هل تنازلت الجزائر عن “جزيرة الماعز” لاسبانيا مقابل إبراهيم غالي ومضايقة المغرب

بالواضح - محمد الضاوي/ إسبانيا

شهدت العلاقة الثنائية بين المغرب واسبانيا في الآونة الأخيرا توثرات كبيرة، زادت حدتها مع استقبال الجارة الشمالية لزعيم البوليساريو بهوية جزائرية مزورة تحت ذريعة الواجب الإنساني، بتوافق مع الجزائر التي حصلت على ضمانات من حكومة بيدرو سانشيز بعدم تفعيل المتابعة القضائية ضد ابراهيم غالي، المتهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والقتل والتعذيب والاختفاء ضد السكان الصحراويين المنشقين عنه واغتصاب القاصرات.
لكن، وبحسب عُرف المصالح الذي يميز علاقة كل دولة مع أخرى، يجب طرح عدة احتمالات حول الثمن الذي ستجنيه إسبانيا مقابل هذا التواطؤ مع التزوير، وكذا التنازلات التي قدمتها الجزائر، وهنا سنتطرق إلى أحد الاحتمالات التي تبقى خفية وغير مطروحة على العلن.
لقد وقعت الجزائر مرسومين في مارس وأبريل 2018، اللذين حددا معالم جديدة للحدود البحرية الجزائرية في إطار ما يعرف بالمنطقة الاقتصادية الخالصة، التي وصلت إلى مشارف سردينيا الإيطالية وجزر الباليار الإسبانية Islas Baleares حيث ضمت الإحداثيات جزيرة لاكابريا La Cabrera “جزيرة الماعز” التي تستغلها إسبانيا لأغراض سياحية من خلال المحميات الطبيعية ، على الرغم من كون هذا الملف بقي طي الكتمان بعيداً من تداول وسائل الإعلام في حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، علماً أنه هو من وقع المرسومين السالفي الذكر، فإن روما وفي حركات محتشمة قدمت شكوى إلى الطرف الجزائري وأخرى إلى الأمم المتحدة في نونبر من نفس العام. إلا أن إسبانيا ظلت غير متفقة مع الجزائر بشأن ترسيم الحدود البحرية للبلدين في البحر الأبيض المتوسط ، فأثارت القضية بشكل قوي خلال العام الجاري ، محاولة الضغط على الجزائر ، خصوصا لما دعا بيسينس بيدال Bissens Vidal السيناتور اليساري الإسباني، عن تكتل “ميس” في جزر “بالما دي مايوركا” وزيرة الخارجية أرانتشا غونزاليس لايا “بالدفاع عن المياه الإقليمية للحظيرة الوطنية لـ “كابريرا” ضد تدخل الجزائر” في بيان صحفي صادر عن تكتله “ميس”.

تقع الجزيرة على بعد 256 كلم عن العاصمة الجزائرية و10 كيلومترات عن جزيرة مايوركا الإسبانية ، وبحسب مصادر إعلامية إن أعماق مياه جزيرة “كابريرا” تتوفر على احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي، مما يرشح المنطقة إلى التعرض لتوترات وعواصف شبيهة بما يجري في شرق المتوسط منذ أشهر ،خصوصا أن إسبانيا تستورد حوالي نصف استهلاكها من الغاز الجزائري. إلا أن الجزائر وسعيا منها إلى مضايقة المغرب بادرت بمغازلة إسبانيا التي لم تستفق بعد من صدمة ترسيم المغرب لحدوده البحرية ومنطقته الاقتصادية الخالصة في الأقاليم الجنوبية بمحاذاة جزر الكناري ، حيث صرح صبري بوقادوم وزير الخارجية للصحافة عقب لقائه بنظيرته الإسبانية أن الجزائر ليس لديها مشكلة في تحديد الحدود البحرية بينها وبين إسبانيا ، كما تسعى إلى التفاوض في المستقبل بشأن أي تداخل للمناطق البحرية التابعة للبلدين ، وقال “لا تريد الجزائر أن تأخذ أي منطقة، لا كابريرا ولا إبيزا، تريد فقط الحوار والشراكة مع إسبانيا” . بهذا التصريح تكون الجزائر متخلية تماما عما ورد في مرسومي بوتفليقة ، مقدمة تنازلا من ذهب لإسبانيا التي لم تستطع فك الحصار الاقتصادي المضروب على مدينتي سبتة ومليلية بسبب إغلاق المغرب للحدود البرية منذ ظهور الجائحة، وفي ذات الوقت فإن مدريد تعي جيدا أن حل مشكل الصحراء المغربية سيليه طرح المغرب لقضيتي سبتة ومليلية على طاوبة المفاوضات بشكل مباشر ، فكان لزاما عليها الرضوخ لتنازلات ومطالب الجزائر التي هي الأخرى تسعى إلى مد يدها على الصحراء المغربية بتسخير المرتزقة، وهنا تلتقي مصالح البلدين على حساب المغرب حيث استفادت الجزائر من ضمانات إسبانية بعدم تفعيل المسطرة القضائية ضد غالي في حين ضمنت أسبانيا الصمت الجزائري والطي النهائي لملف جزيرة الماعز الجزائرية، وضمها تحت السيادة الإسبانية، ومنه تنجح الجزائر مؤقتا في خلق أزمة بين المغرب وإسبانيا بحكم المصالح الخاضعة للتغيرات الإقليمية والدولية.

اترك رد