعريف بالمغرب وثقافته، مقدماً نموذجاً فريداً لما يمكن أن تحققه الدبلوماسية الرياضية من أثر في تعزيز صورة الوطن في الخارج. فمن إفريقيا إلى أوروبا، ومن أمريكا إلى بلدان الخليج، حمل الدراجون المغاربة ألوان بلدهم بكل فخر، مؤكدين أن الرياضة يمكن أن تكون فعلاً رسالة حضارية بامتياز.

وتأتي الرعاية الملكية السامية لهذا الحدث لتجسّد الرؤية الملكية الثاقبة التي تؤمن بدور الرياضة في خدمة التنمية والدبلوماسية، وفي ترسيخ إشعاع المغرب كبلد يوازن بين ماضيه المشرق وتطلعاته الحديثة. إنها تأكيد جديد على أن العمل الرياضي يمكن أن يحمل في طياته بعداً وطنياً وإنسانياً عميقاً، يعكس وجه المغرب الواثق والمزدهر.

بين الصورة البارزة والعنوان

وسيشارك في هذا الطواف عدد من الفرق والدراجين من مختلف أنحاء العالم، مما سيمنحه طابعاً دولياً فريداً، ويحوّله إلى ملتقى للتنوع الثقافي والتفاعل الإنساني. هؤلاء الرياضيون، القادمون من أوروبا والأمريكيتين والعالم العربي وإفريقيا، بمتابة سفراء غير رسميين لقيم الصداقة والسلام، وسيكتشفون عن قرب ما يميّز المغرب من تلاحم حضاري وتنوع غنيّ في الموروث والهوية.

وفي تعليق على هذه المبادرة، ثمّن رئيس منتدى الدبلوماسية الموازية هذا المشروع، معتبراً إياه تجربة مبتكرة توظّف الرياضة لخدمة الحوار بين الشعوب، وتجعل من الحركة على الطريق جسراً للتفاهم والتقارب، لا مجرد مغامرة رياضية.

ويكتسب المسار الذي يسلكه الطواف رمزية خاصة، إذ يستعيد روح المسيرة الخضراء المجيدة، ويُذكّر العالم بمعاني الوحدة الوطنية والتلاحم بين العرش والشعب. كما يمثّل رسالة متجددة للعالم تؤكد تمسّك المغرب بوحدته الترابية وبأقاليمه الجنوبية، وتجسّد انخراطه الدائم في مسيرة البناء والتجديد.

إن “طواف الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء” لا يقتصر على كونه احتفالاً بذكرى وطنية، بل هو مشروع وطني إنساني الطابع يرسم صورة لمغرب يتحرك بثقة نحو المستقبل، مؤمناً بأن الرياضة يمكن أن تكون وسيلة للتواصل والسلام، وأداة دبلوماسية تفتح الآفاق أمام علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر.

ومن خلال هذه المبادرة، يواصل النادي الملكي للدراجات النارية ترسيخ مكانته كفاعل وطني مؤثر في مجال الدبلوماسية الموازية، ماضياً في نهج يجمع بين الشغف الرياضي والالتزام الوطني، ومعبّراً عن المغرب في أبهى صوره: بلداً متجذراً في تاريخه، منفتحاً على العالم، ومؤمناً بقوة الوحدة والعمل المشترك.

اترك رد