أمميا.. المغرب ينتصر حقوقيا

بالواضح - خاص

يبدو أن المملكة المغربية شرعت في قطف الثمار الحقوقية الناجمة عن حراكات اجتماعية وسياسية منذ القرن الماضي، إذ أن المملكة كانت من البلدان الأوائل عربيا وإفريقيا التي عرفت دينامية مجتمعية أنجبت هياكل حقوقية على شكل منظمات وجمعيات لحقوق الإنسان عرفت بصراعها مع الدولة من أجل انتزاع الحقوق، كما عرف الحقل النقابي حضورا لافتا استهدف بالخصوص الحقوق المادية والمعنوية للعمال.

في هذه الدينامية المعروفة بالصراع والشدّ والجذب أفرزت مناضلين حقوقيين مثّلوا الريادة في تفعيل مضامين الإعلان الأممي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، حيث تصدر اليسار المغربي في وقت من الأوقات الجانب الحقوقي في أوراقه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حتى إن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية لحقوق الإنسان ارتبطت ارتباطا عضويا بأحزاب سياسية بعينها فغدت الدرع الحقوقي للترافع السياسي خاصة داخل قبة البرلمان.

إن هذا التراكم إلى جانب ما تبديه المنظمات الدولية من ملاحظات، جعل الدولة تنخرط في هذا المسار الحقوقي عبر وزارة لحقوق الإنسان ضمن الهيكلات الحكومية خاصة في تسعينات القرن الماضي، التي عرفت كذلك مجلسا استشاريا لحقوق الإنسان، والذي تحول فيما بعد إلى مجلس وطني لحقوق الإنسان، الذي أصبح هيأة دستورية وتقريرية مع المندوب الوزاري لحقوق الإنسان الذي يلعب دورا طلائعيا في السياسات الحكومية المرتبطة بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، كما أنه يواكب التقارير الحقوقية داخليا وخارجيا في تدافع صريح مع السلطة المضادة التي يمثلها المجتمع المدني والتي أكد على ضرورتها عاهل البلاد في خطاب رسمي ضمانا لتوازن السلط، فكان من نتائج كل هذا ما نعيشه اليوم من تقدير عالمي بوّأنا مكانة أممية عن جدارة واستحقاق، اعترافا بهذا المسار الطويل للمملكة في مجال حقوق الإنسان.

لقد عاشت الأسرة الحقوقية هذا اليوم بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عرسا حقوقيا قلّ نظيره على مستوى دول العالم الصاعد والنامي خاصة البلدان العربية والإفريقية، ذلك أن المملكة انتُخِبت رئيسا لهذا المجلس الأممي بثلاثين صوتا مقابل سبع عشرة لجنوب إفريقيا.

إن هذه الحظوة الدولية لم تأت من فراغ بل ما هي إلا صدى لتاريخ مجيد ميّز حقوق الإنسان ببلادنا رغم ما قدمه من ضحايا في سبيل هذه الحقوق، إلا أنه استطاع الخروج منتصرا كما يواصل انتصاراته اليوم في الحرب على الفساد السياسي والاقتصادي الذي يطفو بين الفينة والأخرى هنا وهناك، كباقي المجتمعات المتحضرة، وذلك بمحاكمات عادلة ومراقبتها متاح لكل الحقوقيين كمراقبين وملاحظين على شكل أفراد وهيئات حسب ما يمليه القانون.

اترك رد